حوار خاص مع إحدى رموز النضال الحقوقي والنسوي في اليمن ... عفراء الحريري:" النضال كلمة وموقف وحجة وإيمان ورفع الصوت جهارًا ليس بين جدران القاعات"

نور سريب / فاين لاين النسوية :

أصدرت مؤسسة أكون للحقوق والحريات عددها الرابع من مجلة فاين لاين (FINE LINE) النسوية والتي تُعدّ منبرًا وصوتًا للنساء في اليمن، ويتم إصدارها بجهود ذاتية من فريق العمل وموارد المؤسسة الخاصة.

وحوى العدد الرابع الذي صدر في شهر  مارس من العام الجاري، على عدد من المواد المتميزة والمتعلقة بوضع المرأة وقضاياها ونشاطها المدني، إضافة إلى حوار صحفي مع شخصية العدد الاستاذة المحامية والحقوقية عفراء حريري ، فيما يلي نُعيد نشر المادة في صحيفتنا بعد أخذ موافقة بذلك من رئيسة المؤسسة لينا الحسني.

 

احدى نساء عدن المتميزات حقوقية بارزة عرفتها قاعات المحاكم حتى ميزت صوتها المساند للمظلومين نشرت مرافعاتها في الصحف الورقية قبل عقدين من الزمن، واجهت منظومة الحزب الواحد رغم كل حملات التشهير والاساءة خلال عملها الحقوقي، أرادت دراسة الإعلام حين سافرت إلى روسيا واحبت الكيمياء وحققت النجاح في الدراسات العليا بعدن وشاركت مع النساء في التطوع لخدمة مدينة عدن في احلك الاوقات والحروب، للتعرف اكثر والخوض في المواضيع الحقوقية والنسوية تلتقي مجلة الفاين لاين بالحقوقية والسياسية عفراء الحريري.

 

"عفراء خالد إبراهيم الحريري مسقط رأسي خور مكسر وتربيتي في كريتر تلقيت تعليمي  الأساسي  ينقسم بين مدرستين  من أول وثاني ابتدائي في مدرسة الفقيد هاشم عبدالله بمديرية خور مكسر ثم مدرسة الشهيد ناجي سابقًا (بازرعه حاليًا) بمديرية كريتر ومن ثم درست في ثانوية الجلاء، خدمت سنتين قسم الحاسوب في المستودعات الطبية المركزية ( جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية)، وكنت مسؤولة الدعاية والتحريض في أشيد أثناء الثانوية العامة ومثله في الطلائع وعضوة اللجنة النقابية في الخدمة الوطنية " هكذا بدأت عفراء الحريري بتعريف نفسها.

 

واكملت عن دراستها خارج البلاد قائلة:" سافرت للاتحاد السوفيتي للدراسة في(الإعلام - صحافة) حينها لم تكن  هناك دراسة جامعية للتخصص الإعلامي ولكني وجدت تخصص تربية أطفال، عدت إلى اليمن وقدمت في كلية التربية قسم كيمياء أحياء، وكلية الحقوق ونجحت في الكليتين واخترت الحقوق على الرغم من شغفي بالكيمياء أحياء، لان والدتي كانت تدرس في كلية التربية (تربية وعلم نفس) كي لا يحسب كل شيء يحدث لي أو معي على وإلى والدتي، فالتحقت بكلية الحقوق التي لم تكن على بالي ولا ضمن أمنياتي وفي كلية الحقوق كنت ضمن اللجنة الطلابية".

 

وعن الدراسات العليا قالت :"حاصله على ماجستير دراسات نسوية ونوع اجتماعي وحملت رسالة الماجستير عنوان النوع الاجتماعي في المواثيق الدولية وإشكاليته في التشريع اليمني".

 

نشأت عفراء الحريري في منزل جدتها لأمها وقضت معظم سنوات عمرها معها، قالت عن تلك المرحلة:" لقد تأثرت كثير بشخصية جدتي الشجاعة، الكريمة، المحبة لفعل الخير.. التي بعد وفاتها تركت جرح غائر في نفسي، لأني لم أكن معها حين توفيت، وذلك ما جعل كل شيء عندي متساوي الحياة والموت، الفرح والحزن".

 

بداية الدفاع عن الحقوق

 

ساهمت الحريري في نشاطات تطوعيه عدة منها أبان حرب ١٩٩٤م تلك الحرب التي اشتعلت بين جمهوريتي اليمن المتحدتان عقب اعلان 1990م وقد  انتهت الحرب بانتصار الجمهورية العربية اليمنية وضم جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية لها مجدا تحت اسم الجمهورية اليمنية. قالت عن تطوعها في تلك المرحلة:" كنت ضمن مجموعة من النساء للتطوع في إعداد الطعام للجنود في الجبهات، وتنظيف مستشفى الجمهورية والتبرع بالدم ومساعدة ضحايا الحرب من المدنيين بمختلف الطرق الممكنة وقتها".

 

وعن سؤالنا عن بدايتها في الدفاع عن حقوق الانسان والمحاماة قالت:" أن قلت محض صدفة، فقد ظلمت نفسي، فقد كانت كل مراحل العمر وأنا ضمن اللجان والاتحادات والفرق للمطالبة بحقوق الاخرين، بدأت مشوار الحقوق مع منظمة العفو الدولية، كنت منسقة الحملات كما أتذكر هذه التسمية، حينها كنت بدأت في مهنة المحاماة ترافعت في قضية امرأة من النساء المهمشات حكم عليها بالرجم حتى الموت في المحكمة الابتدائية ودفاعي عنها كان أمام المحكمة الاستئنافية لانهم لم يجدوا من يترافع عنها، وصدر الحكم بالاكتفاء بالمدة القانونية كانت حوالي ثلاث أو اربع سنوات واسقطت عقوبة الرجم حتى الموت وأصبح الحكم سابقة قضائية – لم يعد يحكم فيه - كان هذا تقريبًا في العام  ١٩٩٦م، وبعد ذلك عملت  في قضية الطفل مازن ( كما كانت تسمى قضية طفل المحاريق ) الذي تم اغتصابه في رمضان من قبل ثلاثة أشخاص وحكم عليهم بالقصاص في الابتدائي وفي الاستئناف بعشرسنوات الى خمسة عشر سنة واستمريت في متابعة القضية الى المحكمة العليا التي حكمت بالقصاص ثم موافقة الرئيس السابق وضمت إلى الحكم قضية طفل اخر والمغتصب قام بتقطيع الطفل فحكم بالاعدام على ثلاثة من الأربعة وواحد أخذ خمسة عشر عامًا، وكان أول إعدام بعد قيام الوحدة اليمنية يحدث علانًا في م/عدن تحديدًا في منطقة الشيخ عثمان في الساحة التي أمام محكمة التوثيق ونُفذ حكم الإعدام في شهر رمضان وهو نفس الشهر الذي تم فيه اغتصاب الطفلين".

 

وتضف:" حينها غطت صحيفة الأيام تنفيذ حكم الإعدام ونشرت المرافعة الختامية ليّ على صفحاتها الورقية، وكانت بداية تعرف الناس عليّ واستمرت صحيفة الأيام تنشر مقالاتي بنفس الصورة التي حضرتها و التي تم التقاطها لي في يوم الإعدام، و كانت هذه القضايا بدون أتعاب غير مبلغ رمزي ألفين ريال في قضية طفل المحاريق. وبعد ذلك  بدأ نشاطي في إتحاد نساء اليمن فرع م/عدن، عام ٢٠٠٠م، تم ترشيحي كمدربة وميسرة في برنامج مناهضة العنف ضد المرأة المدعوم من قبل منظمة أوكسفام بريطانيا-اليمن، وكانت أول مرة في حياتي أدخل مجال التدريب لنساء فاضلات واخترت مواضيع للتدريب عن أشكال وأنواع العنف، حينها كانت السلطة السياسية تنكر وجود العنف ضد النساء أو لا تريد التحدث عنه خاصة العنف الجنسي، وقدمت التدريب على النحو الذي جعل التقييم فيه عالٍ، وتم طباعة أوراق العمل في كتيبات من أربعة أجزاء مع أوراق عمل قدمت في فعاليات أخرى من اليمن بدعم من منظمة أوكسفام وأغفلت ورقة العمل المتعلقة بالعنف الجنسي.

 

وتستمر في سرد تلك المرحلة قائلة:" هناك تم تفضيلي من قبل مديرة برامج أوكسفام السيدة ماجدة السنوسي بين أن أكون مدربة أو منسقة، وكان الاختيار بأن أكون منسقة في نفس الوقت عُرض عليّ بأن أكون مسؤولة الدائرة القانونية من قبل رئيسة اتحاد نساء اليمن فرع م/عدن الأستاذة الفاضلة إحسان عبيد وطلبت مني قبل أن أقرر أفكر في الأمر، وقبلت، كنت حينها منسقة برنامج مناهضة العنف و مسؤولة الدائرة القانونية وتوسع البرنامج من دائرة قانونية إلى اجتماعية ونفسية من أجل النساء المعنفات إلى جانب دائرتي الأحداث والسجينات وفريق عمل متكامل من النساء والشابات يكمل بعضنا البعض، كنت أحصل على حافز مئة دولار أستلم منها عشرون دولار فقط والباقي يتوزع على الفريق الذي كنت مسؤولة عنه، كانت هذه التجربة الرائدة على مستوى الجمهورية اليمنية وعممت على فروع اتحاد نساء اليمن( تعز، حضرموت، أبين، الحديدة واضيفت صنعاء واب ولحج التي أضيفت فيما بعد( وسنأتي إلى ذكر ذلك) إن لم تخنِ الذاكرة".

 

استاذة عفراء الدمج الكامل بين جمهوريتي اليمن (جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية والجمهورية العربية اليمنية) انتج صراع قوانين ظلمت المرأة على اثرها ولكن كان لاتحاد نساء اليمن فرع عدن موقف مشرف تجاه مادة طلب الزوجة الى بيت الطاعة القادمة من صنعاء حدثينا عن تلك التجربة وعن نشاط الاتحاد في اعداد تقرير القاهرة لمناهضة العنف القائم على النساء وماهي التبعات التي حلت عليكم تجاه هذا النجاح؟

قالت:" نعم كان إتحاد نساء اليمن فرع م/عدن الرائد في إلغاء مادة طلب الزوجة الى بيت الطاعة حين قررت النساء التحرك من عدن بالباصات صوب صنعاء، وأذيع ذلك الخبر وتم حذف المادة فعلًا، كما كان الاتحاد عضو في شبكة شيماء لمناهضة العنف ضد المرأة وشاركنا في مؤتمر القاهرة وكنت ضمن خمسة من معدي التقرير الذي تم تقديمه للمؤتمر في القاهرة، نجاحات اتحاد نساء اليمن فرع م/عدن لم ترق للحزب الحاكم حينها (المؤتمر الشعبي العام) فجند النساء للسيطرة على الاتحاد وحصلت معارك كثيرة و ما زلت كثير من النساء شاهدات عن ما حدث، وتم استدعائي الى إدارة الامن لكوني محرضة وأسرب معلومات مغلوطة في التقرير عن العنف ضد المرأة في اليمن و من إدارة الامن إلى المحافظ كان حينها أستلم المحافظة أ. يحي الشعيبي، ورفعنا قضية في المحكمة لم تستكمل إجراءاتها لعدم حضور من ينوب مدير الشؤون القانونية، وحصلوا على الاتحاد بانتخابات شكلية قريبة جدًا إلى التعيين وذلك ذكر في تقييم التقارير للمراقبين الدوليين حينها. لم يكن الخلاف على رئيسة الاتحاد حينها بالقدر الذي كان عن وجودي، في حين أن رئيسة الاتحاد كانت متمسكة بالمبدأ بحد ذاته لكيان حقق نجاحات متعددة".

 

تضيف:" وبعد ذلك غادرت الاتحاد بمشروعين من بنات أفكاري أحدهما تم تنفيذه وتطبيقه وتحول اسمه إلى الحماية القانونية وألتقى بي  ممثل منظمة أوكسفام يعتذر مني ويطلب مني بان يستمروا في دعم البرنامج وتوسيعه إلا أنه لن يكون من عدن، طالما أنا لست موجودة فيه وستظل الفكرة فكرتي، وبالفعل أنطلق البرنامج مرة أخرى من تعز، وفي نفس تلك الفترة أثناء شهرة اتحاد نساء اليمن فرع عدن كرمت حينها كمحامية في الدفاع عن الاحداث في جعل مدينة عدن، مدينة خالية من جرائم الاحداث".

 

قالت عن استكمال مشوارها الحقوقي:" من اتحاد نساء اليمن فرع م/عدن وأستمر المشوار عندما جاء  وفد من البرلمان الألماني ممن سمعوا عن نشاطاتنا مع السجينات وابلغوني أنهم سمعوا عن مشروعي بشأن دار الايواء للسجينات المفرج عنهن وأطفالهن أولئك اللواتي ترفض أسرهن أستلمهن وكنت قد تحدث عن هذا في أكثر من لقاء ومحفل، بالفعل بعد موافقة البرلمان والخارجية الألمانية جاءت منظمة  GTZ الألمانية الداعمة المالية لمشروع دار الايواء أو دار الإغاثة لرعاية المرأة بعد استلامهم لدراسة أعددتها بهذا الشأن، واختاروا منظمة ألمانية DED تتولى الشؤون الفنية وتحتها مستشارين اثنين و اتحاد نساء اليمن فرع م/عدن، و ال gtz مسؤولة عني وعن  طاقم العمل ، ولمدة ما يقارب عام كامل كنا نخطط ونلتقي ونجتمع و ننجز كل الأمور ذات الطابع الفني، إلى أن حدثت مشكلة في ded  لم أكن مسؤولة عنها فألغي التعامل معها من قبل gtz وبالتالي انتهى معها من كانوا تحت مسؤوليتها اتحاد نساء اليمن واثنين مستشارين وتم افتتاح المركز برعايتهم من قبل رئيس محكمة الاستئناف فضيلة القاضي عصام السماوي، إلا أن اتحاد نساء اليمن أعلن الحرب عليّ فكان لا يأتي محافظ الا ولديه شكوى ضدي وابرزهم أ. أحمد الكحلاني ويتم التحقيق معي واثبت الأوراق ان كل شيء سليم، وشكاوى لدى إدارة الامن والبحث الجنائي والشؤون الاجتماعية ونيابة الاستئناف عن المركز وسوء ادارته وهويته المجهولة والعميلة الجاسوسة التي تسرب معلومات عن السجينات والخ ....واتهمت بكل  ما يخطر في البال من اتهامات  وكان الاعلام مسخر لذلك، مثلما كان الوضع في اتحاد نساء اليمن عندما أرادوا السيطرة عليه فيأتيك مثلا عنوان على صحيفة ما (يهودية تقتحم اتحاد نساء اليمن، اليهودية عفراء ,سجاح الهندوسية في صحيفة أخرى والجميل انني ما زلت أحتفظ بكل هذا من قصاصات الصحف والمذكرات ،،، وغيرها".

 

وتكمل قائلة:" كان مركز الايواء تجربة رائدة على مستوى الشرق الأوسط وشمال افريقيا في ما يتعلق بإيواء السجينات المفرج عنهن وأطفالهن وكانت هناك ثلاثة مشاريع أخرى جميعها تسير مع بعض وهي:

  1. مشروع مناهضة العنف ضد النساء والأطفال في المناطق الشعبية بدعم من الخارجية الفرنسية وفيه خط ساخن لتلقي الشكاوى والقضايا.
  2. مجموعة ائتلاف الشباب لدفاع عن حقوق الانسان وهو فريق قانوني متكامل للدفاع عن الحقوق ضد قضايا الفساد في جميع المجالات (الصحة، الأراضي، البيئة الخ)، بدعم من المركز العربي لحقوق الإنسان) إلى جانب مركز الايواء الأساسي وجميعها  مشاريع ناجحة، وتسير على نفس الوثيرة، ومن لم يعجبها الوضع كانت تشكو لمنظمة  gtz فتأتي إلى المركز ليتحققوا بأن المشاريع لا يتم دعمها مما خصصوه لمركز الايواء والحمدلله كان التقييم السنوي يحقق مستوى عال لذلك أستمر دعمهم ثمان إلى تسع سنوات كاملة وهذا قلما يحدث مع المنظمات في اليمن.

 

مع بداية الحركة الثورية للحراك الجنوبي السلمي كانت عفراء مع النساء اللاتي ناصرن القضية الجنوبية ورفضن الانتهاكات والتهميش الذي نال من الجنوبيين قالت عن بداية مسيرتها تلك:" بدأت مسيرتي مع الحراك الجنوبي بخطاب في٣٠ نوفمبر٢٠٠٧م وتوالت رحلة الخطاب والمشاركة  في مناطق مختلفة من عدن إلى حصين الضالع حتى الى المكلا وكنت المرأة الوحيدة في الحراك ثم شاركت بعض النساء معي في الساحات واثناء ألقائي للكلمات".

 

وتضيف:" اُعتقلت في ابريل ٢٠٠٨م في فرزة الهاشمي الشيخ عثمان وكنت في طريقي الى الحبيلين لحضور محكمة عن معتقلين الحراك وكانت معي زهرة صالح رحمة الله عليها أرادت ان تأتي معي الى الحبيلين ووقعت معي في فخ الاعتقال و المعتقل".

 

"أهنت حينها بمشاهدتي الباكورة في يد امراه أمنية أمام مدير شرطة الشيخ عثمان ثم اقتيادي بسيارة هيلوكس تعيش بعمرها الافتراضي في الحقيبة الخلفية ( الخانة) وبحضور شخص يسمعني كلام سيء واخذت هواتفي مني وتم اقتيادي الى الحبس الاحتياطي في خورمكسر وجردت من شنطة يدي وطلبت ان يبقى معي دواء بخاخ الربو وبقيت حاجيات زهرة معها ثم أخذوها، طلبت مني الأمنية الدخول الى داخل الحبس وليس المكان التي تجلس فيه مسؤولة السجن رفضت وقبل ان ندخل في معركة، جاءت نائبة رئيس البحث الجنائي الأستاذة نعمات شوذري، و خرجت لأعود الى سيارتي المحتجزة في شرطة الشيخ عثمان تغيرت المعاملة تمامًا عند عودتي جلست في المقدمة بجانب السائق ومن كان يسبني صار يمدحني وصلت قسم الشرطة اختفى المدير وترك مفاتيح سيارتي" هكذا وصفت ما تعرضت له اثناء الايقاف غير القانوني من قبل الأمن في فترة حكم النظام السابق والذي لم ينته بعد".

 

وتضيف عن دفاعها عن متظاهري الحراك السلمي الجنوبي:" ترافعت مع فريق مجموعة ائتلاف الشباب للدفاع عن حقوق الانسان عن ٢٢٥٠ معتقل تقريبًا الحراك، من ٢٠٠٨وحتى ٢٠١٣م".

 

وعن ثورة الربيع العربي التي سميت بثورة التغيير قالت:" وبدأت رحلة عام ٢٠١١م وكنت أول المتحمسات للثورة الشبابية، وأول المسيرات انطلقت من صيره مع بعض الشباب والرجال إلى  ساحة البنوك و ثم جاءت النساء ، وكن بعض الاخوات يمرن إلى بيتي ونتحرك معًا ومنهن (منال مهيم ، عيشة طالب وأختها ،،، وغيرهن) نمشي في شوارع كريتر الى ساحة ميدان زكو ثم استقر الرحال على ان تكون نقطة لقاءنا وبقاءنا ساحة البنوك في كريتر، وسافرت بدعوة الى بيروت لحضور مؤتمر النساء وثورة الربيع العربي وكان لدي ورقة عمل لتقديمها ومنها إلى القاهرة وعدت من ثم لأكون عضوة في الحوار الوطني الذي انطلق عقب ثورة الشباب حاملا قضايا عدة".

 

وعن نشاطها الحقوقي ما بعد فترة انقلاب جماعة الحوثيين واشتعال حرب 2015م قالت:" وتابعت قضايا المعتقلين والمخفيين قسرًا في السجون السرية، وكنت من اولى المحاميين/ ات في تناول السجون السرية من عام ٢٠١٦م، قبل أن يتحدث عنها أي أحد، وكثير من الأنشطة والقضايا كان يتسلق البعض فيها عليّ ولا يذكرني ولا يعترف بي وينسبها لنفسه (نساء ورجال)، مثلها مثل مبادرة إنقاذ عدن ( وفيها العديد من النساء)، إلا أن التاريخ لا يمكن محوه طالما هناك شهود أحياء، لذلك صعب تزييف الحقيقة".

 

ضريبة النجاح

 

قالت عن ما خسرته في رحلتها المستمرة:" واجهت الكثير من الصعاب ومن مكايدات النساء المتعددة والتي لها ألف شكل ولون ولايسعني الا كتاب كامل عن ذكرها، بفصولها وابوابها والاسماء والمناطق والأماكن و تخللها المشاكل الصحية التي كانت ضريبة لكل مامريت به فقد أصبت بعد التطوع لتنظيف مستشفى الجمهورية التعليمي والتبرع بالدم والتعرض لكل الملوثات بفيروس  B  الكبد الوبائي وفي عام ٢٠١١م بعد عودتي من بيروت إلى القاهرة وفي القاهرة اكتشفت إصابتي بمرض السرطان"، واثار الكيماوي التي مازلت أدفع ثمنها والحمدلله على كل حال.

 

واصلت حديثها قائلة:" لن أنسى في رحلتي هذه من وقفن معي من النساء، أ. إحسان عبيد التي وقفت معي وشجعتني، وتبنت أفكاري وحولتها إلى واقع حياة لم تكن تمارس سلطة قمعية او حتى تشعرنا انها المديرة او الرئيسة كما يحدث الأن في العديد من منظمات المجتمع المدني على الرغم من بعض الخلافات التي حدثت بيننا إلا أنه يظل لها فضل كبير عليّ، ثم اعتنت بي خلال فترة مرضي هي وأنيسة جبل ثم الأستاذة الفاضلة راقية حميدان رحمة الله عليها وطيب الله تراها حين خذلني الجميع في مرحلة من مراحل عمر مركز الإغاثة لرعاية المرأة، والاستاذة الفاضلة رشيدة همداني التي انتزعت مبنى للمركز من السلطة المحلية في المحافظة ومن الشؤون الاجتماعية. لابد أن اذكر أمثال هؤلاء لأن وراء كل نجاح بالتأكيد ناس لهن الفضل هؤلاء يأتوا بعد الأسرة المكونة من ( جدتي وأمي وأبي ) ومساحة الحرية الممنوحة لّي والتي استغليتها في حدودها".

 

اجابت عن سؤالنا اذا ما شعرت بالندم باي مرحلة من عمرها بسبب انخراطها في العمل الحقوقي:" لا. لم أندم بشكل كامل على العكس تمامًا الصفعات التي تلقيتها كانت تزيدني قوة وعزيمة وكلما انهزمت أعود أكثر قوة وعزم إلا انه تنتابني الحسرة قليلاً عندما أجد نفسي لا أعرف او لا أتذكر ماركات المكياج و صبغات الشعر…وغيره من احتياجات المرأة والعناية بجمالها، ندمت حين وجدت أن علاقتي بعملي أكبر من علاقتي بأسرتي، فالزيارات لم تكن على المستوى المطلوب أو هكذا شعرت وأيضا ندمت حين توفت جدتي وأنا غائبة وبعيدة حتى وان كنت في فترة علاج الا انني كنت عائدة من رحلة عمل او في رحلة عمل وهذا الامر الذي ترك جرح عميق وألم في نفسي".

 

وعن تساؤلنا عن اذا ما تغيرت الاحوال عقب انتهاء منظومة الحزب الواحد من جانب الاساءة والتشهير قالت لنا:" اخبرتكم عما واجهته سابقا، واما بعد 2011 لقد استمرت حتى في هذه الحرب عام ٢٠١٥م، وتحديدًا بعد ورشة العمل التي أقامها مركز عدن عام ٢٠١٦م تقييم عدن بعد عام من الحرب حين كان الأخ عيدروس الزبيدي رئيس المجلس الانتقالي محافظ لعدن و تناولت موضوع التعيينات و انه ينبغي الانتباه للقانون في اصدار القرارات .. والخ، وحينها بدأت الحملة الإعلامية ضدي كل التهم أتهمت بها الدعارة والبغاء والنهب والسلب والعمالة والتجسس والخ إلى حد التهديد بالقتل والتحريض على القتل.

 

وتكمل حديثها:" وبدأ حينها مركز اليمن لدراسات حقوق الانسان بشخصية أ. محمد قاسم نعمان بحملة توقيعات وصلت بسرعة قياسية الى ٤٠٠ اسم وكانت مستمرة الا أنها توقفت حينما توقفت الحملة الإعلامية ثم في اشتباكات أغسطس ٢٠١٩م عادت مرة أخرى وجاءت اطقم عسكرية لا اعلم لأي جهة  تتبع للبحث عني في حارتي ولم تجدني وبدأت حملة تهديدات عبر الهاتف بالتصفية الجسدية غادرت عدن حينها الى محافظة جنوبية أخرى وعدت حين تدخلت جهات دبلوماسية في الامر وتوقف".

 

برايك لماذا عندما يكون الهدف امرأة يعتمدون على تشوية السمعة والحيل اللاأخلاقية؟

لان لا شيء يمكن أن يزعج المرأة ويؤثر عليها مثل الحديث عن شرفها وأخلاقها وهذه تعد نقطة ضعف لدينا نحن النساء في مجتمعات محافظة كمجتمعاتنا، يعرف أمثال هؤلاء أن تناول أخلاق المرأة هو الذي يكسرها ويحد من نشاطها وبالفعل ذلك يحدث مع الكثيرات وتتضاعف المشكلة حين تتناول النساء هذا الأمر وتقود حملات على ذلك النحو، هذا الذي يفاقم المشكلة، لان الشاهد على النساء نساء مثلهن، وما يتبادر الى الذهن بأنه طالما ان الشهادة جاءت من نساء فهن أعلم بعالمهن".

 

وبالعودة عن حديثنا عن الفرق بوضع المرأة بين الماضي والحاضر قالت:" الفرق بأن الوضع العام والأنظمة السياسية ساعدت وساهمت كثير في نهوض هذه الحركات النسوية وتقدمها وحين انهزمت الأنظمة وتراجع مد الحركات التحررية و ظهرت التيارات الدينية المتطرفة أدى الى  تراجع الوضع كثيرًا عن ما كان عليه".

 

استاذة عفراء تصاعدت وتعددت اشكال الانتهاكات بحق النساء، ونتساءل هل كشفت الحرب ما كان يختبئ في المنازل او ان الحرب عززت وساعدت في رفع مستوى الانتهاكات ؟

القسم الثاني من السؤال هو الإجابة الحرب كشفت كل شيء كان مزيف ابتدأ من خطاب السلطة السياسية مرورًا بايدلوجية الأحزاب والمكونات السياسية خاصة قادتها وانتهاءً بالرجل البسيط العادي في البيت، تصاعدت لتعدد الجهات التي تدعي مسؤوليتها على الأمن، الى جانب غياب وانعدام تطبيق القانون، و إضراب المحاكم وهذا معناه الحكم بموت العدالة و الحكومة الشكلية التي لا تمتلك قرارها والوضع المبعثر الذي لم تستطع الحكومة ان تعمل به لفسادها ولا قوة مسيطرة لأنها تريد اللحاق بما تبقى من الفساد (أقصد المال العام) وغير ذلك ,مما جعل هاتين القوتين لا تفكر بشيء يخص قضايا الناس رجال ونساء وخاصة النساء غير السباق على من يصبح تاجر  حرب لديه أكبر ثروة.  

 

وقالت عن امكانية ردم القصور القانوني الذي يجعل المرأة ضحية خاصة جرائم الشرف:" يجب النضال باستمرار، اذا لا نؤمن بقضايانا لن نستطيع الدفاع عنها والنيل من حقوقنا والنضال ليس النزول الى الشارع، النضال كلمة وموقف وحجة وإيمان وناس حولك رجال ونساء، رفع الصوت جهارًا ليس بين جدران القاعات لكن على مستوى جميع وسائل التواصل الاجتماعي والاعلام بأنواعها ( مسموع ومقروء ومرئي) والشارع ومرفق العمل والمدرسة، وليس لفترة ومرتبط بالدعم بل بالاستمرارية الى أن تتم الاستجابة، العمل من الان الى ان يأتي السلام، لان القوانين تحتاج الى سلطة تشريعية وهذه غير موجودة الان بمعناها الحقيقي ولكنها حتمًا ستأتي".

 

وتضيف:" أن الشرف ينطبق على الرجال والنساء فهل يا ترى الرجل الفاسد يعد رجل شريف بالتأكيد لا". والسلطة التي تشرع أو التي تحكم أو التي تقاضي أو تنفذ...كل هؤلاء لديهم شرف!،  فيا ترى اين هو والوضع هكذا؟ ألا يتعلق ذلك بالشرف ومنظومة الأخلاق أيضًا.

 

وقالت في ختام حوارنا مخاطبة النساء:" هناك فرق كبير بين الايمان بما نحمله ونعقده ونعتنقه وبين الكسب السريع والرغبة في الشهرة من أجل المال والوجاهة فقط، فأنا بلا وظيفة حكومية ومع ذلك كنت أدبر نفسي من مصروف يعطيه لي أبي وأمي والحمد لله من فترة لفترة أقوم بأنشطة أو اعداد أوراق بحثية أو سياسات أو تدريب أو (قضية كبيرة وهذا يحدث نادرًا) يتوفر مبلغ أعيش به مع ابني (الذي صار يستوعب ماذا يعني قضايا حقوق الانسان؟) دون أن أحتاج إلى أحد، وتمر أيام صعبة بعض الشيء  إلا أن المال يبقى ثانوي طالما هناك ايمان حقيقي بالعمل في مجال الحقوق"، والحمد لله".

 

وتضيف:" لا تتعاملن بالجحود مع من كان سبب في نجاحكن حتى في نشاط بسيط أذكرن الجنديات المجهولات اللواتي يقمن بمعظم العمل وأنسبن الاعمال لأصحابها، تعلمن الايثار والتضحية  في الدفاع عن حقوق الانسان، (فليس كل من شاركت في دورة تدريبية في الدفاع عن حقوق الانسان مدافعة عن الحقوق مثلما تقول العزيزة غادة فضل)، وينطبق الأمر على كل الأنشطة والفعاليات".