منوعات

قيم الأسرة المصرية تلاحق تطبيق تيك توك ومؤثريه

تعبيرية -

الوطن توداي / بي بي سي عربي:

ملاحقات أمنية واسعة شملت توقيف عشرة أشخاص على الأقل بناء على بلاغات ضد مؤثري تطبيق "تيك توك" في مصر، بتهم تتباين بين الاعتداء على قيم الأسرة المصرية، وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، واستخدام ألفاظ خادشة للحياء.

تقدم بهذه البلاغات أكثر من 30 محامياً، عادة ما يُوصفون في مصر خلال العقدين الماضيين بـ"محامي الحسبة"، وهم المحامون الذين يتقدمون ببلاغات ضد مشهورين، أو مؤثرين، أو مفكرين، أو فنانين، بدعوى مخالفة محتواهم للقيم الدينية أو المجتمعية.

هذه ليست الحملة الأولى من هؤلاء المحامين التي تلاحق نجوم التطبيق الشهير في مصر، والذي يلقي رواجاً واسعاً خاصة بين الطبقات الشعبية، حيث اعتبر هؤلاء المحامون أن المقاطع المصورة التي يبثها هؤلاء المؤثرون تخالف قانون جرائم الإنترنت، بينما ينتقد الحقوقيون هذه الحملات، ويطالبون بوقفها باعتبارها تستهدف حرية الرأي والتعبير.

فكيف تتم البلاغات ضد مؤثري تيك توك؟ ولماذا يتقدم بها "محامو الحسبة"؟ وما مسارها القانوني، ولماذا دائماً ما تلقى اهتماماً مجتمعياً واسعاً؟

 

"مقاطع مسيئة وقانون فضفاض"

في حديث مع بي بي سي، يقول المحامي أحمد مهران وهو أحد مقدمي البلاغات ضد المؤثرين، إن ما دفعه إلى تقديم هذه البلاغات هو ما رآه من "فيديوهات غير لائقة، تهدم قيم المجتمع، وتسيئ لمن يشاهدونها"، مضيفاً "شعرت أنه واجب علَيَّ التدخل لحماية مجتمعي وبلدي وشباب بلدي في التصدي لهذه النوعية من الجرائم".

 

وأوضح مهران أنه تقدم ببلاغات ضد 13 شخصاً من مؤثري تطبيق تيك توك، تم توقيفهم جميعاً، كما أقام دعوى لغلق التطبيق في مصر أو ضبطه بوضع معايير قانونية وسياسيات أخلاقية، وتم تحديد جلسة لنظر هذه الدعوى في الثامن من سبتمبر/أيلول المقبل، بحسب ما قال لبي بي سي.

ويشير مهران إلى أن "المقاطع المسيئة" مجرَّمة وفق قانون مكافحة جرائم الإنترنت رقم 175 لسنة 2018.

 

وينص القانون المذكور على "معاقبة كل من اعتدى على أي من المبادئ أو القيم الأسرية في المجتمع المصري أو انتهك حرمة الحياة الخاصة، بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر، وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تتجاوز مئة ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين".

لكن القانون لم يوضح بالتفصيل ما المقصود بـ"المبادئ والقيم الأسرية في المجتمع المصري"، وهو ما انتقده حقوقيون، حيث تقول المحامية انتصار السعيد رئيسة مجلس أمناء مؤسسة القاهرة للتنمية والقانون، إنه "لا يوجد تعريف محدد لهذه المبادئ والقيم في القانون، فهذه كلمات مطاطية، تختلف من طبقة اجتماعية لأخرى، ومن مكان لآخر، فتعريفها يختلف من الريف إلى الصعيد، ومن سيناء إلى القاهرة والإسكندرية على سبيل المثال".

وتضيف السعيد في حديثها مع بي بي سي "حتى لو تجاوز هؤلاء الأشخاص الحدود في مقاطعهم والمحتوى الذي يقدمونه، أعتقد أن الأمر لا يرقى لفكرة الحبس والقضايا، ببساطة لا تشاهد شيئاً لا يناسبك".

في المقابل، يرد المحامي أحمد مهران بأن "بعض العادات والقيم تختلف من طبقة لطبقة لكن هناك ثوابت، هناك ألفاظ وأفعال لا خلاف عليها مثل العري، والنساء اللاتي يصورن عادتهن اليومية في الملابس بطريقة تظهر تفاصيل أجسادهن، هذه أفعال لا اختلاف على رفضها من طبقة لطبقة، كذلك من يقولون ألفاظاً أو يفعلون إشارات بذيئة، كل هذا مرفوض داخل المجتمع المصري".

 

هل الأمر طبقي؟

تُرجِع المحامية المصرية انتصار السعيد الكثير من الاهتمام بمثل هذه البلاغات لأسباب "طبقية"، حيث تقول: "بعض الفنانين والمؤثرين من الطبقات العليا يقومون بنفس الأفعال ويرتدون نفس الملابس، بل ويقلدون مقاطع هؤلاء المؤثرين بأصواتهم، ولا يقترب منهم أحد، الموضوع له علاقة بالطبقة الاجتماعية وما توفره من حماية للناس".

وتضيف "جزء كبير من هذه البلاغات تحركه الطبقية، وفكرة الخوف من تقليدهم بدعوى كوننا مجتمعاً محافظاً ونخاف على أطفالنا مما يشاهدوه، فعلى الأهالي متابعة وحظر ما يشاهده أطفالهم إذا كان غير مناسب، أما الأساس القانوني لهذه القضايا، فهو أساس ضعيف".

وتوضح السعيد "هذه البلاغات عادة ما تتم من قبل محامين ينصبون أنفسهم أوصياء على المجتمع باستغلال ما يعرف بالحسبة المجتمعية، وادعاء الفضيلة والرقابة المجتمعية، وعادة ما تلقى بلاغاتهم اهتماماً وتتم إحالتها للمحاكمات بسبب كوننا مجتمعاً محافظاً ومغلقاً، ونطبق معايير مزدوجة في الكثير من الأحيان".

من جانبه، يرفض المحامي أحمد مهران أن يكون الأساس وراء هذه البلاغات طبقياً، مطالباً بتطبيق القانون على كل من ينتج محتوىً مسيئاً، سواء كان من الفنانين أو في الأفلام. وقال "لا أحد فوق القانون وأنا أطالب بتوسيع هذه الحملة لتشمل الجميع".

ويضيف "نحن نعمل وفق القانون، والقانون يقول إن أي محتوى على الإنترنت مخالف للقانون، تتم ملاحقة من قام به قضائياً. المسألة لا تخضع للهوى، وإلغاء المتابعة أو حظر هذا المحتوى لن يوقف هؤلاء عن الجريمة التي يقومون بها وفقاً للقانون".

وأحياناً ما تتطور القضايا التي يواجهها هؤلاء المؤثرون، ففي عام 2020 أوقفت السلطات المصرية اثنتين من نجوم التطبيق هما حنين حسام ومودة الأدهم، في البداية واجهت الفتاتان تهماً تتعلق بالتعدي على قيم المجتمع، ثم أُدينتا باتهامات تتعلق بالإتجار في البشر. قال حكم الإدانة إنهما وجّها دعوة للمتابعين لتصوير مقاطع فيديو مباشرة مقابل الحصول على أموال.

في حملة التوقيف الأخيرة، ورغم أن البلاغات ضد المؤثرين كلها جاءت على خلفية تهم تتعلق بالتعدي على قيم الأسرة المصرية، إلا أن وزارة الداخلية قالت إنها عثرت على سلاح غير مرخص ومواد مخدرة بحوزة أحد المؤثرين خلال عملية القبض عليه، كما وجهت اتهامات بغسيل الأموال لمؤثرة أخرى عقب توقيفها.

 

"مهلة برلمانية لتيك توك"

في تصريحات إعلامية، قال النائب أحمد بدوي رئيس لجنة الاتصالات بمجلس النواب، إن المجلس يبحث اتخاذ إجراءات لضبط المحتوى على تطبيق تيك توك، مشيراً إلى اجتماع عُقد بين ممثلي التطبيق في مصر، ووزارة الاتصالات المصرية.

وقال بدوي إنه "مُنح مسؤولو التطبيق مهلةً لمدة ثلاثة أشهر لتحسين المحتوى، وتوفيق أوضاعهم، وتنفيذ توصيات المجلس الأعلى للإعلام لترخيص التطبيق، وحذف أي محتوى يخالف قانون تقنية المعلومات، وهي الفيديوهات التي أُوقف العديد من المؤثرين بسببها".

وأضاف بدوي: "خلال ثلاثة أشهر إذا لم يتم حذف هذه الفيديوهات، ستصدر لجنة الاتصالات بمجلس النواب توصية بحجب تطبيق تيك توك في مصر".

في السياق ذاته، ذكر تقرير إرشادات المجتمع رُبع السنوي الذي تصدره منصة تيك توك إن المنصة حذفت نحو 2.9 مليون فيديو من مصر في الفترة من يناير/كانون الثاني وحتى مارس/آذار عام 2025، لمخالفة هذه المقاطع إرشادات المجتمع في التطبيق.

ولفت التقرير إلى أن 99.6 في المئة من المحتوى تمت إزالته قبل الإبلاغ عنه من قِبل المستخدمين، و94.3 في المئة من المحتوى أُزيل قبل مرور 24 ساعة على نشره.

كما ذكر التقرير أن المنصة حظرت نحو 350 ألف بث مباشر عبر التطبيق في مصر خلال الفترة ذاتها، وقطعت نحو 590 ألف بث آخر بسبب انتهاكات المعايير المجتمعية.

أيضاً، لفت التقرير الفصلي لإرشادات المجتمع، الذي تصدره منصة تيك توك، إلى أن نحو 144 ألف فيديو تمت إعادة نشرهم على المنصة، بعد مراجعة محتواهم.

على الجانب الآخر، دعت منظمات حقوقية، الحكومة المصرية إلى التوقف عن ملاحقة المؤثرين، وقال بيان صادر عن المبادرة المصرية للحقوق الشخصية: "نطالب وزارة الداخلية والنيابة العامة بالتوقف عن ملاحقة صانعي المحتوى عبر الإنترنت، وعبر توجيه اتهامات مبهمة ذات طابعَين أخلاقي وطبقي مثل التعدي على قيم الأسرة المصرية - ضمن حملة أمنية شرسة تأتي في إطار حملة أوسع لتجريم المحتوى عبر الإنترنت بشكل انتقائي وغير مُعرَّف قانونياً، بدأت في 2020 وتستمر حتى اليوم".

رابطة أمهات المختطفين تطالب بالإفراج عن المختطفين في اليمن


نظام ذكاء اصطناعي مبتكر لتعزيز التركيز الذهني دون الحاجة إلى تدخل طبي


مخاوف من حملة قمع أوسع.. محكمة جورجية تقضي بالسجن سنتين لصحافية مشهورة


آلاف العائلات تواجه خطر المجاعة في مدينة الفاشر السودانية، وتقارير عن "تفشٍ كبير" للكوليرا غربي البلاد