منوعات
تمييز ضد العائلات الخاضعة للحجر الصحي المنزلي بالهند
فرضت الهند حجرا صحيا على عشرات الآلاف من السكان في منازلهم، لكن بعض التدابير المتخذة لإبقائهم في الداخل، مثل اللافتات المنشورة خارج منازلهم وإصدار بياناتهم الشخصية، أدت إلى عواقب غير مقصودة وغير محمودة.
أعدَّ فيكاس باندي، مراسل بي بي سي في الهند تقريراً حول المشاكل التي تواجهها تلك العائلات.
كانت عائلة بهارات دهينغرا المكونة من ستة أفراد، في الحجر الصحي المنزلي في العاصمة الهندية دلهي، منذ عودة شقيقه وزوجته من الولايات المتحدة في 22 مارس/آذار الماضي.
لم تكن هناك أي أعراض إصابة بفيروس كورونا على أي منهما، لكن العائلة بأكملها أقبلت من تلقاء نفسها على نصيحة الحكومة وعزلت نفسها ذاتياً. ثم قامت السلطات بنشر ملصق خارج منزلهم كتب عليه: "لا تقم بزيارة هذا المنزل، إنه تحت الحجر الصحي".
ومن المفترض أن يلتزم الناس بالقواعد، ولكن بالنسبة لأناس مثل دهينغرا، الذي كان يلتزم بالقواعد والإرشادات بجدية ومن تلقاء نفسه، فقد تسببت تلك الملصقات في تعرضه لـ "التوتر والضغط النفسي".
وقال لبي بي سي: "لقد أصبح منزلنا مثل حديقة الحيوانات، يتوقف المارة من أجل التقاط الصور بجانبه، وإذا خرجنا إلى شرفة المنزل لدقيقة، يصرخ جيراننا ويطلبون منا البقاء بالداخل".
وأضاف: "إننا نتفهم إجراءات الحكومة في نشر الوعي فيما يخص المنازل الخاضعة للحجر الصحي، لقد كان المسؤولون لطفاء جداً، لكن موقف بعض الناس هو الذي يسبب لنا هذا الأسى".
وأوضح أن بعض الأشخاص قاموا بنشر صورة منزلهم في مجموعات محلية على تطبيق واتسآب كتحذير لسكان المنطقة".
وقال باستياء إن ذلك ينتهك خصوصية عائلته. مضيفاً: "يحتاج الناس إلى معرفة أن الحجر الصحي في المنزل ما هو إلا إجراء احترازي، وهذا لا يعني أننا مصابون بالفيروس، وحتى لو كان الأمر كذلك، لا يجوز أن نُنبذ بهذا الشكل".
وتحدثت بي بي سي إلى العديد من الأشخاص في جميع أنحاء البلاد ممن لديهم تجارب مماثلة. وقال زوجان لم يرغبا في الكشف عن هويتهما، إن منزلهما في نويدا بإحدى ضواحي دلهي، بات "مكاناً مثيراً للرعب بالنسبة لكثيرين".
وأضافا: "دخلنا في العزل الذاتي مباشرة بعد عودتنا من السفر كإجراء وقائي، لكننا لم ندرك أن المجتمع سينبذنا كلياً".
"كل ما نريده هو بعض كلمات التشجيع عبر الهاتف أو عبر رسالة نصية".
"ولكن الجميع ينظر إلينا بريبة، حتى عندما نكون على شرفة منزلنا، نستطيع رؤية ذلك في أعينهم".
"نحن لا نجتمع بأحد إطلاقاً، إنه من المحزن حقاً أن نُعامل بهذه الطريقة".
كما واجه كوليجيت سينغ مشاكل مماثلة عندما طُلب منه عزل نفسه في منزله في منطقة فاروق آباد بولاية أوتار براديش شمالي البلاد.
وكان كوليجيت قد التقى بمغنية بوليوود كانيكا كابور في حفل وتبين لاحقاً إصابتها بالمرض.
وقال: "نوقشت مشكلتي إلى ما لا نهاية في وسائل الإعلام، الأمر الذي وضع عائلتي تحت ضغط كبير، وانتشرت كل أنواع الشائعات، حتى قال البعض بأنني أتقيأ دماً، وأنني سأموت في غضون أيام قليلة."
وقال سينغ: "الناس خائفون ويصدقون أي شائعة قد تنتشر على وسائل التواصل الاجتماعي".
لقد انتهت الآن فترة حجره الصحي، لكن الوصمة ستستغرق فترة طويلة بحسب قوله. مضيفاً " "حتى بائعي الخضار والألبان يرفضون توصيل سلعهم إلى منزلنا".
وفي بعض الحالات، تسببت طريقة إجراء الاختبار أيضاً في حدوث مشكلات، إذ قال زوجان في ولاية بهار الشرقية، إنه طُلب من ابنهما الخروج من المنزل إلى الشارع لإعطاء مسحة من لعابه من أجل الاختبار.
"لقد ظل في الحجر الصحي بمنزله بعد عودته من كندا. لكن رؤية العديد من الأطباء جعلت جيراننا يشعرون بالخوف حقاً، وتوقف الناس عن إلقاء التحية علينا حتى من مسافة آمنة".
وقالوا إن نتيجة اختبار ابنهما كانت سلبية، ورغم ذلك التمييز بحقهم لا يزال مستمراً. و"لا يزال الناس مترددين في التعامل معنا".
بيانات مسربة
وفي الوقت نفسه، تم الإعلان عن أسماء وعناوين الأشخاص الذين في الحجر الصحي بالمدن الجنوبية بحيدر أباد وبنغالور.
إلا أن ضابطا كبيرا في بنغالور أوضح لمراسل بي بي سي، عمران قريشي أن "الناس في الحجر الصحي المنزلي، كانوا يتنقلون مسرورين كما لو أنهم في عطلة ما، ولهذا السبب تمت مشاركة بياناتهم".
لكن هذا الإجراء ينتهك خصوصية الناس بحسب قول الخبراء. وقال دانانجاي، وهو محامٍ مقيم في بنغالور: "لم تكن هناك أي مشكلة لو أن الحكومة نشرت الاسم فقط، لكن نشر العناوين أيضاً بمثابة دعوة لإثارة المتاعب".
وتم الإبلاغ عن بعض الاحتجاجات أيضاً على مرافق الحجر الصحي. ففي ميسور، على بعد 150 كيلومترا من بنغالور، أجبر السكان المحليون السلطات، على إخلاء فندق كان يخضع فيه 27 شخصاً للحجر الصحي.
وقال رافيكومار، نائب عمدة ميسور السابق ومقيم في المنطقة: "يخشى الناس من أن يبصق نزلاء الفندق من النوافذ، فيصيبوا السكان بالعدوى".
وقال كبير ضباط الشرطة ريشيانث، إنه ستُتخذ إجراءات صارمة ضد أولئك الذين ينشرون الشائعات ويميزون بين الناس.
وفي الوقت نفسه ، سُربت البيانات الشخصية لـ 19 شخصاً على الأقل في الحجر الصحي المنزلي، بما في ذلك أرقام هواتفهم في حيدر أباد.
وأدى ذلك إلى تلقي العوائل مكالمات هاتفية في أوقات غريبة ونصائح غير مرغوب فيها حول "كيفية التخلص من الفيروس".
وقال راميش تونغا، الذي غادر المدينة قبل يوم واحد من إعلان الإغلاق في 24 مارس/آذار، إنه يواجه تمييزاً مشابهاً. "لقد غادرت حيدر آباد لأكون في قريتي وأبلغت مسؤولي القرية بذلك وخضعت للعزل الذاتي رغم أنني لم أسافر للخارج، لكن ذلك سبب لي الكثير من المشاكل".
"توقف الناس عن التحدث مع أي من أفراد عائلتي، وصدق الجميع بأنني مصاب بالفيروس وأنني سأنقل العدوى إلى جميع من في القرية".
ويضيف: "إن توخي الحذر أمر جيد ولكن لا يجب على الناس أن ينسوا أنهم بشر".