السبسي : يرفض التهديدات ويلوح بإتهامات لحركة النهضة الإسلامية

السبسي : يرفض التهديدات ويلوح بإتهامات لحركة النهضة الإسلامية



لم يتردد الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي في اتهام حركة النهضة الإسلامية برئاسة راشد الغنوشي، بتهديده، وذلك في سياق المعركة المفتوحة على هذه الحركة المحسوبة على جماعة الإخوان المسلمين ما يقربها كثيرا من عنق الزجاجة الضاغط عليها سياسيا وقانونيا.

 يأتي هذا في وقت يقول فيه مراقبون إن الرئيس التونسي بدأ يتحرك لتجميع قوى مدنية وحقوقية من حوله لتكوين جبهة مدنية واسعة في انتخابات 2019 يكون هدفها الرئيسي الدفاع عن الهوية المدنية للبلاد وقطع الطريق أمام حركة النهضة للهيمنة على البرلمان القادم بعد أن نجحت في تفكيك نداء تونس واللعب على التناقضات بين قياداته.

وقال السبسي في كلمة افتتح بها، الخميس، اجتماع المجلس الأعلى للأمن القومي التونسي، إن بيان حركة النهضة الذي أصدرته بخصوص لقائه بهيئة الدفاع عن السياسيين الراحلين شكري بلعيد ومحمد البراهمي “تضمن تهديدا له”.

وأوضح أن لقاءه بالهيئة المذكورة أثار “حساسية وحفيظة بعض الجهات، ومنها حركة النهضة”.

وتابع الرئيس التونسي “استمعت إلى المحامين (من الهيئة) وكلامهم كان معقولا وقدموا وثائق. هل أغمض عينيّ؟ ليس هناك سر. التنظيم لم يعد سريا ، يبدو هذا ما أثار حفيظة النهضة”.

وأكد أن ذلك البيان “تضمن تهديدا لي”، ثم تساءل “هل سأسمح بذلك؟ لا… وستنظر فيها (الوثائق المقدمة من الهيئة) المحاكم”، وذلك في إشارة واضحة إلى أنه سيلجأ إلى القضاء للبت في التهديد المبطن الذي تضمنه بيان النهضة.

وكانت النهضة أصدرت بيانا، الثلاثاء، بشأن ما تم نشره على موقع الرئاسة بشأن التنظيم السري واصفة إياه بأنه “نقل لتهجمات باطلة وتهم زائفة تجاه حركة النهضة”.

وحذرت من “خطورة إقحام مؤسسة الرئاسة بأساليب ملتوية بنية ضرب استقلالية القضاء وإقحامه في التجاذبات السياسية”.

ويقول مراقبون إن كلام الرئيس التونسي يحمل تأكيدا على أن ملف الجهاز السري لحركة النهضة سيتم فتحه أمام القضاء، ما سيجعل الحركة في مواجهة صعبة قد تعيد فتح ملفاتها القديمة وتطيح بكل شعاراتها عن المدنية والتمسك بالخيار الديمقراطي.

 ويلفت هؤلاء إلى أن فتح ملف الجهاز السري سيزيد من مشروعية الدعوات التي تطالب بحل حركة النهضة كونها تمثل خطرا على المشهد السياسي لامتلاكها جهازا سريا، فضلا عن اختراقها مؤسسات الدولة الحساسة مثل الدفاع والداخلية مثلما جاء في اتهامات هيئة الدفاع عن الراحلين بلعيد والبراهمي.


وقال المستشار السياسي بقصر الرئاسة نورالدين بن تيشة “إذا كان هناك موضوع يهم الأمن القومي التونسي فهذا من صميم صلاحياته (الرئيس) ومن واجبه التدقيق فيه، والنظر في الجوانب التي تؤكد أو تفند الأمر”.

وتابع بن تيشة “فرضية امتلاك حركة النهضة لجهاز سري أو محاولتها اختراق الدولة، هو كلام سياسي يتم التدقيق فيه والتثبت. هناك وثائق وتسجيلات”.

 وتعليقا على كلام الرئيس التونسي، وما تضمنه من اتهام مباشر لحركة النهضة بتهديده، قال الناشط السياسي، المحامي عماد بن حليمة لـ”العرب” إن المعركة مع هذا التنظيم الذي وصفه بـ”الإخواني” دخلت مُنعرجا جديدا هاما وخطيرا.

ودعا بن حليمة الرئيس السبسي إلى اتخاذ الإجراءات القانونية التي يُخولها له الدستور لمواجهة هذا التنظيم الإخواني الذي “لا أحد بإمكانه أن ينكر أن لديه جهازا سريا أمنيا وعسكريا، مثله مثل بقية تنظيمات الإخوان المسلمين”.

 وأضاف أن الأحزاب السياسية المدنية وبقية جمعيات ومنظمات المجتمع المدني “مُطالبة اليوم بالتحرك للضغط على القضاء لحسم هذه المسألة الخطيرة، والدفع نحو حلّ هذا التنظيم الإخواني”، ويقصد بذلك حركة النهضة.

واعتبر أنها أصبحت “دولة داخل الدولة”، وبالتالي يتعين على مختلف القوى العمل من أجل تصحيح الأوضاع في البلاد عبر التصدي لهذه الحركة التي تغلغلت في مختلف مفاصل الدولة”. والعلاقات بين الرئيس التونسي وحركة النهضة ليست في أفضل أحوالها.

 إذ أعلن السبسي في وقت سابق نهاية التوافق مع الحزب الإسلامي، والذي كان بدأ بعد فوز حزبه، حركة نداء تونس، بانتخابات 2014.

وبدأ التوتر بين الجانبين بسبب الخلاف حول حكومة يوسف الشاهد الحالية التي تلقى دعما من النهضة، بينما طالب نداء تونس بإقالتها.

 ولاحظ متابعون لهذا الخلاف أن الرئيس التونسي بدأ يتحرك لإعادة بناء جبهة مدنية واسعة للدفاع عن الخيارات الاجتماعية لتونس، انطلاقا من مشروع القانون الخاص بالمساواة في الميراث الذي ينتظر أن يعرض أمام البرلمان وأن يمر بسهولة، في ضوء الدعم القوي له داخل الكتل البرلمانية المختلفة. وفي سياق هذا التوجه، تم الإعلان، الخميس، عن تكوين لجنة وطنية لإسناد هذا المشروع على المستوى المجتمعي، وتضم شخصيات حقوقية وجامعيين وإعلاميين.