الانقلاب الحوثي يأكل أبناءه ويطاردهم إلى منازلهم في صنعاء
تعمل ميليشيات الحوثي في العاصمة صنعاء على تضييق دائرة الحريات العامة بشكل أكبر على جميع المواطنين، ووصلت مؤخراً إلى القيادات الذين يعملون ضمن صفوفها والذين تم استقطابهم قبل وبعد الانقلاب سواء من البرلمانيين أو السياسيين.
وكما أن الميليشيات تمارس سلوكيات قمعية على الجميع، فهي لا تسمح بأي نقد في صفوفها على قيادات الجماعة التي تعمل كسلطات أمر واقع في العاصمة صنعاء وعدد من المحافظات التي يسيطرون عليها، وتظهر بشكل جلي حالة الخلافات الحادة بين أجنحة الانقلاب الحوثي بعد تفكك تحالفات سابقة.
ومساء الأحد الماضي 16 يونيو الجاري، حاصرت ميلشيات الحوثي منزل عضو مجلس النواب عبده بشر، والذي يعد أحد أبرز البرلمانيين المواليين لجماعة الحوثي منذ انقلابهم وسيطرتهم على العاصمة صنعاء، وتم استقطابه من قبل الحوثيين عقب ثورة 11 فبراير 2011، حيث سافر إلى طهران ولبنان عدة مرات لذات الغرض.
الحوثي يأكل أبناءه
وعقب حملة إعلامية قادها نشطاء حوثيون ضد النائب الحوثي عبده بشر حاصرت ميليشيا الحوثي، منزله في العاصمة صنعاء، بأكثر من 8 مجموعات عسكرية، واختطفت اثنين من مرافقيه واقتادتهما إلى جهة مجهولة. بحسب ما نقلت مصادر محلية.
وأفادت المصادر “أن ميليشيات الحوثي، كانت تعتزم اعتقال النائب بشر على خلفية تهم من قيادة الجماعة بالتحريض على سلطتها الانقلابية، وعندما لم تجده عمدت إلى اعتقال اثنين من أقاربه وفرضت حصاراً على منزله”.
وكان بشر قد تحدث عما أسماهم “هوامير الفساد” من قيادة ميليشيات الحوثي وكشف عن وثائق، بالإضافة إلى وصفة إعطاء رئيس المجلس السياسي الحوثي مهدي المشاط رتبة مشير، بأنه عمل غير قانوني، وهو ما أثار غضب قيادة الجماعة عليه، باعتباره خارج عن الاجماع في أوساط الانقلابيين واتهم بإثارة الشارع ضد سلطات الانقلابيين.
ويعد بشر من أبرز القيادات البرلمانية المتحالفة مع الحوثيين وتولى عضوية ما يطلق عليها “اللجنة الثورية العليا” عقب الانقلاب في سبتمبر 2014، وعقب ذلك تم تعيينه وزيراً للصناعة والتجارة في حكومة الانقلاب بصنعاء الغير معترف بها دولياً، قبل أن يتم إقالته منتصف العام 2018.
خلافات اجنحة الميلشيات
وسبق حصار منزل النائب عبده بشر، صراع مُعلن بين أجنحة ميلشيات الحوثي على وسائل الاعلام، حيث هاجم النائب الاشتراكي الحليف للحوثيين بصنعاء سلطان السامعي، ما يقوم به أحمد حامد والذي يدير مكتب الرئاسة الحوثية، او ما يطلق عليه المجلس السياسي الذي يرأسه القيادي الحوثي مهدي المشاط ويضم عدد من القيادات الحوثية.
ويمثل القيادي محمد علي الحوثي جناح الثوريين في الجماعة والذي يضم تحته النائب السامعي وغيره من القيادات الذين كانوا ضمن “اللجنة الثورية” التي شكلها الحوثيين عقب انقلابهم وسيطرتهم على العاصمة صنعاء، في حين يمثل الجناح الآخر “احمد حامد” الذي يدير مكتب المشاط ويمثلون المجلس السياسي وتندرج تحته الحكومة الانقلابية.
ويعد “حامد” أحد أبرز القيادات التنظيمية للحوثيين التي تتحكم في عملية إصدار القرارات الخاصة بالتعيينات للمسؤولين في مختلف أجهزة الدولة، ويستمد سلطته من قربه من مؤسس الجماعة الصريع حسين بدر الدين الحوثي. وفي هجوم النائب السامعي قال “بأن حامد يتولى زمام كل شيء في الجماعة والدوائر الحكومية التابعة لهم وأنه المتحكم الفعلي بصناديق الأموال الحكومية الخاضعة للجماعة”.
وسبق أن ظهر خلاف آخر بين القيادي الموالي للجماعة ناصر با قزقوز والذي كان يشغل منصب وزير السياحة، حيث اتهم في منشور بصفحته على الفيسبوك، احمد حامد مدير مكتب المشاط بتهديده بالقتل وفرض الإقامة الجبرية عليه في منزله بصنعاء، عقب خلافات بينهما.
إذلال الموالين للحوثيين
تتكشف يوميا حجم الخلافات التي تشهدها جماعة الحوثي الانقلابية، فبعد الصراع المسلح بين الحوثيين وحليفهم الراحل على عبد الله صالح نهاية العام 2017، والتي انتهت بمقتل صالح وأمين عام حزب المؤتمر صالح الزوكا وتفكك الحزب إلى تيارات جديدة، لكن الخلافات لم تنتهي بالقضاء على صالح وحزبه بل عاودت الظهور من عمق الجماعة.
وعقب ذلك استطاع الحوثيون الإبقاء على قيادات من حزب المؤتمر كرهائن وبلا أي دور محوري في التحكم بالقرارات التي تتخذها السلطات الانقلابية، بل أصبحوا يعيشون بصنعاء تحت دائرة التُهم التي تلاحقهم من قيادة الجماعة الحوثية بولائهم للقيادات المؤتمرية التي تقاتل إلى جانب طارق صالح في الساحل الغربي.
ويمارس الحوثيين الإذلال بحق القيادات الحزبية والبرلمانية التي تواليهم وانضمت معهم وشاركت في الانقلاب على مؤسسات الدولة، وخاصة أولئك الذين ليسوا من صفوف الجماعة التنظيمية العقائدية القادمين من صعدة (معقل زعيم الحوثيين) والذين يتولون الآن زمام السلطات الانقلابية في المحافظات التي يسيطرون عليها.