كي لا ننسى شهيدتا الواجب ... نساء الشرطة شريك أساسي في البناء ومكافحة الجريمة

ارشيف -

مجلة فاين لاين النسوية / نور سريب :


 

منذ إنشاء القطاع الأمني في بلادنا كانت المرأة جزء أساسي في مختلف الدوائر والقطاعات الأمنية ، وبحسب دراسة نشرت عام 2003م كان يوجد في اليمن الجنوبي 600 امرأة في الشرطة ولم يشهد الواقع فصل جندري إلى أن تم دمج اليمنين الجنوبي والشمالي وأصبحت اليمن الجنوبية الاشتراكية واليمن الشمالية الرأسمالية دولة واحدة .. ذلك المزيج غير الكثير في مضمون الحياة العامة والعملية .

 

ومع مرور الوقت ونهوض البلد الجديد في الجانب الأمني قررت القيادة السياسية الخوض في تجربة جديدة وهي إضافة العنصر النسوي بشكل خاص مجدداً إلى سلك الشرطة النسائية وقد تضمن قانون هيئة الشرطة الصادر عام ( 2000م ) نصاً خاصاً بالشرطة النسائية حيث قررت وزارة الداخلية إيجاد نظام خاص بشأن هذه الشرطة وفق رؤى جديدة .

 

و قد كان السبب الأساسي لعودة تمكين النساء من السلك الأمني هو الاحتياج الشديد للمرأة في بعض المهام الأمنية التي ترتبط بشكل مباشر بالمجتمع اليمني الذي يتحفظ بشكل كبير على النساء ويحول أمام القبض على الكثير من المتهمين المتسترين بالزي النسوي وأيضاً يعيق عمليات ضبط المواد المهربة التي يتم استخدام النساء فيها .

 

وبحسب دراسة أعدها المركز اليمني لقياس الرأي العام  في 2014م ، وهو منظمة مدنية محلية ، قالت أن 2868 امرأة فقط يعملن في جهاز الشرطة ، مقابل قرابة 196 ألف رجل ، أي أن النساء يشكلن فقط 1.7 في المائة من مجموع منتسبي الشرطة اليمنية وبحسب مصادر أمنية خاصة أفادت لمجلة الفاين لاين أن عدد النساء في قطاع الأمن ارتفع بعد الحرب الانقلابية التي شنتها ميلشيات الحوثي ، حيث عمدت الحكومة الشرعية من خلال وزارة الداخلية إلى استقطاب وتوظيف النساء لما تقتضي إليه حاجة البلد ،على الرغم من غياب الكلية العسكرية المخصصة لتأهيل النساء إلا أن عدد النساء ارتفع إلى ما يزيد عن (3400)  امرأة مجندة في وزارة الداخلية  .

 

كوادر نسوية شابة في قطاع الأمن

 

تقول الملازم ثاني عبير محمد وهي قائدة فريق نسوي يتبع قوات الأمن الخاص للعاصمة عدن : أنا من خريجات مدرسة الشرطة وأفتخر بكوني من النساء الخريجات اللاتي خدمن عدن ، ولازلنا نبذل جهد كبير في العمل والحمد لله لم تعد تلك النظرة السلبية من المجتمع تجاه المرأة العاملة في قطاع الأمن متمكنة ، على مدى سنوات لاحظت الفرق بين أول سنتين بعد التخرج والبدء في العمل وبين الوقت الحالي ، حالياً أصبحت النظرة أكثر إيجابية ونحظى باحترام مختلف شرائح المجتمع ولم يعد هنالك صورة مشوشة عن النساء العاملات في القطاع الأمني بل إنهم اليوم يدركون مدى أهميتنا وأهمية تواجدنا.

 

وقالت الملازم ثاني عبيرعن الشرطة النسائية :  دور الشرطة النسائية كبير وقد ساهمنا في كشف العديد من الجرائم وإحباط عمليات تهريب لأسلحة ومواد متفجرة التي كان مرتكبيها يستغلون النساء والحاجز الكبير بين رجال الأمن والنساء ، ولم يقتصرالأمرعلى ذلك أيضاَ نحن شاركنا في تأمين العديد من الفعاليات الرسمية والأمنية التي تم تنفيذها في العاصمة عدن  .

 

بطولات نسوية خالدة

 

لم يقتصر دور النساء على تنفيذ العمليات الأمنية وتأمين الشخصيات والقيام بعمليات الضبط والتفتيش والتحري والتحقيقات بل إن النساء قدمن أرواحهن فداء للوطن  وتصدين لعمليات إرهابية كبيرة .

 

لا ينسى القطاع الأمني الشهيدتان اللاتي واجهن العمل الإرهابي الغادر الذي استهدف إدارة البحث الجنائي بعدن في صبيحة السادس من نوفمبر من عام 2017م ، حين استفاقت عدن على عملية إرهابية منظمة استهدفت مبنى إدارة البحث واستمرت لساعات في أروقة المبنى بين إرهابيين انتحاريين وبين الموظفين في إدارة البحث وقد تمكن الإرهابيون من اتخاذ عدداً من سجناء البحث كأدرع بشرية ، وقد كان للشرطة النسائية العاملة في إدارة البحث دوراً كبيراَ في إخراج عدد من السجناء ونقلهم بمساندة قوات التدخل السريع ومكافحة الإرهاب التي هرعت لصد الإرهابيين .

 

أحد الناجون من تلك العملية الإرهابية قال أتذكر الحادث جيداً ، إن الشهيدة (سمراء أحمد ) كانت مسؤولة قسم التفتيش في بوابة البحث الجنائي وقد استشهدت بالمواجهة مع الإرهابيين في أول هجوم طال المبنى في تلك المعركة الكبيرة ورغم صمودها مع أبطال قوات الأمن إلا أن الإرهابيون كانوا يرتدون نفس الملابس الأمنية و كانوا يصرخون أنهم يتبعون إدارة حماية المنشآت ويترجون لإنقاذهم  وما إن أوقفت سمراء وزملائها الاشتباك مصدقين حيلة الإرهابيين ، اقترب الإرهابيون بلباسهم المظلل ورموا على سمراء و زملائها عدداً من القنابل التي انفجرت واستشهدت على إثرها فوراً ، و ظلت الشهيدة ( إخلاص الحسني ) في مقر عملها وهي تدير المواجهة من غرفة العمليات و تنقل تحركات الإرهابيين في المبنى وتساعد على ملاحقتهم إلا أن الإرهابيون تمكنوا من الوصول إلى غرفة العمليات واستشهدت بعد ما قام الإرهابيون بإطلاق وابل من الرصاص وطلقات مضاد الطيران والسلاح المتوسط الذي كان بحوزتهم .

 

قالت عنهن مديرة إدارة حماية الأسرة بوزارة الداخلية العميد عليا صالح :" افتقدت الشرطة النسائية امرأتان كانتا فاعلتين في العمل الأمني ، الشهيدة إخلاص كانت متميزة في عملها في إدارة البحث الجنائي في غرفة العمليات وقد أبهرت الجميع من خلال ثباتها في تأدية واجبها رغم صعوبة الموقف رحمة الله عليها كانت منضبطة وتعمل في مجال صعب ، بينما كانت الشهيدة سمراء تعمل في إدارة حماية المنشآت  حققت مكانة كبيرة بين المستجدات نظراً لحرصها على العمل وتفانيها في تأدية واجبها ، أتذكر يوم الحادث الأليم تلك المعركة التي استمرت لساعات وهبت إليها مختلف الأجهزة الأمنية كانت الشهيدتان إخلاص وسمراء أحد أسباب دحر الإرهابيين وتحرير عدد من السجناء الذين كانوا موقوفون في سجن البحث حيث تكاثفتا الشهيدتان مع زميلاتهن الأخريات وزملائهم وجميعهم ثبتوا في وجه الإرهاب ، لن ننسى بطولات الشرطة النسائية منهن من انتشرن للدفاع عن المبنى المستهدف معززين زملائهم والتصدي للإرهابيين وأخريات انطلقن لتوفير ممرات آمنة لنقل السجناء والحمدلله تم إخراج عدد كبير من السجناء  .

 

تتوالى الإنجازات من أفراد وضباط الشرطة النسائية  في مختلف إدارات القطاعات الأمنية رغم شحة الإمكانيات التأهيلية والمكافآت المستحقة ، ويوجد العديد من النساء المقدامات مثل الشهيدتان ( إخلاص وسمراء ) يستحقون التكريم والتقدير والترقية فقد ضحوا بأرواحهم ولايزالون  يدافعون عن وطننا ويتصدون للهجمات الإرهابية ويحبطون عمليات تهريب الممنوعات ورغم كل التحديات تمكنت المرأة من إثبات أهميتها كشريك أساسي في عملية البناء ومكافحة الجريمة والتصدي لها وتثبيت الأمن .

المصدر : مجلة فاين لاين النسوية / نور سريب :


تنبيه : هذه المادة الإعلامية خاصة بمجلة (FINE LINE) النسوية الصادرة عن مؤسسة أكون للحقوق والحريات ، و صحيفة الوطن توداي تعيد نشرها  بعد أخذ الموافقة بذلك من رئيسة المؤسسة لينا الحسني.