أخبار محلية
حضور خجول للأكاديميات بجامعة إقليم سبأ
تعمل "سبأ عبدالله" بقسم اللغات في جامعة "إقليم سبأ" بمحافظة مأرب، شمال شرق اليمن، منذ عام 2019، بنظام التعاقد، وتأمل الحصول على درجة وظيفية رسمية لتكون واحدة من فريق التدريس في الجامعة. ومثل "سبأ" العشرات من المؤهلات يتطلعنّ للعمل ضمن الكادر الأكاديمي بالجامعة.
في ذات العام تم تعيين الدكتورة "بدور الماوري" نائبةً لرئيس الجامعة للشؤون الأكاديمية، ما اعتبره كثيرون مؤشرًا إيجابيًا يعكس إدراك قيادة الجامعة لأهمية دور المرأة في العملية التعليمية.
لكن وبعد 9 أعوام على تأسيس الجامعة مايزال حضور المرأة نسبي مقارنةً بالحضور الطاغي للأكاديميين الرجال.. فهل غابت المرأة أم تم تغييبها؟.
تأسست جامعة "سبأ" عام 2016، وحققت نجاحات ملموسة في البنية التحتية، واستوعبت أكثر من عشرة ألف طالب وطالبة في 7 كليات علمية وأدبية، وفي أبريل/نيسان2021 شهدت الجامعة أول مناقشة علنية على الإطلاق لرسالة ماجستير.
الحاضر الغائب
ورغم تقدم المرأة تعليميًا ونجاحها في العمل الأكاديمي والمناصب القيادية، إلا أن ثمة عوامل ماتزال تؤثر بشكل واسع على فرص مشاركة المرأة في التدريس.
تقول الخريجة إيمان محمد، 39 عامًا، إنها لم تستطع الحصول على فرصة للتدريس في الجامعة رغم امتلاكها كل المؤهلات. وبرغم تقديم ملفها أكثر من مرة، إلا أنه يتم اختيار زملائها الأكاديميين من الذكور دون أن توضيح الأسباب. ومع ذلك، لا يزال لديها أمل في الحصول على فرصة في المرات القادمة.
وتشير إحصاءات إدارة الشؤون الاكاديمية بالجامعة إلى وجود 228 دكتور وأستاذ أكاديمي، فيما يقتصر حضور المرأة على 38 مُدرِّسة بنظام التعاقد، باستثناء دكتورتين موظفتين رسميًا؛ ما يعكس التهميش الواضح للمرأة.
خريج قسم الإعلام من الجامعة، أركان محمد، قال لمنصة هودج إن القسم يعاني أيضًا من نقص في الأكاديميات، مشيرًا إلى أن طلاب الإعلام أكثر انفتاحًا وتقبلًا لوجود المرأة في قاعات الجامعة.
وأضاف محمد: "وجود المرأة في الجامعة يعزز من تحقيق المساواة بين الجنسين، ويوفر لها نفس الفرص التي تتاح للرجل، مما يؤدي إلى تعزيز الحقوق وتكافؤ الفرص."
ويعتقد البعض أن حضور المرأة أكاديميًا في الجامعة، يسهم في إثراء العملية التعليمية، ويُمثل نموذجًا يُحتذى به للطالبات، خاصة في المجالات العلمية والتقنية، وتشجيعهنّ على تحقيق طموحاتهنّ.
أسباب الغياب
أرجع أكاديميون وطلاب بجامعة إقليم سبأ أسباب قلة وجود الكادر النسائي في هيئة التدريس إلى مجموعة من العوامل المتداخلة. فمن ناحية، تعاني الجامعة من نقص في الكوادر النسائية المؤهلة في مختلف التخصصات.
ومن ناحية أخرى، تلعب العوامل الاجتماعية ودورها التقليدي للمرأة، بالإضافة إلى ضعف التأهيل الأكاديمي لبعض النساء، دورًا في تقليل فرصهن في الانضمام إلى الهيئة التدريسية. كما أن قلة العروض التنافسية لاستقطاب أكاديميات مؤهلات من المحافظات الأخرى يشكل تحديًا إضافيًا.
وتعود أستاذة اللغة الانجليزية، سبأ عبدالله، للحديث عن أن وجود المرأة في هيئة التدريس يسهم في تحسين جودة التعليم، وتحقيق التوازن بين الجنسين في المؤسسات التعليمية، مما يخلق بيئة تعليمية أكثر عدالة.
وأشارت في حديثها لمنصة هودج إلى أن ضعف تواجد الكادر النسائي بالجامعة يعود لعدة أسباب منها العامل الاجتماعي بمحافظة مثل مأرب، التي ما تزال تعاني من تسلط الثقافة الذكورية، وندرة الفرص أمام المرأة. إضافة إلى ضعف التأهيل العلمي، والعائد المادي الضئيل.
وأوضحت أيضًا أن طلاب الجامعة والمجتمع أصبحوا اليوم يتقبلون التعليم من المرأة الأكاديمية، مقارنةً بالوضع قبل عشر سنوات، ووصفت هذا التطور بأنه "إيجابي".
كما ودعت سبأ عبدالله إدارة الجامعة بتذليل الصعاب أمام طالبات الدراسات العليا، وتشجيع المرأة على اقتحام التخصصات العلمية، والاستفادة من الكوادر النسائية المؤهلة النازحة إلى مأرب منذ أعوام.
مازلنا في البدايات
من جانبه، يرى أستاذ قسم الإعلام بالجامعة، الدكتور يحيى الأحمدي، أن هناك منافسة وحضور للمرأة بمختلف التخصصات الجامعية، سواء في التدريس والإدارة وكل المرافق الجامعية، مشيرًا إلى أن بعض النساء حصلن على منح ابتعاث داخلية وخارجية.
وفي حديثه لمنصة هودج، أكد الأحمدي أن الجامعة تدرك أهمية دور المرأة، معتبرا أن نسبة حضورها في الوقت الحالي نسبة طبيعية بحكم أن الجامعة في بدايات انطلاقتها.
تأهيل الأكاديميات
من جهته، أوضح مسؤول الشؤون الأكاديمية برئاسة الجامعة، عبدالوهاب العباب، أن الجامعة تبحث عن الأكاديميات المؤهلات في مجال الطب، الهندسة، والتخصصات التطبيقية، في حين أشار إلى هناك تكدسًا في مجال اللغات، العلوم الاسلامية، والإدارية.
وأضاف لمنصة هودج أن الجامعة تشجع وتدعم عملية تأهيل المرأة، مبينًا أن هناك ابتعاث طالبات للدراسات العليا في المغرب، الهند، ومصر، وغيرها من الدول.
مشيرًا إلى أن الجامعة تعمل على تأهيل 12 معيدة للحصول على الماجستير، وثلاث طالبات يتم تأهيلهنّ ليحصلنّ على شهادة الدكتوراه في تخصصات مختلفة.
المرأة في الدراسات العليا
مطلع آيلول/سبتمبر 2024 دشنت جامعة إقليم سبأ اختبارات المفاضلة لقبول الدفعة الأولى في دراسات الدكتوراه، والدفعة السادسة للماجستير، ما اعتبره أكاديميون نقلةً نوعية للجامعة حديثة النشأة.
وقد أكد نائب رئيس الجامعة للدراسات العليا، الدكتور حسين الموساي، على مشاركة لافتة للطالبات في هذه البرامج، حيث يشكلن نسبة 30% من إجمالي الطلبة المسجلين. وأوضح أن الجامعة توفر بيئة تعليمية داعمة للجميع، وتتيح للطالبات فرصة متساوية في التنافس على المقاعد الدراسية."