هل تفرض مجتمعات عربية وصاية غير معلنة على المرأة التي تعيش بمفردها؟

تعبيرية -

الوطن توداي / وكالات :

تابع المصريون إعلاميا، وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، أطوار التحقيقات الجنائية في جريمة مروعة انتهت بمصرع سيدة كانت تقيم بمفردها بشقة في حي السلام في القاهرة قبل أكثر من أسبوع.

وطبقا لبيان النيابة العامة المصرية، فقد دخل ثلاثة أشخاص شقة سيدة تقع بعمارة "مساكن السلام" قبيل منتصف الليل من يوم 11 مارس/آذار، بعد أن فتحت المجني عليها الباب لهم حسب الرواية الرسمية، فقاموا بتقييد يدي شخص كان برفقتها بوثاق، وأوسعوه ضربا مستعملين العصي الخشبية.

وأفاد المعتدى عليه في تصريحات أدلى بها للمحققين أنه لا تربطه أية علاقة بالضحية سوى أنه كان بصدد القيام بأحد أعمال الصيانة في بيتها عندما دخل الأشخاص الثلاثة المنزل وتعدوا عليه وعلى الضحية بالضرب. وأضاف أنه في خضم الفوضى التي أعقبت الاقتحام توجهت السيدة، صاحبة الشقة، نحو الشرفة وألقت بنفسها منها فسقطت على الأرض وفارقت الحياة.

وأكدت جارة للمجني عليها، حسب بيان النيابة العامة المصرية، تسلسل هذه الأحداث في شهادتها للنيابة العامة وقالت إنها رأت المتهمين الثلاثة يقيدون شخصا بوثاق داخل المسكن، ثم اندفعت المجني عليها نحو الشرفة حيث ألقت بنفسها نحو الأرض.

السيناريو نفسه أقر به المتهمون في استجوابهم من قبل النيابة العامة بارتكابهم جريمتي ترويع وتخويف المجني عليها والشخص الذي كان برفقتها وتعذيبه بدنيا، ودخولهم مسكنها قصد ارتكاب هاتين الجريمتين.

غير أن شقيق الضحية، واسمه يوسف، فند كل ما جاء على لسان المتهمين الثلاثة والشخص الذي كان برفقة الضحية . وقال في تصريحات لبعض وسائل الإعلام المصرية إن سيناريو انتحار شقيقته، وهي أم لثلاثة أطفال، لا يستقيم لأن جدار الشرفة مرتفع علاوة على أن وزنها لا يسعفها في تسلقه بسرعة وإلقاء نفسها الى الأرض. ورجح شقيق الضحية أن يكون المتهمون هم من قاموا بإلقائها من الشرفة.

ونفى يوسف في تصريحات صحفية أن تكون هناك دوافع أخلاقية وراء الجريمة، مضيفأ أن الجيران كانوا يختلفون في ما بينهم بسبب مشاكل متراكمة، وأن المتهمين الثلاثة، وهم حارس العقار ومالكه وشخص ثالث، هم من نفذ الجريمة.

وإذا كان القانون الجنائي سيفصل في حيثيات هذه الجريمة وسيحدد الجاني ويكشف دوافعه، فإن هذه الواقعة استوقفت نشطاء الدفاع عن حقوق الانسان عموما، وحقوق المرأة على وجه الخصوص، لا سيما ما يتعلق منها بانتهاك خصوصية الفرد، وصورة وعلاقة المرأة العربية غير المتزوجة المستقلة عن أسرتها، بمجتمع ذكوري لا يتوانى في كثير من الأحيان في فرض وصاية عليها الى درجة التشكيك في علاقتها بأي رجل كان خارج دائرة أفراد عائلتها.

وقد رصد وسم "# أنا_عايشة_لوحدي" شهادات لنساء تحدثن عن "سلطة حراس المباني الذين نصبوا أنفسهم حراسا على أخلاق وتصرفات أي امرأة تعيش بمفردها سواء كانت أرملة أو مطلقة أو عزباء".

وقد عمت مواقع التواصل الاجتماعي موجة تضامن مع الضحية تخللها غضب عارم مما حصل. ودشن مدونون مصريون وسم #طبيبة_السلام أو "سيدة السلام".

ووصف كثيرون مقتلها بأنه "جريمة بشعة" واعتبروه مثالا واضحا على أن المجتمعات الذكورية تستغل الأخلاق لتبرير الاعتداء على الحريات الفردية.

كما ندد مغردون بما سموها الازدواجية الفاضحة داخل مجتمع عربي "يتستر أفراده على الرجل حين يجرم ويشهر بالمرأة ويلفق التهم لها"، كما قال مغردون.

وحذر العديد من الناشطين في مجال الدفاع عن حقوق المرأة في مصر من أن ما واقعة "سيدة السلام" ستتكرر ما لم تعد الدولة النظر في قوانين "تكرس النظرة الدونية للمرأة داخل المجتمع ومعاناة النساء في ظل مجتمع ذكوري". واعتبر كثيرون أن ما حدث هو "نتاج ثقافة استباحة المرأة والوصاية المجتمعية التي تبيح التدخل في خصوصيات الآخر".