تقارير
تحييد ميليشيا حزب الله الحل الوحيد لإنهاء مأساة لبنان
وهكذا يصف أحد السياسيين اللبنانيين الحال في بلده بعد أشهر من الانهيار السريع، الذي استدعى من زعيم الميليشيات إلى دعوة عناصره ومعهم اللبنانيين إلى بدء زراعة الأراضي وصولاً إلى الشرفات وسطوح الأبنية لإنتاج الطعام، ومواجهة العقوبات التي يتعرض لها اللبنانيون بسبب حزب الله وأدواره التدميرية.
فالحالة غير المسبوقة التي يعيشها اللبنانيون من الانهيار الاقتصادي والمالي، وسرقة مدخراتهم من البنوك وصولاً إلى انهيار سعر صرف العملة اللبنانية من 1500 ليرة إلى نحو 10 آلاف ليرة للدولار الواحد، ليست وليدة أشهر، بل هي قديمة وتطورت مع الوقت، وبدأت من اللحظة التي أخرج فيها رفيق الحريري من الحكم في لبنان في عهد الرئيس السابق إميل لحود عام 2004، وصولاً إلى اغتيال الحريري وغيره من صحافيين وسياسيين، عدا عن تدخلات الميليشيات في الدول العربية وتهريب المخدرات وتبييض الأموال إلى دول العالم، ما أدى إلى خروج لبنان من المنظومة الاقتصادية الطبيعي، وتحوله من بلد يحقق نسباً معقولة من التقدم الاقتصادي إلى بلد منهار.
وكما يبدو من الحال، فإن الكثير من اللبنانيين لا يدركون أو أنهم يتغاضون عن حقيقة أن أزمتهم صنعت في لبنان، وسببها ليس فقط الحصار الاقتصادي لملاحقة حزب الله، بل أيضاً هناك الفساد الكبير الذي تقوده الميليشيات في كل مفاصل الدولة.
وباستثناء العقوبات التي فرضتها الخزانة الأمريكية على كيانات وأفراد لبنانيين مرتبطين بميليشيا حزب الله، فليس هناك أي قيود مالية على الدولة أو مواطنيها أو مؤسساتها العامة أو الخاصة.
ولكن بالرغم من عدم فرض عقوبات من أي دولة خارجية على لبنان، إلا أن الاستثمار العربي والأجنبي المباشر الذي كان المحرك الأساسي للنمو الاقتصادي، بدأ بالابتعاد تدريجياً، لأن رجال الأعمال والمستثمرين لا يرغبون بوضع أموالهم داخل بلد يعيش في حالة حرب دائمة، حيث أن حزب الله الذي يعتبر الأقوى في لبنان متورط حالياً في اشتباكات إقليمية ضمن سوريا واليمن والعراق عدا عن التهديد المتواصل لحدوده الجنوبية بالحرب مع إسرائيل.
وقبل عامين عقد مؤتمر أصدقاء لبنان للمانحين "سيدر" في باريس، وتعهدت فيه الدول بتقديم حزمة إنقاذ بقيمة 11 مليار دولار، بشرط وحيد وهو التعاون مع المجتمع الدولي في القضاء على الفساد وخصخصة مرافق الدولة وخاصة قطاع الكهرباء الذي يكبد الخزينة مليارات الدولارات سنوياً، لتصل حسابات الخسارة فيه إلى أكثر من 45 مليار دولار، أي نصف الدين اللبناني العام.
وفي مؤتمر "سيدر" لم تضع السعودية والإمارات وفرنسا وغيرها من الدول شروطاً تعجيزية على اللبنانيين، ولم تطلب يومها تسليم سلاح حزب الله كشرط لتقديم الدعم، كان القضاء على الفساد والهدر هو الطلب الوحيد، ولكن كما ظهر لاحقاً فإن هذا المطلب اعتبره حزب الله خطوة للقضاء عليه.
فنهاية الفساد تعني نهاية حزب الله من دون الاقتراب من سلاحه، بعدما تبين أن الميليشيات تدير الفساد والنهب من المرافئ إلى الوزارات، وكل مؤسسات الدولة.
وفي 17 أكتوبر(تشرين الأول) الماضي ومع انطلاق التظاهرات الاحتجاجية ضد الفساد، وضع حزب الله نفسه وميليشياته بمواجهة مع المحتجين، فأرسل شباناً للاعتداء على المتظاهرين، ما أكد أن الميليشيات لن توافق على السير بمشروع الإصلاح الذي يطالب به المحتجين.
ولأن الإصلاح غير وارد، ولا يمكن بناء اقتصاد حديث على مثل هذا النظام الفاسد الواسع لأنه يستنزف الطموح وريادة الأعمال، في وقت البلد بحاجة ماسة للتغيير، أصبح تحييد حزب الله هو الحل للخلاص ولخروج اللبنانيين من المستنقع الذي وصلوا إليه.