كاتب تركي: قرار إنسحاب ترامب من سوريا لا يجعل من أردوغان منتصرآ

كاتب تركي: قرار إنسحاب ترامب  من سوريا لا يجعل من أردوغان منتصرآ



خلفت الاستقالة المفاجئة لوزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس الأسبوع الماضي فوضى هائلة، كما أوضحت التخبط الأمريكي المتزايد بالإضافة إلى مستوى خطير جديد من سوء الإدارة بين قادة القوى العظمى في العالم، وفق ما جاء في موقع “أحوال تركية”، اليوم الثلاثاء.
وأفاد رئيس تحرير الموقع، الصحافي والكاتب التركي المعروف ياوز بيدر، في تقرير له، أن قرار سحب القوات الأمريكية من سوريا، جاء بعد الخطوة التي قام بها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لحصار ترامب ورجاله أمام سؤال واحد هو “إذا كنتم تزعمون أن تنظيم داعش الارهابي قد انتهى تقريباً، فلماذا إذاً البقاء في سوريا؟”.

وأضاف الكاتب التركي في تقريره، أن “أردوغان تابع بقطع وعد مشكوك فيه للاضطلاع بقتال تنظيم داعش الارهابي، كما قال مسؤول أمريكي لقناة إن.بي.سي نيوز الإخبارية الأمريكية إن أردوغان قال للرئيس في الحقيقة، “وكأحد أصدقائك، أعدك بذلك””.

وتابع: “استمر أسلوب “أنت مفصول” الذي انتهجه ترامب منذ دخوله البيت الأبيض، حيث تحير السرعة التي يغير بها ترامب الأشخاص في المناصب الرئيسية العقل، لكن استقالة ماتيس، الذي اشتهر بأنه شخص رئيسي في إعاقة خطوات السياسة الخارجية المندفعة لترامب، تقطع الخطوط الفاصلة الهائلة في المؤسسات الأمريكية ليس فقط فيما يتعلق بسوريا والشرق الأوسط، لكن بالعالم أكمل”.

وأشار إلى أن القرار الصادم الذي اتخذه ترامب بالانسحاب الكامل من سوريا، ينظر على أنه أكبر إشارة على إنهاء “العصر الأمريكي”، كما يُنظر إليه على أنه بداية اضطراب عالمي، ومع الوضع في الاعتبار التخبط الواضح في واشنطن، فإن عنصر عدم الرجوع واضح.

كما أوضح الكاتب أن خطوة ترامب تؤدي إلى إعادة ترتيب الأوراق في الصراع السوري “متعدد الجوانب”، مضيفاً “صحيح أن البعض قد يرى أن هذا القرار يُعد استمراراً للعمل بقرار الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما بسحب القوات الأمريكية من العراق في عام 2011، إلا أن الوجود الأمريكي في سوريا كان يساعد في الحفاظ على التوازن الدقيق”.

وتسأل الكاتب التركي بشأن القرار، قائلاً إن “في صالح من يصب القرار؟”، مضيفاً “إذا ما وضعنا في الاعتبار التهديد المستمر بتوجيه الاتهامات والفوضى الحالية التي تشهدها العاصمة الأمريكية، فإن الخطوة لا رجعة فيها، وتفتح الأبواب أمام المزيد من النفوذ الجغرافي والسياسي لروسيا، والتي استطاعت حتى الآن إخفاء سعادتها”.

ولفت أن “موسكو تقدر اعتراف ترامب بالجهود الروسية لجعل حكومة الرئيس السوري بشار الأسد عنصراً محورياً في أي حل، وإقامة موطئ قدم دائم لها في شرق البحر المتوسط”.

وتابع الكاتب “إذا كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بإمكانه إقامة توازن دقيق بين طهران ودمشق، وأن يكون هو المدافع عن أكراد سوريا ويساعدهم في الحصول على نوع من أنواع الحكم الذاتي، فإنه سيصبح المهندس الرئيسي للدستور السوري الجديد، وسيساعد بوتين قطعاً الجماعات الكردية المسلحة التي تسيطر على أجزاء كبيرة من شمال شرق سوريا في القدوم إلى الأسد. وكان أكراد سوريا قد أشاروا بالفعل إلى استعدادهم للتفاوض للتسليم للأسد في خطوة يأملون في أن تضغط على أنقرة”.

ويرى بيدر أن ما أغضب ماتيس هو تصعيد أردوغان ووزرائه، خاصة وزير الدفاع التركي الجنرال خلوصي أكار، الذين واصلوا التهديد بدفن الأكراد. ومن الضروري ملاحظة أنه في خضم هذه الأزمة فإنه يتم عزل واشنطن، والبنتاغون هو في الغالب الذي يشعر بطعنة في الظهر من كل من ترامب وتركيا.

وأضاف “لفترة طويلة كان الجناح المهيمن في واشنطن يُفضل استرضاء أردوغان، ويرفض إدراك مدى صعوبته كمقامر. ولم يدركوا حقيقة أن أردوغان ليس مفاوضًا يسعى للإجماع، إنه يعتبر أن هذا نوعًا من المصارعة يجب أن يفوز فيها طرف واحد.وبناء على ذلك، فأردوغان لديه فهم قليل للأعمال الداخلية في تحالف حلف شمال الأطلسي. لكنه نجح في أن تضع حكومته طوقًا حول الإدارة الأمريكية القوية، وساعدت في إضعافها في منطقة وجودها مهم فيها بشكل حيوي.والآن، يعرف ماتيس وآخرون إنهم تعرضوا للتضليل، إن لم يكن للخداع، بسبب نوايا أنقرة غير المعلنة بعدم ترك أي مكان تقريبًا للولايات المتحدة في العملية السورية”.

وأوضح الكاتب في تقريره، لا يعد أردوغان هو المنتصر، حيث أن قراره بتأخير شن هجوم تركي عبر الحدود ينبع من المأزق الذي يعاني منه الآن، مضيفاً “أولاً أن اللهجة القوية المناهضة لأمريكا التي انتهجها أردوغان لأشهر -وخطواته لشراء نظام الدفاع الصاروخي الروسي إس -400، وتهديداته ضد وحدات حماية الشعب الكردية السورية -كانت أداة يأمل أن تضغط على واشنطن لاستثناء تركيا من الحظر الذي تفرضه الولايات المتحدة على إيران وأن تُطلق لها العنان لاختيار طريقه فيما يتعلق بقضايا السياسة الخارجية الإقليمية، وربما تجعل خطوة ترامب المفاجئة أردوغان يشعر أن هذه الأداة من الضغط تعرضت لضعف شديد، إن لم تكن قد تلاشت”.

وتابع “ثانياً إن الانسحاب الأمريكي يضع نهاية لحلم أردوغان لسوريا بدون الأسد وأن تحل محله إدارة سنية تخضع لهيمنة تركيا.وليس سرًا أن أردوغان يشعر بأنه يخضع لحصار في أنقرة من قبل الدوائر القومية، والمناهضة للولايات المتحدة، والمؤيدة لروسيا التي تدفعه لإعادة بدء محادثات مع عدوه الأسد. وربما يكون ليس هذا اليوم ببعيد. وفي حالة حدوث هذا، فإن أردوغان سيضطر للتخلي عن طموح كبير بالنسبة له، وربما يرى موقفه يضعف تدريجياً”، مضيفاً “ربما يكون ترامب قد ساعد في دق المسمار الأخير في نعش التوسعات العثمانية الجديدة، التي كان يروج لها وبقوة أردوغان ورئيس الوزراء التركي السابق أحمد داوود أوغلو”.

وختم الكاتب تقريره، بالقول “إن ما سنشهده هو صراع قوى عظيم في أنقرة بين أردوغان والقوميين المعزولين. ومع أخذ الاعتبار الاضطراب الهائل وتحول التحالفات في المنطقة، فإن صراع القوى يمكن أن يحصل على زخم ويؤدي إلى تحطم الساحة السياسية”.