خطأ طبي فادح يودي بحياة شاب في صنعاء

ربيد الراجعي


مسلسل الأخطاء الطبية الذي لا ينتهي في اليمن، والذي قد يصور لنا الأطباء إلى أشباح في نظر المجتمع، وما بين قلة الخبرة وبين الاستغلال المادي يتوه المريض، ويتحول إلى سلعة للمتاجرة والاستغلال، وفي النهاية يكون هو الضحية.


فيصل علي العسكري ،يبلغ من العمر (20) عامًا أحد ضحياء الاخطاء الطبية،بمستشفى الكويت الجامعي ،حيث قام بإجراء عملية جراحية لوجود زيادة لحمية في الجيوب الأنفية ، وأثناء إجراء العملية قام مجموعة من الاطباء المشرفين على حالته بزيادة جرعة التخدير ماأدى الى وفاته  أمس الأربعاء ..
ليكون فيصل العسكري أحد ضحايا الأخطاء الطبية الفادحة التي باتت تحصد الأرواح من المرضى في ظل إنعدام الرقابة والإحساس بالمسئولية .

لقد باتت الأخطاء الطبية تشكل هاجساً مقلقاً للجميع، وتجعل الكثير يفكر مراراً قبل الذهاب لطلب العلاج مما يسمعه عن الكثير من الأخطاء، التي قد تكون مميتة في كثير من الحالات؛ وهو الامر الذي أفقد الكثيرين الثقة في الخدمات الطبية المقدمة لهم في بعض المستشفيات الحكومية والخاصة، ولعل غياب الإحصاءات الموضحة نسبة الأخطاء الطبية داخل الوطن يقف عائقاً أمام تحديد حجم الكارثة، إلا أنه من المؤكد للجميع أن مسلسل الأخطاء الطبية بدأ منذ وقت ليس بقصير، لكن لا أحد يعلم متى سينتهي؟

وتكررت ظاهرة الأخطاء الطبية والإهمال في العديد من المشافي ، حيث أصبحت تمثل هاجساً كبيراً لكل المواطنين والعاملين في القطاع الطبي ، ف إلى متى يبقى الأطباء والممرضين في الوطن خارج دائرة المسئولية عن الأخطاء والإهمال الصادرة عنهم التي قد يكون نتيجتها كوارث ومصائب ووفيات ، مايحتم من الجهات المسؤوله إتخاذ الاجراءات الضرورية لمنع تزايد هذه الخطأ  الفادحة.

ومن المعروف أن الطب رسالة إنسانية قبل أن يكون مهنة للتجارة والثراء وجمع المال عند البعض، ولا بد أن يتمتع الطبيب بصفات إنسانية وأخلاقيات المهنة ونكران الذات والتضحية كي يكون طبيباً ناجحاً في حياته العملية.

ولازالت مهنة الطب محاطة بهالة من التقديس والتقدير، فكثيراً ما يعامل الناس الأطباء بقدر كبير من الاحترام وينظرون إليهم على أنهم من النخبة في المجتمع، ومن القلة القليلة التي تحظى بقدرات ومؤهلات يعجز الكثيرون عن تحقيقها. بيد أن كثيراً ما يقع بعض الأطباء في أخطاء طبية، والأخطاء الطبية تحدث إما بسبب الجهل وإما بسبب الإهمال، فالمقصود بالجهل هنا هو ضعف مستوى الطبيب المعالج من الناحيتين العلمية والطبية، وبالتالي يتم تشخيص المرض بطريقة خطأ، والعلاج كذلك ، أما الإهمال فهو معرفة الطبيب بالحالة المرضية ولديه المعرفة لعلاجها، ولكن يحدث تأخير غير مبرر وتهاون وعدم الاكتراث.

وإذا كان الخطأ وارداً في كل مهنة، فإن الخطأ في الطب لا يغتفر، لأنه مرتبط بحياة الإنسان.

إن ما يلاحظ الآن من إهمال واستهتار بالأرواح، فضلاً عن الأخطاء الطبية المخفية المعلنة وغير المعلنة، التي يتم التكتم عليها، ليحتاج إلى وقفة للمراجعة والمساءلة، فمن الأسباب المؤدية إلى ذلك:

1 - ضعف الكفاءة والمهارة عند الكثير من الأطباء.

2 - عدم وجود عقوبات رادعة وصارمة للمستهترين والمرتكبين للأخطاء.

3 - التعب الجسدي والنفسي لدى الكثير من الأطباء.

4 - عدم معاملة المريض باعتباره مريضاً، وإنما زبوناً ، والهدف الأول تقديم الخدمة له وليس العلاج، وهذا ما يتسبب في المضاربة بين المستشفيات والتلاعب بحياة المريض لتحقيق أهداف مادية.

5 - أخطاء التشخيص، الذي يمثل مرحلة من أهم مراحل العمل الطبي، وبناء عليه يتحدد تعامل الطبيب مع المريض وطريقة علاجه، وأن أي خطأ في هذه المرحلة المهمة تتبعها نتائج قد لا تحمد عقباها.

لا أقول إن الطبيب يجب أن يكون منزهاً عن الخطأ، فالخطأ وارد في كل مهنة، كما أسلفت مسبقاً، ولكن حين يقع الخطأ بسبب عدم الوعي بإنسانية هذه المهنة، وغياب القلب الرحيم والحس المرهف، فإن حق الجميع محاسبته.

غياب دور وزارة الصحة وعدم قيامها بمهامها ومسئولياتها في وضع حد لمثل هذه الأخطاء ينذر بكارثه صحية قد تحصد الألاف من الأرواح.

حيث يتوجب عليها  :--
1 - تنظيم المؤتمرات والندوات والدورات التدريبية الطبية المستمرة.

2 - الرقابة والمتابعة المستمرة لعمل الكادر الطبي.

3 - التأكد من السلامة النفسية والفكرية للطبيب بشكل دوري.

4 - عدم ترك المريض للمبتدئين في العمل الطبي أثناء العطل والإجازات والتركيز على ذوي الخبرات والاستشاريين في هذه الأيام.

5 - وضع آليات وأنظمة لرصد الأخطاء الطبية ودراستها والتحقق منها ومعرفة أسبابها وحيثياتها.

6 - خلق حالة من الثقة المتبادلة بين الطبيب والمريض، يأتمن فيها المريض على نفسه وحياته.

وأخيراً، وبصريح العبارة، إن الطب أسمى المهن وأشرفها ويجب ألا يقترن بأي حال بالجانب المالي أو السياسي،لأن ذك سيفقده نزاهته وسيصبح المريض سلعه يتاجر به؛ لتكون  النهاية حياته...

كتب / ربيد الراجعي