أسماعيل الفائق يكتب : أحلام الواقع الاسود...؟!

خاص _ أسماعيل الفائق


مسرعاً أقبل إليّ صديقي كعادته دائماً في لهفٍ وشوقٍ للحديث معي ، وجدني ووجدتة في اللحظة نفسها وأنا تائه على شاشه هاتفي اجول العالم عبرها ، ليبادر إليّ بسؤالة الذي لطالما كان يسألني ياه كل ما قُدِّر لنا أن نلتقي ..؛؛
أين أنت يا هذا ..؟ أين أختفيت ؟ بل أين أختفى قلمك؟ أين ذهبت حروفك وكتاباتك التي كنت دائماً تعتق تفكيرنا المأسور في خبايا هذا العالم المعتم بها وبسطورها ؟ اوضعتها في الجُبّ !! أم التقمها الحوت !! أم أجُدبت مرافئ خيالك !! أم أنك صائم !!
نهضتُ إلية ووضعت يدي على فمه وأنا أُعبُّر له بملامحِ وجهي عن مدى سخطي وبؤسي وإنزعاجي ملتفتاً إلى النافذه .
قال لي مابك ؟؟ أچِب.؟
تحركت شفتاي أخيراً :
(2)
يبدو أن هناك أمر ما !!
ماذا ؟؟
لا أدري ، ولكن هناك شيء يُحدِث إرتياباً لا معهود ، لا أدري كيف أُعبِّر ، ولكنه كصوتٍ يصنع ضجةً بداخلي ، ما زال صداه يتردد بأسماعي حتى اللحظه .

أخبرني ماذا حدث ؟

توليّتُ غرفتي ، إستلقيتُ الفراش ، قبلها توضأت وبعدها قرأت الأذكار ورقيت كامل جسدي ، كنت نائماً كالعادة ، ربما تجاوزت الأربع ساعات ، أعتقد أنها الثالثة فجراً ، اذ بي أسمع صوتاً لأول مرةٍ بتلك البحةِ الفردوسية ، لم يكن كصوت البحر في هدوءة حين طلوع الشمس ، أو غروبها ، ولم يكن كوقع الطلِّ في خدِّ البنفسج ، كالنسيم العليل ، إنساب على أركان جسدي مثل النهر ، تغلغل في ثنايا روحي ، وعبر مسامات الجلد ، أحدث بإشعاعاته  هدوءاً ممزوجاً بكميةٍ هائلةٍ من الحماس والإندفاع العقلاني .

حسناً ؛ أخبرني من صاحب ذاك الصوت ؟

طرق الباب وأستاذن بالدخول فألقى السلام وحيّاني بإسمي ، ثم ما كاد أن يقف حتى تداركت نفسي ولملمت أجزاء جسدي لأجلس فجأةً كطالب العلم..وقارئ التحيات ،
نظر لعينيَّ وأمعن النظر ، إستخرج تنهيدةً من أقاصي جسدة فابتسم ، وظهرت ثناياة كالؤلؤ ، ثم التفت يميناً فيساراً والخلف ،علّه كان يتأكد أن لا أحد..ولا أحد هنا سوانا وثالثنا الأحد .
(3)
ماذا قال ؟ من يشبه ؟ ما هيئته ؟

إهدأ ؛؛؛
حسناً سأخبرك :
إقترب مني فجأةً ثم أقترب وأقترب حتى أحسست بنَفَسهِ وسمعت شهيقه وزفيرة ،ثم أختفى !!!
بعدها لم أرَ شيء ، الأ أن كلماته إجتاحتني لوهلةٍ كدت فيها أن اتبعثر ،
سألني بماذا تسحّرت ؟؟
أجبته دون شعور :
بجماجم ألأطفال وضحايا الحرب المستعرة التي لا تبقي شيخاً ولا تذر إمرأة.
قال فماذا شربت ؟؟
قلت : دموع أمٍ مات وليدها ، ووليدٍ رحلت أمه ، وكهلٍ فُقِد مُعيلة الوحيد.
قال فما الخبر ؟
قلت لكلِ نبأٍ مستقر.
قال أين أنت ؟؟
قلت هنا بين النبضة والنبضة ..وما بينهما غصةٌ ودمعهٌ ونحيب .
قال فما الحال ؟؟
قلت أفكر دائماً كيف هو الخروج من هنا من هذه العتمه ، تراودني الأفكار وأظل امرر امنياتي بإحلال سلامٍ عااااااام لكل العاااالم ،
قال من أنت ..؟
قلت؛ عبدٌ مأمور..قلبٌ مقهور..حلمٌ مبتور..غيمةٌ أو سحابة ، أحملُ أمنية واظلل أملاً وأردد اغنية..فقيرٌ بغناه.وسقيمٌ بصحته..أدعوا أن أكون على أمل.. وأتمنى أن أبقى على قوة..وأرجو أن أحيا حباً.
قال :صدقت
فعجبت له !! يسالني ويصدقني..؛
(4)
قال : عليك أن تعرف نفسك ، وإن تُدْرِرك كُنْهَها وجوهرها.
هدأت لألتقط نفساً ..!!
أخذ كلتا يدية ووضعهما بصدري..اطبقهما كالأخشبين على قلبي دون أن ينتظر علّها أن تخرج نبضةً موحِّدة..
كِدتُ أسقط..
بريق عينيه أشعل مواقِد قوتي..إنتصبت..وعَلَت هامتي..إقترَبَت عينايَ بعينيه..ترتبَّت نبضات قلبي مع نبضاته .. وأخذْنَ يردِّدن نشيداً عذباً موحداً..
تحركت شفاهه:
أرى بعينيك عالماً جديداً ..
أرى كوناً فسيحاً ومضيئا..أرى العالم..،
أرى بحر الصين وأمواجة المتلاطمة ، أرى قصر غرناطة ومآذنة تصدح في الأنحاء ، أرى قزوين وغابات أفريقيا ، أرى أواسط آسيا ، أرى الهند والبلقان ، أرى مراكش وحدائق بابل ، أرى الحجاز ونينوى وسقطرى ونهر الفرات والنيل ، المح هضاب ليبيا وجبال موريتانيا وسهول الجزائر ووديان السودان وحصن اليمامة ،
أرى خالدًا والقعقاع وعمر وسعيد وبن الوقاص والغافقي والتميمي ،
أرى حنكه العثمانيين، وشجاعة اليمنيين ، وفداء الأفارقة ،
بعينيك نجومٌ ملتهبة ، حريقٌ هائل ، صخبٌ عارم ، غيومٌ متلبدة ، حروفٌ تجّرُ الحتوف ، سهامٌ من أسى ، رماحٌ من ألم ، غيرةٌ  محتدمة ، وحيرةٌ مزدحمة ، سهابٌ خاوية ، ووهادٍ ثاوية ، جنةٌ من رضا تبتلع سخطاً كاد يأكل ما تبقى من رذاذ روحك السماوية ،
أشعل لهيبك ، أيقظ أنينك ، جهِّز عرينك ، ليس هناك وقت ،
بل هناك من ينتظر..؛؛
ليس هناك يأس..؛؛ بل سيكون هناك أمل ولن يكون هناك بل ستكون انت ،
بصبر بحِلم بذكاء بحدة وشدة وعزمٍ ولين ،
سترتدي درع الشجاعه ، وستلبس خاتم الحكمه والحنكه ، ستعقد قرانك بالقوة ،
لا مجال للتراجع أو الفتور..ليس من أجلك..بل من أجله
قُم..
لا تبحث عمن يدثُّرك أو من يُزملُّك..لا تتلوى كالأعشى  ، ولا تتعامى عن وظيفتك
هآنذا أقرأ أحلامك ، هآنذا أطأ مواطن أهدافك ، أُدرِك إتساع أمنياتك التي لا تذر قلباً تمُرُّ علية الا جعلته قويم..
أخذ تلابيبي وزمجر غاضباً بعد أن كان باسماً في نقطة تحولٍ عجيبة ، صاحَ فيّ ؛
لا تتأخر لا تتوانى هناك راية سترفع ، هناك شيء يجب القيام به ، كن طوع ضميرك ، اذعن لصوت قلبك ، لا تتردد ؛؛
هناك دموعٌ ستسقط ..هناك تنهيداتٌ تصّعد الى السماء كل لحظه..
هناك مظلومون..بؤساء..مسلوبون..هناك سوادٌ يكسوا العالم..
ماذا تنتظر ، قم بما يقع على عاتقك ولا تتقاعس كالجبان .
(5)
 غاب عني في لحظةٍ كنت فيها أُصارع نفسي وأُرتب كلماته وأحاول استيعابها..
جسدي مرتعبٌ مرتجٌّ منذ اللحظه الأولى وأنا لا أعرف ، الآن أحسست بالخوف ، الآن يداي ترتعش ، الآن قلبي يخفق في سرعةٍ لا تضاهى ،
التفتُ إلى الوراء قليلاً وأخذت كوباً من الماء ، ثم التقطت سجادتي وصليت ركعتان صببت فيهما كلّ ما أحملة ، حتى أخَذَتِ الطمأنينة مكانها من جديد في خلايا جسدي..
عُدتُ لنومي وصحوتُ صباحاً على خبر ورشة المنامة ومناسك صفقة القرن ، وهانذا الآن بين يديك..
وهاقد سمعت كل شيء..فما قولك ؟؟!!
نظر صديقي إلى عيني لثلاث ثوانٍ فقط ثم انطلق كالبرق دون أن يقول حرفاً واحداً ، وما عساه يقول ؛!!!
التفتُ إلى نفسي ووضعت يدي اليمنى على قلبي ونظرت للسماء حتى سقطت سحابةٌ بغيثها..؛؛
وليتها كانت سحابة..!!!

بل كانت أسئلةٌ تَسْاّقَطُ على قلبي لم أجد لها اجوبةً إلى الآن..!!!

رُبَمّا رُبَمّا هيَ أحلامُ الواقع الأسود."

*#إسماعيل_الفائق* ✨?

مقالات الكاتب