تقارير
الرقص الشعبي.. أكثر ألوان الفلكلور اليمني حيوية!
لليمن تنوع ثقافي مذهل، اقترن بطبيعة الحال بفلكلور شعبي غاية في الثراء والتنوع، ويكمن هذا التنوع بصورة كبيرة في فن الرقص الشعبي، كأحد أبرز تجليات الفلكلور الشعبي اليمني ارتباطاً بالمكان والتاريخ.
ويُعدّ الرقص الشعبي أحد أكثر ألوان الفلكلور اليمني حيوية واتساعاً، وتتنوع ألوانه بتعدد أماكنه ومناسباته.
ولا يقتصر الرقص اليمني على الرجال وحسب، بل إن هناك رقصات خاصة بالنساء، وأخرى تجمع الرجال مع النساء وتؤدى بعض الرقصات على الموسيقى والبعض الآخر على الطبول فقط.
فنون مختلفة وألوان شتى من الرقص الشعبي تنتشر في أنحاء اليمن؛ وهذه الرقصات تشكل عامل ارتباط مباشر بمناسبات الأفراح الاجتماعية خصوصاً وغيرها من المناسبات الأخرى.
ففي الشمال تسيطر، رقصة البرع، على جزء كبير من هذه الأنواع، فيما تحضر بالمقابل وسط وجنوبي اليمن رقصة الشرح والعِدّة، وغيرها.
رقصة البَرَع
تعد رقصة البرَع من أشهر الرقصات التي تتميز بها محافظات صنعاء، ذمار، حجة، وإب، وهي رقصة جماعية مقتصرة على الذكور تحاكي في تنقلاتها المبارزات القتالية والتكتيك الحربي ومهارات الاصطفاف والانقضاض والكرّ والفرّ.
رقصة “البرع” تبدأ بقرع “الطاسة” وهي إناء نحاسي مغطى بالجلد يصدر نغمات رنانة وقوية ويصاحبه “المَرْفَع” بنغمة ثابتة وغليظة، يتجمع على إثرها الراقصون بزيهم الشعبي وتلتمع الجنابي بأضواء الشمس ارتفاعاً وانخفاضاً.
يتسارع الإيقاع من حين لآخر في حين يبدأ عدد الراقصين بالتناقص إلى أن ترسو التصفيات على راقصين اثنين في طور يسمى “الهوشلية”، يخيل للمشاهد فيه أن أحدهما سيجرح الآخر من شدة التقارب وسرعة الإيقاع وفي يد كل منهما “الجنبية” وهي الخنجر اليمني المعروف.
رقصة العدّة
تعتبر من أشهر الرقصات في محافظة حضرموت، وأكثرها حضوراً في المناسبات الاجتماعية، ويعتبرها البعض أم الألعاب الشعبية من بين أخواتها “الشبواني” و”الزربادي” و”المساجلات الشعرية”.
ويصطف المشاركون في رقصة “العدة” التي تتميز بروح قتالية في أدائها وشكلها، في صفين متقابلين، ثم يرددون لحناً شعبياً “وولا كب وولا كب”، وبعد ذلك، يظهر شاعر في الوسط يلقي بيتين من الشعر، كل بيت يردده أحد الصفين.
وترافق الراقصة التي يرفع فيها الراقصون العصا مجموعة من الطبول “الدفوف والهاجر والمراويس والطويس”.
رقصة السعاني
وتعتبر من أقدم الرقصات التي تمارس في صنعاء، وتعبر عن ثقافة صنعاء القديمة، وتؤدى هذه الرقصة في بعض المحافظات الشمالية. وتجمع هذه الرقصة رجلين أو أكثر ويؤدون نفس الحركة، كما تجمع بين الرجال والنساء أحياناً.
وتصاحب هذه الرقصة الآلات الموسيقية وبالتحديد آلة العود الموسيقية ولون الغناء الصنعاني.
رقصة الركلة
وتعتبر هذه الرقصة من الرقصات القديمة التي تمارس في محافظة لحج وبعض محافظات الجنوب. وتؤدى هذه الرقصة في عدة مناسبات كالاحتفال بالأفراح وزيارات بعض الأولياء الصالحين.
ويجتمع الراقصون في صفين متقابلين في كل صف من الجنسين رجال ونساء، ويحضر بهذه الرقصة شعراء ومغنون يقولون الشعر للمغني فيغنيه، ويردده الجميع بعده، وبهذه الرقصة يستخدم الطبل والناي.
رقصة الحناء ونجيم الصباح
في شكل دائري، وفي تمام الساعة الرابعة فجراً، يجتمع بقية الحضور ويتوسطهم المغني والفرقة الموسيقية وشخص يحمل صحن فيه البخور وبعض من الحَب والبيض، ليؤدوا رقصة الحناء ونجيم الصباح.
وتبدأ هذه الرقصة بعد أن يصل عاقل الحارة ويهتف “حوطتك بالله وسبعين ولي أولها محمد وتاليها علي والمالك والحريو”، وبعد انتهاء الصيحات يبدأ الإيقاع والمغني في وقت واحد ويردد الحضور “وا علم حنا”.
ومع بزوغ الصباح على محافظة لحج التي تشتهر بهذه الرقصة، ينهي المغني أغنية “وا علم حنا” وينتقل إلى أغنية “وا نجيم الصباح”، ويذهب الحضور بالعريس إلى منزله في تمام السابعة صباحاَ.
رقصة الرزحة
تؤدى هذه الرقصة في موسم حصد المحصول الزراعي من الحبوب، ويؤديها صفان من الرجال والنساء.
ويتقابل الصفان ويبدآن بدق القدم اليمنى بالأرض، ويسيران بنفس الإيقاع مسرعين حتى يقتربا من بعض ثم يعودان إلى موقعهما بنفس الحركة، ويصنع الراقصون شكلاً دائرياً يتوسطهم الإيقاع والطبول.
رقصة الشرح
تعتبر هذه الرقصة من أشهر وأقدم الرقصات التي تشتهر بها بعض محافظات الجنوب، كمحافظتي عدن ولحج.
وتؤدى هذه الرقصة التي تتميز بسرعة الإيقاع، بكثرة في الأعراس والمناسبات الفرائحية، ويرقصها الرجال والنساء معاً، وتؤدى على طبلة الهاجر والمراويس، وهذه الرقصة سريعة الخطوات ولرقصة الشرح ألوان مختلفة وباختلاف الألحان والأوزان الشعرية إلا أن الإيقاع يظل واحداً.
رقصة الشرح البيضاني
يصنف الشرح البيضاني من أشهر فنون الرقص في محافظة البيضاء، ويتميز بقفزات ووثبات سريعة ومرتفعة وحركات دائرية وهرولة تتطلب لياقة عالية حيث يقوم الراقصون فيها بمجاراة ومسايرة بعضهم البعض فيما يشبه الهرولة.
وتبدأ طقوس الشرح البيضاني من خلال التجمع أولاً فيما يشبه الحلقة، يدخل الراقصون فيها بشكل ثنائي بينما تقرع الطبول والمزامير.
وتجدر الإشارة إلى أن كافة الرقصات اليمنية، بمختلف فنونها وألوانها، ذات ارتباط شعبي متوارث قديم جيلاً فجيل، ولهذا ظلت محتفظة بشكلها وحركتها وإيقاعاتها والزي المستخدم خلالها الذي منحها رونقاً جميلاً حفظ حضورها الفريد رغم تقادم السنين الطوال.