عن مسلسل تشيرنوبل

المسلسل القصير تشرنوبيل، مسلسل جميل يستحق المشاهدة به تفاصيل تنقلك للزمان والمكان بشكل رائع، ربما كثير منا قراء عن حادثة تشرنوبيل وشاهد عدة وثائقيات، لكن المشاهد بشكل عام يفضل الاعمال الدرامية التي بدورها تنطبع في ذاكرته لأنها تلامس العاطفة الى جانب العقل..

عن العمل بطريقة أو بأخرى قد ينتابك بعض الحنق من النظام السياسي السوفييتي حين ذاك لأن العمل شدد على فكرة الأكاذيب التي كانت تنشر للناس في ظل اعتراف بخطأ ناتج عن قلة خبرة المناوبين  ليلة وقوع الحادث قلة خبرة وليس إنعدامها وربما سوء في التقدير وهذا يحدث لأن وبحسب المسلسل نفسه كل شيء محسوب علميا وليس اعتباطيا، هذه بالطبع حقيقة وظفتها شركتي الانتاج الأمريكية والبريطانية المنتجة للعمل طبعا قد يكون البعض نسي حادثة العام 1975 التي حدث في امريكا في إحدى مفاعلاتها النووية وحينها تفاخر السوفييت بأن مفاعلاتهم النووية أكثر أمانا من نظيراتها الأمريكية فكانت الفرصة للأمريكيين في 1986 في حادثة تشرنوبيل لرد الصفعة، لكن وبعد انهيار الاتحاد السوفييتي وبحسب منظمات الطاقة النووية التي عقدت اجتماعاتها لتقييم المفاعلات النووية راهن البعض على سقوط النموذج السوفييتي في بناء المفاعلات ولكن كانت المفاجأة أن بعض المفاعلات البريطانية كانت أقل أمانا مما استوجب ايقاف عمل بعض منها،  إذن فنحن أمام مد وجزر في حرب التفوق العلمي وبشأن نشر الأكاذيب المضللة فأي دولة لن تحب الظهور أمام شعبها بمظهر الدولة المخفقة وخلق حالة من الذعر في وقت حرج لن تكون مناسبة بالتأكيد خصوصا دولة رائدة في العلوم والتقنية.. كل ما كان منهم من عملية اجلاء للسكان والتي كان لابد منها وكيفية التعامل مع المفاعل الذي يشكل خطر على قارة بأكملها وكيفية السيطرة على الحريق الناشب في المفاعل اعمال تحسب لهم في مقابل التكتم الذي ما أن ذاع بعد أيام كما أوضحه المسلسل أيضا. 


اما عن المسلسل فمن وجهة نظري كمشاهدة اقتصار الرأي في الطرح على اثنين من العلماء فقط وجعل احداهن بمثابة محقق مطارد (لإيصال فكرة دولة الاستخبارات) لم يكن موفق فحدث كهذا من الطبيعي أن يشارك فيه عدد كبير من العلماء لإنقاذ ما يمكن انقاذه.. وهذا ما اتضح  في أخر المسلسل في سرد المعلومات الحقيقة حيث صرح المسلسل نفسه عن وجود لجنة من العلماء فهذا لا جدوى منها بعد أن تشبع المشاهد بفكرة العلماء الاثنين فقط.

ايقاع المسلسل واحد تقريبا إلا في بعض المشاهد، لكن هذا لا يلغي أن العناية في التفاصيل اعادتنا الى تلك الحقبة الزمنية وهذا يحسب للمسلسل.

بعض المشاهد لعمال المناجم كان بالإمكان الاستغناء عنها في اعتقادي، فقد كان جليا أن  الغرض منها اظهار الجانب العنيف فيهم وبالنسبة لي لم يكن موفق، يكفي تعاملهم مع الوزير لإيصال الفكرة.


عبرة للتاريخ: منطقة بريبيت بنيت للعاملين في مفاعل الطاقة النووية في تشرنوبيل أصبحت حاليا منطقة جدب سياحي للزوار الذين يريدون مشاهدةالمدينة المهجورة، علاوة على ذلك بعد الحادث بسنوات قليلة عاد بعض السكان المحليين لبعض القرى وهم من كبار السن، وكذلك نشوء حياة برية من أشجار وحيوانات.. كل شيء على الله يسير.


منهل خليفة.. عدن غراد

28 يونيو 2019م

مقالات الكاتب