الإعدام لقاتلَي الإعلامية شيماء جمال.. هل يكفي إعدام القتلة لحماية النساء من العنف والقتل؟

الإعلامية شيماء جمال

شريكة ولكن/ الوطن توداي :

أصدرت محكمة مصرية، في 11 أيلول/ سبتمبر الجاري حكماً بالإعدام في قضية قتل الإعلامية المصرية شيماء جمال، على يد زوجها القاضي والمستشار ونائب رئيس مجلس الدولة أيمن حجاج.

وأفادت مصادر رسمية محلية أن محكمة جنايات الجيزة، حكمت بالإعدام شنقاً على الزوج القاتل أيمن حجاج، والمقاول حسين الغرابلي، بعد مواجهتهما تهمة القتل عمداً عن سابق الإصرار والتعمد.

وكشفت التحقيقات أن زوج الضحية “قرر التخلص منها بذريعة الخلافات العائلية”. كما لفتت إلى أنه “عرض على شريكه في الجريمة حسين الغرابلي معاونته على قتلها، مقابل مبلغ مالي”.

وأكدت أن المجرمين “عقدا العزم وبيّتا النية على قتل الإعلامية شيماء جمال. ووضعا لذلك مخططاً اتفقا فيه على استئجار مزرعة نائية لقتلها فيها وإخفاء جثمانها في قبرٍ يحفرانه فيها”.

وأشارت إلى أنه “بعد أن نفذا جريمتهما، أحرقا الجثة لإخفاء معالمها، قبل دفنها”.

واكتُشفت جريمة قتل شيماء نهاية شهر حزيران/يونيو 2022، بعد نحو 3 أسابيع على اختفائها.

يذكر أن الحكم جاء بعد أن أحالت المحكمة أوراق المجرمين إلى المفتي، في 16 آب/ أغسطس 2022، لأخذ رأيه الشرعي بإعدامهما، علماً بأن “رأيه غير ملزم للمحكمة”.

والدة الإعلامية الراحلة شيماء جمال:

“سأتقبل العزاء بعد إعدام القاتلين وتسليم جثمانيهما إلى عائلتيهما، مثلما تسلمت جثمان ابنتي”

بعد صدور الحكم، الذي كانت تنتظره عائلة شيماء، أعلنت العائلة أنها ستتقبل العزاء بابنتها الراحلة بعد تنفيذ الحكم، بحسب مصادر صحفية.

من ناحيتها، استقبلت والدة الضحية الحكم بالصراخ والتهليل، معتبرةً أن “حكم الإعدام جاء إحقاقاً للحق والعدل”، بحسب المصادر نفسها.

وأشارت إلى أنها ستتقبل العزاء في منزلها “بعد أن يتسلم أهل المجرمين جثمانيهما كما تسلمت جثمان ابنتي”.

كما شددت على أنها “ستواجه المتهمين في حال الطعن بالحكم، أو تقديم مذكرات نقض من قبل فريق دفاعهما”.

جرائم بالجملة تستهدف النساء والفتيات

في الأشهر القليلة الماضية، وقعت عدة جرائم قتل استهدفت الفتيات والنساء، تزامنت مع مطالباتٍ شعبية بإعدام المجرمين.

ففي 20 حزيران/ يونيو 2022، أحدثت جريمة ذبح نيرة أشرف في وسط الشارع على يد زميلها محمد عادل، بعد رفضها الارتباط به، صدمة كبيرة في مصر.

وقضت محكمة مصرية، في 28 حزيران/يونيو 2022، بإحالة أوراق القاتل إلى المفتي، لإبداء الرأي الشرعي في إعدامه شنقاً.

وفي منتصف آب/أغسطس 2022، قُتلت الشابة المصرية سلمى بهجت طعناً على يد زميلها في الجامعة إسلام طرطور، في محافظة الشرقية في مصر.

انضم اسم الشابة المصرية أماني عبد الكريم الجزار إلى قائمة ضحايا الرفض في مصر.

إذ قُتلت أماني على يد أحمد فتحي، الذي لم يتحمّل رفضها الارتباط به، بداية شهر أيلول/سبتمبر الجاري.

وجدّدت هذه الجرائم مطالب الشارع المصري بتنفيذ حكم الإعدام بحق القتلة.

مطالبات عززها التخوّف من استمرار اتباع هذا النهج في ملاحقة الفتيات، على أمل الردع ووضع حد لجرائم قتل النساء والفتيات.

إلا أن الجرائم، ما لم يُوضع حدّ لأسبابها ومحفزاتها المختلفة، الاجتماعية، والاقتصادية، والقانونية، والعرفية، والتشريعية، فلن تكون العقوبة كافية لإيقافها.

هل يكفي إعدام القتلة لحماية النساء والفتيات من العنف والقتل؟

تعد ظاهرة جرائم قتل النساء الظاهرة الأكثر تطرُّفاً ووحشيةً من أشكال العنف، الذي يتعرضن له، بحسب الأمم المتحدة.

ففي عام 2020 وحده، قُتلت 81000 امرأة وفتاة، 58% منهن على يد الشريك أو أحد أفراد الأسرة. ما يعادل مقتل امرأة أو فتاة كل 11 دقيقة.

في حين تتعرض 1 من بين 3 نساء للعنف الجنسي، أو العاطفي، من قبل الشريك.

ويُعتبر الوضع في المنطقة العربية خطراً. فبحسب مؤسسة “إدراك للتنمية والمساواة”، رُصدت 186 جريمة عنف ضد النساء خلال كانون الثاني/يناير وشباط/فبراير 2022.

بينما تم تسجيل 296 جريمة بحقهن، عام 2021.

وفي سياقٍ متصل، رصدت مجموعة “فيمنيسيدز ألجيري” في الجزائر، 24 حالة قتل للنساء والفتيات للعام 2022.

والأمر نفسه ينطبق على المغرب، والأردن، والعراق، والسعودية، ولبنان.

لا تتوقف الجرائم المبنية على النوع الاجتماعي، بفعل انتشار المعتقدات والأعراف الأبوية المشجعة على قمع النساء والفتيات، والمبررة للعنف الذي يستهدفهن بشكلٍ شبه روتيني.

فكيف يمكن ردع التشريعات الذكورية المحرضة على تعنيف الفتيات والنساء، اجتماعية كانت أو سياسية، أو دينية، قبل بلوغها مرحلة القتل؟

وهل يكفي الإعدام للمدانين بجرائم القتل للحد من انتشار هذه الجرائم؟

وهل يمكن اعتبار أحكام الإعدام وسيلةً فعالةً، وحلاً ناجعاً، لمكافحة الجرائم ضد النساء والفتيات؟

أو هي مجرّد عقوبة تحقق الانتقام للمجني عليهن وذويهن، إلا أنها لا تحقق الردع العام؟

وإذا كان الإعدام يحقق العدالة لأرواح ضحايا الغدر الذكوري، فكيف يمكن بلوغ العدالة لنساءٍ وفتياتٍ أعدمت التشريعات الذكورية حيواتهن، وجعلتهن أسرى العنف والقمع والتسلط؟!