بضغطة زر ..؟!
من حيث بدأت ومن حيث انتهيت
ضغطة الزر وحدها من أيقظتك ..
" لم تعد حياتنا كالسابق ربما تبعثر نصفها في اللاوعي والنصف الآخر أضعناه أمام شاشة الجوال ؛ بضغطة زر تشكلت حياتنا بألوان لم نألفها يومآ ولم نرغب بها ؛؛ لكننا تعاطينا معها رغمآ عنا ؛ تمامآ كالإدمان الذي يصيب صاحبة ويقربه رويدآ من النهاية ..
بضغطة زر بتنا نعيش معظم تفاصيل حياتنا ؛ نتمنى ونحلم ،نقف ونبتعد، نحب ونفترق، نهدأ ونحترق ؛ نحن نخوض غمار المنافسة فقط لنحيا ؛ رغم أننا لا نتعدى حدود جدراننا الأربعة،ولا نستطيع أن نحرر انفسنا من وحشة الإضاءة .
بضغطة زر نمارس طقوس الحياة بتقلبات أمواجها ،ولا نخشى حينها الغرق ، فنحن في حماية شاشتنا الموقرة ، وتحت وصاية الظلام الذي يقينا حر الأشعة ؛ صاحبة الجلالة وحدها من تنهض بنا أو توهي بأصغرنا إلى مستنقع اللاعودة ..
بضغطة زر نبقي من نشاء بجوارنا ، وبضغطة أخرى نهوي بهم إلى قارعة الطريق ونشيع ماضيهم إلى مثواه الأخير.
بضغطة زر نتحكم بملامحنا ،بخفايا عواطفنا، وبعنفوان عصبيتا ،وبثورة العناد التي ورثناها من الدم ؛ نحن لا نظهر على الأغلب حقيقة مانشعر به، ولا نتهور في كشف ما يرجف أصابعنا وحتى الوريد ؛ وإن تحدثنا مرارآ نحن نبدو أكثر حذرآ بضغطة زر .
بضغطة زر قد نخطئ في الإختيار في الرفض وعند الرضا ؛ قد نتهور في حذف من يشعرنا بالوجود ؛ وفي المقابل وبضغطة أخرى قد نتقبل ونضيف من يملأ أصابعنا شوكآ، ويترك بداخلنا جرحآ غائرآ لا يندمل ولاتمحيه ضغطة زر .. كيف يمحى هو عالقآ بجوارحنا تمامآ كما تعلق شاشة الجوال إن امتلأت بأصنام...؟!
بضغطة زر نفقد الكثير من ذكرياتنا،مذكرات يومية احتفظنا بها لسنوات كانت شاهدة على تلك المعارك التي خضناها دون أحد ، صورآ أقمنا حولها مآدب الذكرى وأوقفنا عندها عجلة الزمن ؛ لتبقى عالقة في شاشة الجوال نتصفحها كلما أردنا أن نلتمس بعضآ من صدقها والكثير الكثير من براءة ونقاء أصحابها لحظة التقطاها.
بضغطة زر قد نحذف كم هائل من الرسائل ، أحدثت الكثير بداخلنا ؛ فكانت سببآ في ابتسامتنا أو دافعآ لنا للنهوض والبقاء .. لكنا ورغم حرصنا فقدناها مكرهين على الخطأ ومجبرين على الرضا ؛ في الوقت الذي لازلنا نحتفظ فيه برسايل ورقية منذ سنين ولم يعتليها غبار ؛ حتى أتت لعنة التكنولوجيا ليصبح كل شي " حتى السلام " يمر من خلالها ؛ تمامآ كحارس البوابة الذي نسي أن يغلقها جيدآ ففقدها بضغطة زر .
# بضغطة زر قد أنشر ماكتبته الآن، وبضغطة أخرى قد يأتيكم إشعار تم حذف المقال ...
# لطيفة الفقيه