دعوة للتوحش ..؟!
هل سبق وإن دعاكم أحدهم إلى التوحش .؟ ربما هي غريبة نوعآ ما لكنها الأقرب لمسمى رفض، فماذا لو قبلناها دون تردد ودون أن نتساءل ما الذي يدعونا للرفض ..! ثمة أشياء بداحلنا تستوجب التوحش عليها ،لنتطهر بعدها من دنس الشر الذي يملأ جوفنا إلى الخير الذي نرتجيه ونبحث عنه وهو يلهو بداخلنا .. هل نخاف أن نتوحش على أنفسنا، أن نواجه ضعفنا ونرفض الواقع الذي أقحمنا فيه..؟! أم نحن جديرين فقط بالتوحش على الآخرين ممن حولنا ،وإسقاط كل تهم الفشل والإخفاق عليهم ،وبأنهم السبب فيما نحن عليه الآن ... ؟!
هل سنتوحش فعلآ ..؟! لأجلنا ،لواقعنا،لحياتنا ،للمستقبل الذي نخاف أن نقترب منه خشية أن نحترق.؟ لما لا نبدأ الآن بقرع طبول التمرد، وننتفض على خضوعنا وصمتنا، ونبدأ حينها بتشييع كل من يدعونا للتوحش والقسوة على بعضنا...؟!
نحن حقيقة وبدون أدنى شك بحاجة مآسة للتوحش على أنفسنا،على كل المسميات التي تجبرنا للإنصياع والقبول ،على حياة لم نألفها يومآ ولم تكن هي وجهتنا الأولى ولا حتى الأخيرة، لما لا نرفض أن نبقى على قيد واقع لم نختاره طوعا ؛ ولكنا مجبرين كرها على الخوض في غماره ،لماذا نجبر على العيش راضين خانعين مستسلمين ومسلمين ، لماذا تبقى" لأ "حبيسة في جوف الحلق ونخشى أن نلتفظ بها أو نسمعها أنفسنا ،ويسمع ضجيجها الآخرين من حولنا ؛ تعبيرآ عن عدم رغبتنا وقبولنا لأمر ما .؟!..لما لا نتوحش على صمتنا ،لما لانرفع صوتنا بالرفض بتلك المسماه " كفى" ..ما الذي تبقى لنا لنخشاه.؟!
هذه الدعوة تختلف كثيرآ عن دعوات الأفراح والمناسبات التي يدعونا إليها الآخرين والتي تنقضي بانقضاء مدتها ، دعوة التوحش هي لنا حصريآ دون إشراك أحد ،إن عزمنا عليها يبقى أثرها بحياتنا على مر الزمن ، هي تنتشلنا حتمآ من أفكارنا الضيقة، من عصبيتنا المقيته، من أنانيتنا المفرطة ، تجعلنا أكثر إيجابية أكثر رقي ومثالية، هي دعوة للتوحش على أنفسنا على صفات كرهناها فينا ،وربما فرضت علينا دون أن تكون تلك حقيقتنا ،نحن ندعوها لليقظة مما هي عليه الآن ،للوحشية التي ترشدها للإستقامة للتمرد الذي يسوقها للنجاة ..
للعنف الذي يدفعها للحب والسلام..
وللقسوة التي تقودها للرحمة والإنسانية .
علينا أن نتوحش كثيرآ ، أن نرفض الشخصية التي نرتديها ،الطباع التي جعلتنا مستسلمين لها ،و ما اقترفته أيدينا بحقنا، وبحق الآخرين من حولنا ،علينا أن نتوحش على العقل الذي ملأنا فكره كذبآ وتصديقآ وتزييفا ،على القلب الذي اثقلناه عبثا، على الحقد الذي يقودنا إلى الفرقة والشتات،على التعصب للرأي، للعقيدة ،للمذهبية ،للحزب، للجماعة، للأشخاص، للعنصرية القاتله، ولكل المسميات المتصارعة التي أعمت بصيرتنا وجعلتنا لا نتقبل أحدآ ففرقتنا ومزقتنا وأفرطت في تفككنا ..
علينا أن نتوحش على العملات الورقية التي سلبتنا الطهر واسقتنا النفاق،
على المنصب الذي جعلنا ندس السموم في كل من يحاول انتزاعه منا،على البلاهه التي نصاب بها من وسائل الإعلام فنصدق كل كذبه تلوث بها مسامعنا بداية كل صباح ونهاية كل مساء ..
على الغباء الذي يدفعنا لتصديق كل ما يمر بنا ،"خطابات الكبار ودعاة الحرب والإقتتال "،علينا أن نصم أذاننا عن سماعها ،عما يفرق وحدتنا ،وينتزع منا إخوتنا ؛ يجدر بنا أن نرفضها علنآ لنحيا في سلام .
أخيرآ
دعونا ولو للحظة ننجو بأنفسنا،نتوحش عليها لتستقيم ،ونتمرد فيها على البقاء قيد الإنتظار،على الخوف قيد الحياة،على الكراهية قيد الحب ،وعلى كمية الفشل و التعقيدات قيد النجاة..؟!
ربما بعد كل هذا ننجو بالوحشية ..
# لطيفة الفقيه