مونديال قطر 2022 بين مطرقة الاتهامات بالفساد وسندان الضغوطات السياسية

وكالات


تحوم الشبهات حول الطريقة التي أسند بها تنظيم المونديال إلى أول دولة عربية شرق أوسطية، وأثيرت العديد من الملفات حول هذه البطولة، آخرها تحقيقات بوقوع فساد، اعتقل على أثرها الرئيس السابق للاتحاد الأوروبي لكرة القدم ميشيل بلاتيني.


ملف العمال


أول المشاكل التي واجهت الملف القطري للمونديال كان اتهام قطر بانتهاك حقوق الإنسان والعمال، حيث ذكرت منظمة العفو الدولية وجود انتهاكات مقلقة لحقوق العمال في الورش المرتبطة بكأس العالم، فيما يتعلق بظروف العمل وإقامة العمال الوافدين.


هذه الاتهامات دفعت قطر للتحرك بسرعة وإقرار تطبيق القانون الخاص بتنظيم دخول وخروج الوافدين وإقامتهم، بدلا من قانون الكفالة، ووضعت حدا أدنى للأجور في العاملين في مونديال 2022، لتغلق منظمة العمل الدولية الشكوى ضد قطر، في ظل التزام الدولة الخليجية بوعودها.


المونديال الشتوي


ثاني العوائق التي واجهت الملف القطري كان توقيت إقامة منافسات البطولة، حيث تبين عدم إمكانية إقامتها صيفا، بسبب درجات الحرارة المرتفعة في منطقة الخليج، ما دفع بالفيفا إلى اعتماد تاريخ 21 نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2022 وحتى 18 من شهر ديسمبر/ كانون الأول.


هذا التغيير لقي معارضة شديدة من اتحادات كرة القدم في أوروبا خصوصا، لما له من تأثير على البطولات المحلية فيها، وما يترتب من تغيير في جدول الدوريات على مستوى العالم كله، بالإضافة إلى تقليص مدة البطولة إلى 28 يوما، بدلا من 31 أو 32 يوما.


اتهامات بالفساد والرشاوي


وجهت التهم إلى قطر بدفع مبالغ خيالية وعقد صفقات مشبوهة عن طريق مسؤولين قطريين، من أجل دعم ترشيح ملف بلادهم لاستضافة المونديال، بالإضافة إلى تهم الفساد التي تتعلق بحقوق البث الحصري على شبكة قنوات "بي إن سبورت" والمعروفة سابقا باسم الجزيرة الرياضية.


ونفت الحكومة القطرية مرارا هذه الاتهامات، حتى عن طريق الأسرة الحاكمة، حيث غرد الشيخ خليفة بن تميم ردا على هذه التهم عبر تويتر، وكتب: "لكل الأصوات الحاقدة، مونديال العرب في دوحة العرب، الوعد 2022".


وحول الملف القطري والمشاكل التي تحيط بهذا الموضوع، العضو السابق في لجنة الحكام في الاتحاد الدولي لكرة القدم العميد فاروق بوظو، والعضو السابق في لجنة التدقيق المالي في الفيفا من عام 2002 وحتى عام 2012، ويقول:


حاليا ما يوجد هو أخبار تتناقلها الصحف، ولا يوجد أي إعلان رسمي من الفيفا، الفرنسيون هم من يقومون بالتحقيق، أما الفيفا فلم يقم بأي شيء، والاتحاد الدولي ذهب إلى قطر واعتمد البطولة وحدد عدد المنتخبات المشاركة والتاريخ، ولا يوجد أي شيء خلاف ذلك من الفيفا، الفساد موجود في الفيفا، وكان موجودا بشكل أكبر، لكنه الآن أضعف.


ولم يعلق الخبير الدولي حول إمكانية سحب التنظيم من قطر أو حول الأطراف التي تحاول فعل ذلك، وذلك بسبب عدم وجود فكرة واضحة عن ذلك، ويضيف بوظو:" كل ما هو موجود عبارة عن أخبار في الصحف، ويجب أن يتحدث حول هذا الموضوع مسؤولو الفيفا، وهم الوحيدون القادرون على إعطاء الجواب الواضح، وحسب خبرتي في الفيفا، لم يتم سحب تنظيم أي بطولة من قبل".


من جانبه علّق على الموضوع الخبير الكروي والمحلل الرياضي سالم سيف الدين وقال أن هذا الملف يتعدى التكهنات والفرضيات، خاصة أن موضوع قطر له جوانب سياسية، كما حدث في حالة روسيا عندما استضافت مونديال 2018.


وأضاف أن مسألة التأمين لوحدها أمر مخيف، ودفع مبلغ التأمين لقطر يمكن أن يخلق مشكلة مالية وحالة من عدم التوازن في الفيفا كبداية، بالإضافة إلى العديد من الشركات العالمية التي تمتلك استثمارات ضخمة متعلقة بكأس العالم، وحتى الولايات المتحدة نفسها ستتضرر من الأمر، وإذا نظرنا إلى الموضوع من زاوية مالية رأسمالية عالمية، فالقوى المالية العالمية ليس لديها أي مصلحة بإثارة هذه البلبلة في هذه المرحلة. وكذلك صورة الفيفا التي ستهتز والتي تعتمد على واجهة مالية، الصورة التي كونتها عبر السنوات الطويلة والمرتبطة بالتزامات مالية واستثمارية، ووصولها بكل زاوية في كل بيت معتمد على قاعدة مالية ضخمة، وهي غير مستعدة لخسارة سمعتها، وأن هناك تعقيدات سياسية أكثر منها رياضية.


البدلاء عن قطر في حال سحب التنظيم


افترض الخبير سيف الدين أنه إذا ما استُبعدت الولايات المتحدة التي ستنظم مونديال 2026، سيكون هناك عدة مرشحين في أوروبا. إسبانيا مستبعدة بسبب الأزمات السياسية والمالية الداخلية في الفترة الحالية، وهذا لا يؤهلها لاستضافة مثل هذا الحدث حاليا. وكذلك الحال مع إيطاليا، الذي يعتبر وضعها حرج أكثر من إسبانيا.


واعتبر سيف الدين انجلترا وألمانيا كأكثر الدول المرشحة لتنظيم المونديال في فترة زمنية مدتها عام ونصف. فحتى لو أن إنجلترا تخوض صراعها الداخلي وفي أمس الحاجة لحل مشاكلها السياسية، خاصة ملف الخروج من الاتحاد الأوروبي (بريكست) إلا أنها ستكون جاهزة لمهمة كهذه.


كما أضاف أن هذا الحديث سابق لأوانه وسيشهد تحديا كبيرا سياسيا وإداريا للفيفا. فيما لو حدث الأمر، ولكن بالنهاية إذا ما وصل الموضوع إلى سحب الاستضافة من قطر، فمن الممكن أن تظهر فضائح أخرى جديدة وكبيرة، قد تمس شخصيات مسؤولة، لأن المعارك الانتخابية الأخيرة في فيفا، أثارت الكثير من الأحاديث عن تورط أسماء في مفاصل فيفا، وقد لا تنجو من أي تغير يطرأ على موضوع السحب. لذلك الموضوع سيتم إغلاقه بأي شكل من الأشكال، وقد تكون مجرد مسألة ضجة إعلامية فقط، تستفيد منها جهة معينة، لكن سيتم إيجاد حل لها، ولن يتم سحب الاستضافة من قطر، و أن ما استدعى الأمر هو الخلافات السياسية في المنطقة.


أفرجت الشرطة الفرنسية عن الرئيس السابق للاتحاد الأوروبي لكرة القدم ميشيل بلاتيني في الساعات الأولى من صباح الأربعاء، بعد اعتقاله يوم أمس، بعد التحقيق معه بشأن شبهة فساد حول منح قطر حق استضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم عام 2022.