مفارقة تاريخية تشعل صراع الأفضل بين رونالدو وميسي

متابعات/ الوطن توداي



عهد عشاق كرة القدم اختزال الأفضلية في لاعب واحد فقط على مدار التاريخ، وكأن عرش الساحرة المستديرة لا يسع سوى لنجم وحيد، اختاره البعض ليلصق لقب الأفضل لاسمه.


ورغم الصراعات بين اللاعبين على مر السنوات على لقب الأفضل، إلا أنه لم تشهد أي حقبة سابقة تنافسا شرسًا بين نجمين في زمن واحد، مثلما يحدث حاليًا بين الثنائي كريستيانو رونالدو وليونيل ميسي، نجمي يوفنتوس وبرشلونة على الترتيب.


وتجلت الصراعات الثنائية سابقًا في نهايات القرن العشرين، بعد انتهاء مسيرة الأرجنتيني دييجو مارادونا، الذي بدأ الكثيرون مقارنته بأسطورة البرازيل، بيليه، الذي سبقه في الملاعب بسنوات.


ورغم عدم خوضهما لصراع ثنائي في حقبة واحدة، إلا أن المنافسة بينهما باتت على أشدها مع الاستعداد لبداية القرن الـ21، لتبدأ الاستفتاءات المتتالية في الظهور، لحسم هوية لاعب القرن.


ويُلقي الضوء على مفارقة تاريخية، شهدها صراع الأفضلية بين بيليه ومارادونا، لتمتد إلى عصر رونالدو وميسي، على النحو التالي:


لاعب القرن

بالنظر إلى الاستفتاءات على جائزة لاعب القرن، أجرى الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" استفتاء رسميًا، وتم منح الجائزة مناصفة بين بيليه ومارادونا، في حفل أقيم يوم 11 ديسمبر/ كانون الأول 2000 بالعاصمة الإيطالية روما.


تقاسم الثنائي الجائزة جاء بعدما أجرى الفيفا استفتاء من نوعين، الأول جاء بفتح باب التصويت للجماهير فقط عبر موقعه على الإنترنت، لاختيار لاعب القرن، لتذهب الجماهير لاختيار مارادونا بنسبة تصويت بلغت 53.6%، متقدمًا على وصيفه، بيليه، بفارق كبير، إذ حصل الأخير على 18.53%.


وجاء الاستفتاء الثاني من الفيفا باختيار لجنة تحكيم كبرى، لكن النتائج جاءت معاكسة لاختيارات الجمهور، بعدما حصل بيليه على 72.75% من الأصوات، بينما لم يختر مارادونا سوى 6%.


أما مجلة "فرانس فوتبول" الفرنسية، والتي تمنح جائزة الكرة الذهبية كل عام للاعب الأفضل في العالم، فقد قامت بدورها أيضًا بطرح استفتاء عن لاعب القرن، لكنها اعتمدت في التصويت على كافة الفائزين بالجائزة منذ بدايتها عام 1956.


ومن بين 34 فائزًا بالكرة الذهبية بين عامي 1956 و1999، حين إجراء الاستفتاء، اكتفى 30 لاعبًا بالتصويت فقط، بعدما امتنع الثلاثي لوثار ماتيوس، جورج بيست وعمر سيفوري عن الإدلاء بأصواتهم، بينما لم يصوت ليف ياشين، نظرًا لوفاته قبلها بـ9 سنوات.


وجاءت النتيجة صادمة لمارادونا، بعدما قرر زملاء اللعبة تجاهله واختيار بيليه لاعبًا للقرن، إذ حصد 122 نقطة، وضعته في المركز الأول، مقابل 65 فقط للأرجنتيني، الذي لم يختره سوى 3 لاعبين في الصدارة، بينما وُضع البرازيلي في المرتبة الأولى من قِبل 17 لاعبًا.


وظهر بوضوح تباين الأراء حول هوية الأفضل، فاللاعبون يرون أن بيليه هو الأفضل وبفارق هائل عن الجميع، بينما انحازت الجماهير لمارادونا وحسمت الصراع لصالحه، وهنا ساد الخلاف والجدل حتى بعد مرور سنوات.

 

مفارقة تاريخية

واستمر هذا التباين في الآراء حول هوية اللاعب الأفضل في السنوات الأخيرة، ليشتعل الصراع مؤخرًا بين رونالدو وميسي، لا سيما مع وجود دلالات على تواصل الخلاف بذات الطريقة التي لم تحسم أفضلية بيليه على مارادونا والعكس.


ولأنه لم يخرج حتى الآن استفتاء رسمي حول هوية الأفضل على الإطلاق بين رونالدو وميسي، والاكتفاء بالتصويت كل عام، بناء على أداء ومستوى كل منهما على مدار موسم كامل، فلن يُحسم هذا الجدل على غرار صراع القرن الماضي.



وهناك مؤشرات تؤكد أن التباين الواضح بين آراء الجماهير واللاعبين لم ينته عند حدود المقارنة بين بيليه ومارادونا.


وبالنظر إلى تصريحات عدد من نجوم الملاعب الحاليين والسابقين، سنجد أن هناك انحيازا نسبيا لميسي، الذي يراه بعضهم أفضل من رونالدو، بينما يجد آخرون أن البرتغالي فعل أشياء وخاض تحديات أكثر من البرغوث، لكن غالبية الاختيارات تصب في صالح الأرجنتيني، رغم استحالة الجزم بذلك لعدم حصر كافة الأصوات.


وقد يذهب البعض للرد على ذلك، بالاستدلال باختيارات اللاعبين والمدربين لرونالدو في التصويت على جائزة لاعب العام في الفيفا 5 مرات، كما هو الحال مع ميسي، لتصبح الكفة متساوية بينهما في أعين زملائهما ومدربي الكرة في العالم.


في الجهة المقابلة، يظهر تفوق نسبي لرونالدو من ناحية الجماهيرية والقاعدة الشعبية، رغم استحالة الجزم به، لكن هناك مؤشرات أيضًا على ذلك.


وبالنظر إلى الاستفتاءات الرسمية، التي تهدف لاختيار الأفضل، نجد أنها لا تصب دائمًا في صالح ميسي، كما حدث في جوائز "الأفضل"، التي بدأها الفيفا عام 2016، بمنح الجماهير حق التصويت، لتظفر بنسبة 25% من إجمالي الأصوات.


ومنذ دخول الجماهير في فئات المصوتين، لم يظفر ميسي بالجائزة حتى الآن، بعدما ذهبت الأصوات لرونالدو في أول عامين، قبل أن تفارقه لاختيار لوكا مودريتش العام الماضي.


وبنظرة سريعة على شعبية اللاعبين على مواقع التواصل الاجتماعي، يبرز التفوق الواضح لرونالدو على ميسي، حيث يحظى النجم البرتغالي بإعجاب أكثر من 122 مليون شخص بصفحته على "فيس بوك"، مقابل 90 مليونا للبرغوث.


أما على مستوى "إنستجرام"، فيتكرر تفوق رونالدو أيضًا بمتابعة أكثر من 177 مليون شخص لحسابه، مقابل 126 مليونا لغريمه ميسي، بالإضافة لتفوق الدون على ليو من ناحية البحث عنه على موقع "جوجل" في كثير من المناسبات، ليظهر بوضوح شغف الجماهير تجاه نجم يوفنتوس أكثر من قائد برشلونة.


مثل هذه الأرقام والإحصائيات لن تكون حاسمة لأفضلية أحدهما على الآخر بشكل عام، إلا أنها تضع الثنائي في قيد المفارقة التاريخية، التي عززت الجدل بين بيليه ومارادونا، لتمتد إلى صراع رونالدو وميسي، بانحياز أغلب اللاعبين لأحدهما واختيار جُل الجماهير للآخر، لحين الخروج باستفتاء رسمي عقب اعتزالهما لحسم الجدل.