عبور آمن إلى الوطن لامرأتين تقطعت بهما السبل في اليمن الذي مزقته الحرب
مهاجرة إثيوبية تبلغ من العمر 27 عاماً، كانت تكسب رزقاً متواضعاً من بيع الخضار. وعندما سمعت من جيرانها أن الآخرين في مجتمعها كانوا يكسبون دخلاً أعلى في المملكة العربية السعودية، قررت المغادرة من المنزل وهي تحلم بكسب ما يكفي لشراء منزل لعائلتها.
يسافر عشرات الآلاف من المهاجرين من القرن الأفريقي، وخاصة إثيوبيا والصومال، إلى اليمن كل عام. ويقوم معظم المهاجرين بهذه الرحلة هرباً من الفقر المدقع ويأملون في العثور على فرص اقتصادية أفضل في دول الخليج، وخاصة المملكة العربية السعودية.
ويتولى تسيير رحلاتهم شبكات تهريب تقنع المهاجرين بأنهم على بعد خطوات قليلة من حياة أفضل. وبدلاً من ذلك، فإنهم يواجهون مشقةً وعنفاً شديدين في رحلاتهم.
تروي أبيبا :"على الشاطئ في الصومال، حشرنا المهربون في قوارب غير صالحة للإبحار نقلتنا عبر خليج عدن إلى اليمن المتضرر من الصراع. وكان هناك حوالي مائة شخص على متن القارب. وفي وسط البحر، كان علينا إخراج المياه بأيدينا لتجنب الغرق."
كانت أبيبا واحدة من القلائل الذين تمكنوا من الوصول إلى الشاطئ على قيد الحياة. وقد تمكنت من الحصول على الأموال الإضافية التي طلبها منها المهربون لتشق طريقها إلى صعدة، وهي مدينة تقع على الحدود بين اليمن والمملكة العربية السعودية.
وهناك، مكثت مع أختها التي كانت تعيش هناك بينما كانت تنتظر السفر. وذات يوم ضرب صاروخ منزلهم وتغيرت حياتها إلى الأبد.
فقدت أبيبا أختها في الهجوم. وبقيت في المستشفى في غيبوبة بسبب إصاباتها لعدة أشهر. وقد أحضرها أحد أقاربها من صعدة إلى صنعاء وبذل قصارى جهده لتلبية احتياجاتها.
وسرعان ما أدرك أنه لا يستطيع أن يعتني بها بمفرده وجاء بها إلى المنظمة الدولية للهجرة للحصول على المساعدة. وقد استقبلها الفريق الصحي التابع للمنظمة الدولية للهجرة في مستشفى في صنعاء وقام بتغطية تكاليف علاجها في المستشفى.
وفي وقت لاحق، قامت المنظمة بتأمين مكان آمن لأبيبا لتقيم فيه في منزل في صنعاء حيث تلقت علاجاً طبياً إضافياً ودعماً نفسياً.
قالت أبيبا:"فقدت أختي في هذه الرحلة، وقد أصبت بحروق وجروح في هذا الهجوم. لقد كانت رحلتي مروعة، وأريد العودة إلى بلدي."
منذ بداية هذه الرحلة، يتعرض المهاجرون لمخاطر مثل الجوع والغرق والعنف والاستغلال على أيدي المهربين والمتاجرين بالبشر.
ومثل أبيبا، غادرت إتينش إثيوبيا سعياً وراء حياة أفضل، لكنها تعرضت للإيذاء والاستغلال في رحلتها.
قالت إتينش، وهي امرأة إثيوبية تبلغ من العمر 18 عاماً: "لقد تعرضت للضرب من قبل المهربين في جيبوتي عندما لم أستطع الدفع لهم. ثم عرض مهرب آخر دفع ثمن رحلتي إذا تزوجته."
"وبمجرد وصولنا إلى الشواطئ اليمنية، كنت حاملاً. تركني زوجي بدون طعام أو مال. ومشيت لأسابيع للوصول إلى شمال اليمن."
وفي الشهر الثالث من حملها، غيرت إتينش رأيها وقررت الرجوع والعودة جنوباً إلى صنعاء.
تابعت إتينش قائلةً: "في صنعاء كنت أعيش مع أناس في مجتمع أورومو. ولم أستطع العمل بسبب حملي ولم يقبلني أحد. ساعدتني آخر امرأة معها على الولادة، لكن لم يكن لديها ما يكفي من المال لرعايتي، لذلك أخذتني إلى المنظمة الدولية للهجرة."
"لم أستطع إخبار عائلتي من قبل أني قد تزوجت، ولكنني أرسلت لهم مؤخراً صورة لابنتي. اتصل بي والدي وبكى. وألقى باللوم على نفسه لأنه لم يمدني بالمال الذي أحتاجه عندما كنت في حاجة إليه."
قررت كل من أبيبا و وإتينش العودة إلى ديارهما وقد تمكنتا من العودة إلى إثيوبيا في أكتوبر على متن إحدى رحلات العودة الإنسانية الطوعية التي تسيرها المنظمة الدولية للهجرة من صنعاء.
ولا يزال الآلاف من المهاجرين الآخرين في اليمن عالقين في المراكز الرئيسية في عدن ومأرب وصنعاء وصعدة. فالكثير منهم ينامون في الشوارع ويكافحون لتأمين ما يبقيهم على قيد الحياة من غذاء وماء.
وتساعد المرافق التي تدعمها المنظمة الدولية للهجرة في عدن وصنعاء المهاجرين الذين تقطعت بهم السبل، حيث توفر لهم سقفاً آمناً يأوون إليه، ووجبات يومية، ورعاية طبية، ودعم نفسي واجتماعي ومعلومات عن الهجرة الآمنة.
ويتم تمويل المراكز التي استضافت أبيبا و إتينش من قبل الاتحاد الأوروبي، ومكتب السكان واللاجئين والهجرة التابع لوزارة الخارجية الأمريكية، ومركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، بينما تستخدم المنظمة الدولية للهجرة الدعم المقدم من حكومتي ألمانيا وفنلندا لتقديم الاستجابة الصحية للمهاجرين.
كما يمول مكتب السكان واللاجئين والهجرة التابع لوزارة الخارجية الأمريكية ومركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية رحلات العودة الإنسانية الطوعية التي تقدمها المنظمة الدولية للهجرة للمهاجرين الذين يرغبون في العودة إلى ديارهم.
وأضافت أبيبا: "أنا سعيدة جداً بالعودة إلى بلدي. وستكون حياتي هنالك أفضل من هذه التجربة التي مررت بها. وسأحذر كل أولئك الذين يخططون للمجيء إلى هنا لأنني لا أريد لأحد أن يمر بالواقع المرير الذي عانيته."
وسيستمر دعم المنظمة الدولية للهجرة بعد عودة المهاجرين إلى ديارهم في إثيوبيا، حيث يتم إيواء جميع العائدين في مركز العبور التابع للمنظمة في أديس أبابا، ويتم تقديم المزيد من الدعم الطبي والنفسي والاجتماعي للمحتاجين. ومنذ بداية عام 2022، سجلت المنظمة الدولية للهجرة وصول أكثر من 67,500 مهاجر إلى اليمن.
* تم تغيير الأسماء.