نص ليس للقراءة !

لماذا لا نحاول أن نكون لطفاء؟

لماذا نتسرع في اطلاق الاحكام؟

لماذا ندعي المثالية فقط لأن عيبا ما في غيرنا ليس موجود فينا بينما نمتلئ بالعيوب المقيتة؟

لماذا قالوا لنا أن إيليا أبو ماضي هو شاعر التفاؤل وصدقناهم؟


عود على بدء هل من الصعب أن نكون لطفاء ؟!


ذلك الشخص الرائع المتجسد أمامكم!

من أخبركم إنه سعيد؟ 

ومن أخبركم إنه تعيس؟

هو شخص ممتلئ بالاحداث فقط.. أليس كذلك؟!


ومن الذي قال أن مقياس الوجع واحد ؟؟

هل تعلمون أن الطفلة التي كسرت لعبتها حزينة جدا جدا وهذا أعظم أحزانها؟

هل تعلمون أن الشاب الذي صدم بسيارته حزين وهذا أكبر همومه؟

هل تعلمون أن ذلك الكهل الذي كست حبات الشعر الثلجي رأسه هو أيضا حزين لذكرى والده الذي فارق الحياة منذ ثلاثين عاما أو يزيد، فهو يتيم! هو يتيم كذلك الطفل اليتيم ذو السبع سنوات الذي استشهد أبوه في الحرب..

هل تعلمون أن الشاب الذي بُتِرت ساقه بسبب الشظايا يتألم ويتمنى لو كان مكان الشاب صاحب الحادث آنف الذكر.. 


لا تطلقوا الاحكام فكل منهم يمر بأزمته الخاصة.. وربما استثنى منها حتى أقرب المقربين.

والسعادة كالحزن لا مقياس لها فهناك من تسعده مصوغة من الذهب، وهناك من تسعده حبة شوكولاته، وهناك من تسعده ابتسامة.. وهناك من يتمنى سماع صوت فقط، أو رؤيا في المنام!


هل تعلمون أن ذلك الشخص الممتلئ بالاحداث هو أنا وأنت وهو وهي وهم ونحن؟؟

بعضنا في قمة انتصاره مهزوم! فهو لم يجد عين محب ترنو إليه وربما لاسباب أخرى..

وبعضنا في قمة انهزامه منتصر! فهو وجد من يجبر كسره وربما لاسباب أخرى أيضا..


أوتعلمون هناك منتصر مهزوم في ذات اللحظة..ومن أجل انتصاره فقد الكثير والكثير وفي مكان ما فقد نفسه.. ربما فقدها مع شخص رحل، وربما أغتالها شخص أحبه بشدة..


هو ذاك المفقود المحسود، يشار إليه بالبنان.. البنان التي تحدث ثقوبا في قلبه أيضا..


سأعيد سؤالي بصيغة مختلفة ما المشكلة في أن نكون لطفاء ؟


هناك من أجبرته الحياة على تركها وهو حي يرزق..

 فقط بضع أيام وربما بضع سنوات أو عقود..


قال أحدهم الاكتئاب مرض يكاد يكون عضوي، رد أخر هذا ضعف ايمان.. 

وما بين هذا وذاك واصل عزيزي المكتئب تقشيره لحبات الفول السوداني، جلست فقلت له ما مشكلتهما؟

قال: مشكلتهما أنهما لا يريدان حل مشكلتي وضحك ساخرا..

قلت: ولما تشاهدهما؟

 قال: فقط لأرى سيناريو ما بعد النهاية فحينها لن أكون موجود وهو ذاته ما يحدث الآن لن يتغير شيء.. 

قلت: بفزع ومتى النهاية ؟؟

 قال: الله وحده يعلمها.. 

قلت: الحمدلله.

قال: لا تخف لن أنتحر.. فأنا لست أحدهما..

 سألت: بحاجة لدعم؟

 قال: بحاجة لحب.

 سألت: أين نجده لك.؟ 

قال: وجدته..

 سألت: أين ؟ 


قال: عند الله أرحم الراحمين..

قلت: ونعم بالله.


لا تُعِدْ قراءة النص فقط حاول أن تكون لطيفا في المرة القادمة التي تقابل فيها كائن من كان..


منهل خليفة.. عدن غراد

24.06.2020م

مقالات الكاتب