عالم المرأة
النساء اليمنيات والوضع الأمني المتهالك في البلاد
خلق تعدد الفصائل الأمنية والتشدد الديني، وتنامي الإرهاب، بالإضافة الى غياب القضاء وتعطيل القوانين، بيئة مضطربة وغير أمنة، بالنسبة للنساء في اليمن، وعكس الواقع الأمني المنفلت على حركة النساء ونشاطهن خلال الآونة الأخيرة من الحرب، لاسيما فيما يتعلق بنشاطهن في مسار السلام سواء كان في الجنوب أو الشمال.
وتعرضت الكثير من النساء للتهديدات والابتزاز بالإضافة الى جرائم قتل بصورة أكبر، خلال الحرب القائمة، منذ ما يقارب السبعة أعوام، وشكل الوضع الأمني العقبة الأكبر أمامهن، عقب تفاقم مستوى الفقر، وازدياد عدد النساء المعيلات لأسرهن، وانشغال الرجال بالحرب وتغذيتها، بينما ظلت المرأة تواجه وضع أمني خطير يهدد حياتها بين الحين والأخر.
وقالت الصحفية أمة الرزاق القزحي، أنها تعرضت برفقه مجموعه من الصحفيات الى المضايقات والابتزاز في عدد من النقاط الأمنية اثناء سفرهن من محافظة الحديدة الى مدينة تعز جنوب غربي البلاد، لحضور إحدى الورشات التدريبية.
وأضافت القزحي التي تعمل في موقع "الحديدة نيوز"، لشبكة أصوات السلام النسوية، أنه " توقفنا في احدى النقاط الأمنية على مشارف المدينة وطلب منا الهويات الشخصية، لولا ان زميلة لنا أخرجت دفتر عائلة واخبرتهم اننا عائلة واحده وننوي حضور مناسبة اجتماعية لما سُمح لنا بالمرور". مشيرة ان النساء يتعرضن للتهديد والابتزاز بسبب الوضع الأمني المهزوز في اليمن.
كما "أدت أعمال القتال إلى معاناة اليمنيين بسبب حدة الأزمة الاقتصادية، وتضرر البنية التحتية، وانهيار الخدمات، بالإضافة إلى ذلك تعَّين على النساء أن يواجهن محدودية الحركة بسبب المعايير الثقافية السائدة بين الجنسين وأيضا، لأنهن مسؤولات عن توفير الطعام وتقديم العناية في منازلهن، كان لِزَاماً عليهن أن يتعاملن مع التحديات المرتبطة بمحدودية الوصول (أو انعدامه) إلى الطعام، والماء، والصرف الصحي، وخدمات العناية الصحية- والتي شهدت تدهورا مطردا بسبب استمرار النزاع. وفق تقرير منظمة العفو الدولية
وأكدت مصادر لمنظمة العفو الدولية أن النساء في اليمن، لديهن مخاوف عديدة متعلقة بالأمن، ويرقى بعضها إلى حد الانتهاكات الجسيمة هجمات عند نقاط التفتيش إذا لم تكن المرأة برفقة قريب ذكر لها، وهجمات خلال الاحتجاجات، بما في ذلك المضايقات، والاحتجاز التعسفي والتعذيب وضروب أخرى من سوء المعاملة من طرف قوات الأمن، وتزايد العنف المنزلي.
وقالت لي إحدى النساء: “كنت مسافرة برفقة ثلاثة أطفال عندما تم إيقافنا عند نقطة تفتيش من قبل قوات الحوثيين. احتجزونا، بدون طعام ولا ماء، في ظل جو حار جدا”. توسلنا إليهم أن يتركونا نَمُرُّ لكنهم رفضوا. أهانونا وهددونا بالاغتصاب. شعرنا بالرعب وبدأنا في البكاء…عندما انتهوا من أمرنا، تركونا ليلا في الشارع في منطقة منعزلة…كنا خائفين، وكان الأطفال مرعوبين”. حسب المنظمة.
ففي اثناء الحروب تتفاقم معاناة النساء، وتصعب حمايتهن او تنفيذ حقوقهن، رغم أنهن الأكثر عرضة للانتهاك، فخلال السفر مثلا تتعرض النساء الى المضايقات والابتزاز وفي حالات أخرى قد يتعرضن للاحتجاز، في حال لم تملك المرأة "محرما"، بالإضافة الى منعهن من السفر خارج البلاد بحجه "عدم وجود ولي أمر أو محرم"، فقد تعرضت ناشطات وحقوقيات الى الاحتجاز والسجن في كلا من صنعاء وعدن ولم يتم الافراج عنهن إلا بحضور ولي الامر، في تمييز صارخ ضد النساء مبني على النوع الاجتماعي.
وأكدت التقارير المحلية والدولية ان الوضع الأمني يتفاقم بين أوساط النساء، وتواجه النساء صعوبة في مواجهة الحياة واعاقة حركتهن، بما يشمل العنف الجسدي واللفظي، والتحرش، وظهر ذلك جليا عقب احداث عام 2011 المتمثل بنشاطهن السياسي، وتنظيم المظاهرات والوقفات، ففي ساحة الجامعة تعرضن الناشطات الى الضرب والشتم من قبل جنود مسلحين تحت ذريعة "الاختلاط" بين النساء والرجال أنذاك.
وأشار تقرير "سيداو" الصادر حديثا إلى وجود احصائيات ونتائج عديدة ملحوظة، ربما تكون الأهم هي تلك المتعلقة بالمشاركة السياسية .
أوضح والتقرير بأن المرأة في اليمن تواجه حواجز كبيرة إذا أرادت قلب الحواجز التشريعية والمجتمعية أمام المساواة. "لا تزال النساء الناشطات سياسيًا في اليمن يواجهن الهجمات والتهديدات والعنف - سواء كن يتظاهرن أو يتظاهرن على الإنترنت أو يترشحن لمنصب. علاوة على ذلك، على الرغم من حصول النساء على ضمانات بحد أدنى من المشاركة السياسية في عملية الحوار الوطني ، يشير التقرير إلى أن المرأة اليمنية تكاد تكون غائبة تمامًا عن عمليات صنع القرار في البلاد ، بينما يتم تهميشها في عملية السلام". وفق التقرير
وعلى الرغم ان القرارات الأممية والاتفاقيات المتعلقة بعملية السلام، تمس النساء والفتيات بشكل مباشر، بيد أننا نجد اثنان وتسعون اتفاقية سلام من أصل 585، تضمنت نصا صريحا يتعلق باشراك النساء في السلام والامن منذ عام تسعون الى الفين.
ودعم دستور الجمهورية اليمنية وجود قاعدة أساسية للقضاء على التمييز ضد النساء وفقا لاتفاقية "السيداو" في المادة الرابعة والسابعة والعشرون، ولكن العمل على الدستور اليمني تراجع الى حد كبير عقب نشوب الصراع في اليمن في الفين وخمسة عشر.
وفي حين صادقت اليمن على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) عام 1984، شكلت الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً في ديسمبر/كانون الأول 2020 مجلس وزراء يفتقر إلى تمثيل نسائي فيه، خلافاً لكل ما ورد في اتفاقية سيداو ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني 2013-2014. ولم يساعد الدعم المحدود المقدم من منظومة الأمم المتحدة في إعطاء الأولوية للمساواة بين الجنسين في اليمن.
وتعد اتفاقية الأمم المتحدة للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو)، التي صدقت عليها اليمن عام 1984، من الأدوات الرئيسية لتنفيذ أجندة المرأة والسلام والأمن في عملية السلام اليمنية، رغم إغفالها حتى الآن، وتوفر الاتفاقية أساساً قانونياً لتنفيذ أجندة المرأة والسلام والأمن، كما تقدم إطاراً معيارياً لتحقيق المساواة بين الجنسين، وهو أمر أساسي لتحقيق السلام والتنمية المستدامين، إذ يرتبط العنف والتمييز ضد المرأة ارتباطاً مباشراً بالأمن القومي، بينما تُسرع المساواة بين الجنسين وتيرة النمو الاقتصادي وتحقيق الأهداف الإنمائية الأخرى.
وأكدت توصيات "السيداو" أن الدستور اليمني لا يركز على مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في كل المجالات، كما أن تشريعاته لا تشمل تعريفاً واضحاً وصريحاً لمبدأ المساواة بين الجنسين.
وطلبت السيداو من اليمن تطبيق قانون شامل حول المساواة بين الجنسين يكون ملزماً للقطاعين الخاص والعام، وتثقيف المرأة حول حقوقها في ظل هذا القانون.
كما أوصت بضرورة معالجة المواقف التقليدية الخاصة بدور ومسؤوليات كل من المرأة والرجل والتي تؤدي إلى حالة من التمييز المباشر أو غير المباشر ضد النساء والفتيات في جميع المجالات، وأضافت أن العديد من مقتضيات القانون الجنائي تمارس التمييز ضد المرأة وطالبت اليمن بإلغاء هذه المقتضيات التمييزية.
#YemenCEDAW
#CEDAW80thSession
#CEDAW80