أخبار محلية
تعرف على انشطار الدوامة القطبية والانفجار البارد الذي يؤثر على دول عربية نهاية الأسبوع
يُقبل سكان دول عربية على تنفس هواء قادم من القطب الشمالي، في ظل تأثر منطقة شرق البحر المتوسط وبخاصة بلاد الشام والعراق وشمال السعودية، إضافة إلى تبعات تصل إلى مصر، متأثرة بـ"انشطار الدوامة القطبية".
ويُتوقع تأثر المنطقة بكتلة قُطبيّة شديدة البرودة خلال الأسبوع الأخير من الشهر الحالي، تهطل خلالها الأمطار وتسقط الثلوج التي قد تتراكم في بعض المناطق.
وأُطلق في الأردن اسم "جلمود" على الموجة شديدة البرودة "القادمة من القطب الشمالي"، وفي لبنان أُطلق اسم "آدم" على الحالة الجوية المتوقعة.
يقول الراصد الجوي مالك سعادة لبي بي سي، إن الانشطار و"الانفجار البارد" الناتج عنه، يُعد "نادر الحدوث في بلاد الشام والمنطقة".
وأثّرت عدة انشطارات سابقة في الأردن وبلاد الشام لكن ليس بهذه القوة، وتوقع سعادة أن يكون الأقوى في تأثيره منذ سنوات.
وأشار أستاذ علم المناخ والأرصاد الجوية في جامعة لينكولن في بريطانيا، إدوارد حنا، لبي بي سي، أن الشرق الأوسط لم يعتد التأثر بالدوامة القطبية بشكل مباشر.
وقال حنا إن الشرق الأوسط "يقع في مكان بعيد جداً إلى الجنوب. ومع ذلك، يمكن أن يتأثر بشكل غير مباشر بتغيرات الدورة الجوية".
ما هي الدوامة القطبية؟
تعد الدوامة القطبية نظاماً دائرياً من الرياح الباردة في طبقات الجو العليا في محيط القطب الشمالي.
وتعمل هذه الدوامة كحاجز يمنع الهواء البارد من الانتقال جنوباً نحو المناطق المعتدلة والدافئة، وهي شديدة التماسك في فصل الشتاء عندما تشتد البرودة في القطب الشمالي، وفق مركز طقس العرب المعني برصد الحالات الجوية في الدول العربية والشرق الأوسط.
وتدور التيارات الهوائية بشكل محكم حول القطب، مما يحافظ على برودة الهواء محصورة في تلك المنطقة، لكن عندما يحدث خلل أو ضعف في قوة الدوامة يحدث اندفاع للهواء البارد نحو مناطق ذات خطوط عرض أدنى، ما يسبب انخفاضاً كبيراً في درجات الحرارة في مناطق عدة.
تقول الخدمة الوطنية للأرصاد الجوية (NWS) الأمريكية، إن الدوامة القطبية تحيط بالقطبين الشمالي والجنوبي، وهي تضعف في الصيف وتقوى في الشتاء.
وتشير الخدمة إلى أن الهواء يتدفق في الدوامة عكس اتجاه عقارب الساعة، مما يساعد في إبقاء الهواء البارد بالقرب من القطبين.
تقول الخدمة الوطنية للأرصاد الجوية (NWS) الأمريكية، إن الدوامات القطبية ليست شيئاً جديداً، ولم يعمم مصطلح "الدوامة القطبية" إلا مؤخراً، ما لفت الانتباه إلى سمة الطقس التي كانت موجودة دائماً.
وتشير الخدمة إلى أن الهواء المنبعث من الدوامة القطبية، لا يقتصر على الولايات المتحدة، بل تشهد أجزاء من أوروبا وآسيا موجات باردة مرتبطة بـ الدوامة القطبية.
هذا الأسبوع، تشهد أجزاء من الولايات المتحدة عاشر دوامة قطبية هذا الموسم، وانخفضت درجات الحرارة إلى 51 درجة مئوية تحت الصفر في أجزاء من داكوتا الشمالية، يوم الاثنين، و46 درجة مئوية تحت الصفر في أجزاء من مونتانا، وفق أسوشيتد برس.
"الخطر هو مدى انخفاض درجات الحرارة عندما تتوسع الدوامة القطبية، مما يؤدي إلى إرسال هواء القطب الشمالي جنوباً إلى مناطق ليست باردة عادةً"، تقول الخدمة.
وتتأثر تركيا بطقس بارد أدى إلى انخفاض درجات الحرارة بقرابة 10درجات مئوية، وتساقط كثيف للثلوج في أنحاء مختلفة، مع توقع استمرار الطقس البارد والممطر لمدة أسبوع.
وتتشكل الدوامة على ارتفاع يتراوح بين 16 و48 كيلومتراً، فوق القطب الشمالي كل شتاء، وتحيط بهواء شديد البرودة. وكلما زادت قوة الرياح، زاد عزل الهواء داخلها عن المناطق الأكثر دفئاً.
عندما تكون الدوامة مستقرة، يتحول تيار الهواء النفاث القطبي شمالاً، مما يساعد في الحفاظ على أبرد هواء داخل القطب الشمالي.
والتيار النفاث القطبي، وهو تيار من الرياح السريعة يتشكل على ارتفاعات عالية ويحيط بالدوامة.
وفي حال ضعف التيار النفاث، تتعرض الدوامة لتشوهات، مما يسمح للهواء البارد بالاندفاع جنوباً نحو مناطق أدفأ.
الانفجار البارد
يوضح الراصد الجوي الأردني، مالك سعادة، لبي بي سي، أن "الانفجار البارد" هو ليس ذاته انشطار الدوامة، وإنما نتيجة لانشطار الدوامة القطبية.
"المُسبب لهذا الانفجار هو انشطار الدوامة القطبية، ثم يحدث الانفجار في المنطقة التي تحركت إليها إحدى كتل الانشطار"، يقول سعادة.
وأشار إلى وجود كتلة كبيرة من الهواء القطبي شديدة البرودة ومُتعمقة في كافة طبقات الغلاف الجوي، تندفع من القطب الشمالي نحو بلاد الشام، وعندما تستقر فوق المنطقة يحدث لها كما يحدث في القنبلة (تتشتت وتنتشر بشكل أفقي)، وتؤثر على المنطقة.
انشطار الدوامة القطبية والتأثيرات
يوضح أستاذ علم المناخ والأرصاد الجوية في جامعة لينكولن في بريطانيا، إدوارد حنا، لبي بي سي، أن انقسام الدوامة القطبية هو اضطراب وإعادة تكوين، فتنفصل الدوامة القطبية إلى دوامتين أصغر.
"عادة ما يؤدي هذا الانقسام إلى انتشار الهواء البارد جنوباً فوق أمريكا الشمالية (كما يحدث هذا الأسبوع)، وأحيانًا تكون هناك موجة باردة متزامنة في أوراسيا"، وفق حنا.
وقال مركز طقس العرب إن "تشكل منطقة من الضغط الجوي فوق الدوامة القطبية يؤدي لانقسام/انشطار في الدوامة القطبية".
التأثيرات
وتكون التأثيرات الناتجة عن انقسام على شكل موجة شديدة البرودة وغير اعتيادية، وانخفاض كبير على درجات الحرارة وموجات من الصقيع والانجماد الشديد.
وكذلك تساقط للثلوج في بعض المناطق وعلى مستويات متدنية في ارتفاعها عن مستوى سطح البحر، بحسب سعادة.
الدوامة القطبية والتغير المناخي
وبشأن علاقة أنماط وأشكال الدوامة القطبية بالتغيرات المناخية، أوضح حنا لبي بي سي، أن "الدوامة القطبية تمر بمزيد من الاضطرابات والانهيارات مع ارتفاع درجة حرارة القطب الشمالي بشكل أقوى بكثير من الكوكب ككل"
وتحدث حنا عن "حاجة إلى المزيد من الدراسات حول الدوامة القطبية لتوثيق التغيرات الأخيرة (في العقود القليلة الماضية) وفهمها بشكل أفضل".
وأوضح سعادة أن الدوامة ليست بالضرورة مرتبطة بالتغير المناخي، وحتى يُحكم على الأمر بأنه ناتج من التغيرات المناخية، يجب تكرار هذه الأحداث الجوية النادرة عدة مرات ووجود تغيير مستمر على سلوك الأنظمة الجوية لسنوات عدة.
عالمة الغلاف الجوي في الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي، والخبيرة في الدوامة القطبية إيمي بتلر أوضحت لبي بي سي سابقاً، أن "بعض النماذج تشير إلى أن ذوبان الجليد البحري قد يكون له تأثير ضعيف على الدوامة … وارتفاع درجة حرارة الطبقات العليا من الغلاف الجوي يمكن أن يعزز الدوامة. كما يمكن للتغيرات الإقليمية في درجات حرارة سطح البحر أن تؤثر على الدوامة".
لكنها تقول "لا أحد يعرف ما إذا كان تغير المناخ سيؤثر على الدوامة القطبية".