تقارير
المرأة النازحة.. حضور طاغٍ في التنمية بمأرب
منذ أكثر من عامين، تُدير "سمية عبدالله" (36 عامًا) قطاع المرأة في الوحدة التنفيذية الخاصة، وتُشرف على أكثر من مائتي مخيم للنازحين في محافظة مأرب (شمال شرق اليمن).
نزحت "سمية" مع عائلتها من صنعاء إلى مأرب في أيلول/سبتمبر 2019، وتقطن حاليًا مع أفراد أسرتها في مخيم الجفينة غرب مدينة مأرب، وهي واحدة من مئات النساء النازحات اللواتي قدمنّ أدوارًا كبيرة في الجانب الإنساني والإغاثي.
وبحسب تقارير للأمم المتحدة، فإن النساء والأطفال يشكلون نحو 76 % من النازحين في اليمن، ورغم المصاعب وويلات النزوح، استطاعت المرأة اليمنية النازحة لعب دور إيجابي في مجتمع النزوح، تسندها خبراتها وقدراتها.
تقول سمية لمنصة هودج إنها تعمل وفريقها بالتنسيق مع الشركاء (منظمات محلية ودولية) على تقديم خدمات عديدة للفئات المستهدفة بمحافظة مأرب، مثل تأهيل وتدريب المرأة والطفل، وتنظيم حملات التوعية والخدمات الصحية، ودعم المشاريع الصغيرة، والخدمات الاجتماعية، وحماية الطفل من العنف والاستغلال.
وأضافت سمية: "المئات من المتطوعات يعلبنّ دورًا حاسمًا في توفير التعليم للأطفال النازحين في الخيام أو في أي مكان متاح بمأرب؛ نظرًا للنقص الكبير في عدد المدارس وأدوات التعليم".
مشيرةً إلى أن الكثير من النساء النازحات مؤهلات ولديهنّ الخبرة في الجانب التعليمي والتربوي، كما تعمل المتطوعات باستمرار على مساعدة الأطفال للتكيّف في حياتهم الجديدة، وتقديم الدعم النفسي للأطفال من آثار النزوح والحرب.
وأوضحت سمية أن القابلات يقدمنّ خدمات الولادة، والرعاية الصحية الأولية للنساء الحوامل، والأطفال حديثي الولادة في المخيمات، كما تقدم العاملات الصحيات الدعم النفسي للنساء اللواتي يعانينّ من آثار الصدمة والعنف.
نقطة ارتكاز
ويعترف مدير الوحدة التنفيذية للنازحين، التابع للحكومة المعترف بها دوليًا، في مأرب، سيف مثنى، بهذا الدور للمرأة النازحة، ووصفه بأنه "يمثل نقطة ارتكاز في إدارة المخيمات بكافة القطاعات الصحية، التعليمية، الاجتماعية، التوعوية، والإيوائية، وبشكل تطوعي 100 %".
وقال مثنى لمنصة هودج إن هناك أكثر من 114 فتاة متطوعة يتوزعنّ على مخيمات النزوح الرئيسية ويعملنّ على رصد الاحتياج الخدمي للنازحين، كما تعمل 16 امرأة نازحة في قطاع الصحة، بالإضافة إلى 43 امرأة أخرى يعملنّ في قطاع التعليم، و55 يعملنّ في مجال الخدمة المجتمعية.
تناغم اجتماعي
من جهتها، تقول مديرة إدارة المرأة في مؤسسة "وطن"، فاطمة الحرازي، إن دور المرأة خلال السنوات الماضية في محافظة مأرب "كان إيجابيًا"، سواءً كانت المرأة النازحة أو المرأة المضيفة.
ولفتت الحرازي في حديثها لمنصة هودج إلى أن النساء شكلنّ تناغمًا جميلًا بين أطياف المجتمع، وأفرزنّ أشكالًا متعددة من التعاون والتكافل الاجتماعي والعطاء.
وتابعت: "تنوعت أدوار المرأة بقوة في الجانب الإنساني والمجتمعي، ما بين الإغاثة وصنع السلام المجتمعي ولملمة النسيج الاجتماعي، رغم الجراح والتصدعات الكبيرة التي خلفتها الحرب بمحافظة مأرب".
شريك في التنمية
مدير الصحة والسلامة بمكتب الشؤون الاجتماعية والعمل في مأرب، ربيع جمالة، قال إن حضور المرأة النازحة كان قويًا وإيجابيًا، مشيرًا إلى أن المحافظة استقبلت كوادر نسائية مؤهلة من النازحات.
وأضاف: "النساء النازحات متمكنات في الطب والتعليم والإدارة، وحضورهنّ في المحافظة أكبر من كونهنّ نازحات أودت بهنّ ويلات الحرب إلى مأرب".
وفي حديثه لمنصة هودج، اعتبر جماله أن "ما نراه اليوم من تنمية في المحافظة فإن للمرأة النازحة فيه دور لا يستطيع أحد أن ينكره".
عوائق وتحديات
رغم الدور الإيجابي للمرأة النازحة، إلا أنها تواجه الكثير من الصعوبات خلال عملها في محافظة مأرب، منها نقص الموارد وغياب الإمكانيات البسيطة، والتحديات الثقافية والاجتماعية، والتغيرات السياسية.
وترى سمية عبدالله أن المرأة واجهت خلال السنوات الماضية تحديات كثيرة استطاعت التغلب على بعضها، ومن تلك التحديات "نقص الموارد، والتحديات الثقافية، والعنف الموجه للمرأة، وتراجع الوعي الجمعي، والتغيرات السياسية والاجتماعية".
وواصلت: "من الصعوبات التي نواجهها أيضًا استمرار الحرب والنزوح المتواصل، وقلة الشركاء العاملين في مجال المرأة والطفل"، مشيرةً إلى أن المرأة تحتاج إلى دعم أكثر من المجتمع المدني لتتمكن من القيام بدورها على أكمل وجه.
من جانبها، تعتقد المديرة التنفيذية لمؤسسة فتيات مأرب، أروى الرمال، أن دور المرأة في المحافظة يواجه الكثير من التحديات، أبرزها التدهور الاقتصادي، وارتفاع أسعار المواد الغذائية وتصاعد إيجارات المساكن.
وأوضحت الرمال في حديثها لمنصة هودج أن "هناك الكثير من النساء اللواتي يتحملنّ مسؤولية أسرهنّ، ومعيلات لبيوتهنّ، وهذا بالتأكيد يؤثر سلبًا على عمل المرأة وحضورها".
واعتبرت أن العادات والتقاليد السلبية في المجتمع تدخل ضمن التحديات، مثل اقتصار دور المرأة على التربية واستبعادها من المشاركة في صناعة القرار، بالإضافة إلى تراجع الوعي حول أهمية دور المرأة، وكذلك التهديدات الرقمية المحدقة بالنساء.
الرمال دعت إلى تكثيف حملات التوعية المجتمعية بأهمية دور المرأة في كافة المجالات، وإتاحة الفرصة لمشاركة المرأة في صنع القرار وتشجيعها على ذلك، مشددةً على ضرورة استمرار تأهيل وتدريب المرأة النازحة وتنمية قدراتها.
من جانبها، طالبت فاطمة الحرازي السلطة المحلية والمنظمات الدولية بالعمل على تشجيع دور المرأة وحضورها الفاعل والإيجابي في المجتمع، كونها "قوة فاعلة في بناء المجتمع وصنع سلام مجتمعي دائم".
ودعت الحرازي إلى استيعاب الكوادر النسائية المؤهلة في الدوائر والجامعات الحكومية والأهلية في المحافظة، والمستشفيات وغيرها من المؤسسات الخدمية والتنموية.