آمنة محسن: تأسيس اتحاد نساء اليمن كان الخطوة الأولى لإشراك النساء في العمل الإداري

آمنة محسن

نور سريب / وكالة انباء المرأة :

كانت أول شابة من أبين تنضم للبوليس (الشرطة) النسوي بعدن وشبة الجزيرة العربية، دفعت بنساء كثيرات إلى مرافق الدولة بعد تأهيلهن وتدريبهن على العمل الإداري، رائدة نسوية تحظى باحترام النخب السياسية والاجتماعية، هي الاستاذة آمنة العبد رئيسة اتحاد نساء اليمن.

تحدثت رئيسة اتحاد نساء اليمن فرع محافظة أبين آمنة محسن العبد، في حوار مع وكالتنا عن تأسيس الاتحاد والقضايا النسوية بين الماضي والحاضر.

في بداية حوارنا حدثينا عن مشوار أمنة محسن العبد العملي؟

كانت بداية مشواري عندما تم تكليفي بالدخول مع أول دفعة بالبوليس النسوي الذي تشكل على مستوى الدول العربية في عدن عام 1966، ليفتح للمرأة اليمنية مجال للعمل فيه، لأن هذا العمل كان محصور على الرجال فقط، التحقت بالدورات التدريبية الخاصة بالسكرتارية والآلة الكاتبة والأعمال الإدارية الأخرى في عدن، ومن ثم تم نقلي من البوليس إلى وزارة العدل ومن ثم إلى المحكمة العليا ومحكمة الشيخ عثمان، وفي أخر المطاف تم نقلي إلى محافظة أبين، من أجل تعليم الفتيات وإشراكهن في الأعمال الإدارية لكون هذه الأعمال كانت محصورة أيضاً على الرجال، ويسمح للنساء هناك أن تعمل في التمريض والتدريس فقط، ومن ثم عملت مع بقية القيادات على افتتاح فرع لاتحاد نساء اليمن وقمت بتعليم الفتيات على الأعمال الإدارية وأعمال الطباعة والسكرتارية.

هل كانت نتائج تلك الخطوة مرضية بالنسبة لكم وللقيادة السياسية حينها؟

نعم، كانت أكبر فائدة أننا عززنا وجود النساء في كل مرافق الدولة وبدأنا بخطوات المساواة، حصلت النساء على حق التعليم والعمل وقد تم توزيعهن على مرافق الدولة وكانت تلك المرافق تعتمد الشهادة للعمل من اتحاد نساء اليمن فرع أبين، وتمكنت فتيات أبين من العمل في مختلف المدن اليمنية وأصبحن كوادر مشرفة وكسرنا القيود الريفية.

هل لكم أن تحدثونا عن مراحل تأسيس اتحاد نساء اليمن، وما هي البصمات التي حققها على أرض الواقع؟

في البداية تم تأسيس لجان لتسيير الأعمال والتدريب من النساء الناشطات والقياديات في زنجبار عاصمة المحافظة ليكن هن النواة وليقمن بالتدريس وافتتاح دورات محو الأمية، وبعد أن تم تشكيل المراكز والمديريات تمت مناقشة أوضاع النساء، وعلى إثر ذلك تم تشكيل وفد نسائي من المحافظات الست (عدن، أبين، لحج، حضرموت، المهرة، شبوة)، وبعد ذلك تم تشكيل وفد برئاستي للنزول إلى المحافظات ورفع تقرير عن أوضاع النساء تتضمن المقترحات التي على ضوئها سيتم العمل عليها.

وبعد العديد من التحركات التي قمنا بها كان لابد من إيجاد كيان رسمي للنساء، وعقدنا مؤتمر عام للنساء لانتخاب قيادة لتسيير الأعمال اليومية للاتحاد، واقترحنا أن يكون "اتحاد نساء اليمن" ككيان نقابي لهن، ومن ثم تم تشكيل اللجان التحضيرية لعقد المؤتمرات بالمراكز والمديريات ومن ثم المحافظات لانتخاب مندوبات للمؤتمر العام والذي كان أول مؤتمر للنساء بمديرية سيئون بمحافظة حضرموت في عام 1974، وتم انتخاب قيادة ومكتب تنفيذي للمجلس، وكانت أول رئيسة منتخبة هي الاستاذة عيشة محسن وفي المحافظات تم عقد المؤتمرات وانتخاب لجان المحافظات للاتحاد والفروع في المديريات والمراكز، وانتخاب لجان في الأحياء والمرافق باسم اتحاد نساء اليمن في كل المحافظات ومن ضمنها أبين.

وساهم اتحاد نساء اليمن في محافظة أبين في الدفع بالنساء للالتحاق بالأعمال بعد تدريبهن وتأهيلهن والالتحاق بدورات محو الأمية وافتتاح مراكز ومعسكرات لتأهيل النساء، وتوزيعهن على كافة الأعمال الإدارية والمالية والزراعية والسمكية وكل مرافق الدولة في أبين، وكان الاتحاد هو من له الفضل بتعليم النساء والتوزيع كما كان له دور في بناء المدارس ورياض الأطفال، والدفع بالفتيات لمواصلة التعليم بالمدن والأرياف إلى المراحل العليا والدراسة الجامعية داخل وخارج البلاد، وعملن في كافة محافظات الجنوب بشبوة والمهرة وحضرموت وذلك من أجل تعليم الفتيات ونقل ما تعلموه لفتيات أخريات.

كما أن القيادة السياسية والاتحاد قام بدفع النساء لتولي مناصب قيادية بالمحافظة والتوعية بممارسة حقوقهن في الترشيح والانتخاب.

ماهي التحديات التي واجهتكم فور بدأ مهامكم؟ ومن دعمكم للتغلب عليها؟

أكبر التحديات هي أننا عانيننا من التقاليد الريفية لأن أبين من المحافظات التي تسيطر عليها العادات القبلية والتي كانت تحد من انطلاق المرأة في العمل ودخولها معترك جديد وأماكن جديدة للتنقل والنزول إلى المديريات والمراكز وممارسة العمل السياسي والنقابي والمجتمعي من أجل التوعية، ولكن كانت الإرادة السياسية للسلطة هي التي تساندنا وتحول أمام أي فئة تحاول منع هذا التقدم النسوي لأنها تريد دفع المرأة إلى المشاركة الحقيقية في العمل وتقلد المناصب القيادية في المجتمع وفي السياسة والثقافة والتعليم.

وعلى الصعيد الشخصي عانيت كثيراً كوني أول امرأة من محافظة أبين دخلت في البوليس في عدن وأول امرأة تدخل العمل الإداري في أبين وهذا التحدي خضته بوقوف والدتي معي ودعمها لي، فأنا اعتبرها تجربه رائدة سأتذكرها ما حييت لأني فتحت الطريق لبنات جنسي في أبين لدخول معترك الحياة في كافة المجالات، وافتخر اليوم لأني من ضمن الرائدات للعمل الجماهيري ومن مؤسسي الحركة النسائية في جنوب اليمن.

وعند ذهابي في السبعينات إلى العاصمة الروسية موسكو للمشاركة بمؤتمر السلام العالمي مع الوفد الحكومي برئاسة الدكتور حيدر أبو بكر العطاس كممثلة للمرأة في اليمن، كان ذلك دافع لي من أجل الاستمرار في دعم الفتيات ومساعدتهن على التعليم في كافة مجالات الحياة وكانت الدولة حينها أساس الدعم المعنوي والمادي لي ولكل النساء.

هل لكم أن تقارنوا بين الانجازات التي تحققت وتمكين النساء بين الماضي والحاضر؟

في السابق كان لدينا القيادة الحزبية ذات النهج الاشتراكي، والإرادة السياسية ساعدت في الدفع بالنساء وإصدار قوانين وعمل دستور يتساوى فيه النساء والرجال وكذلك وصول المرأة إلى أعلى منصب آنذاك في الرئاسة والبرلمان والمجالس المحلية، ولكن ما نعيشه الأن هو بحكم الدخول بالوحدة بين الشطرين اليمنيين دون شروط وأول شيء تم التخلي عنه هو المكاسب التي تحققت للمرأة، وحالياً في ظل الحروب والنزاعات المسلحة كثير من الحقوق التي تتعلق بالنساء أصبحت ضائعة، خاصة بعد إغلاق الكثير من المحاكم والنيابات، وتراجع حقوق الإنسان وخاصة المتعلقة بالنساء.

وللأسف الأن، تم تشكيل حكومة ولكن لا مقعد للمرأة فيها. وهذا يعتبر تراجع لحقوق النساء وما كسبته من حقوق وتخلي عن اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة "سيداو"، التي وقعت عليها دولتنا والقرارات التي صدرت من الأمم المتحدة حول مشاركة النساء، والتي صدرت حول الأطفال بعدم استغلالهم وتجنيدهم في الحروب.

برأيكم هل تأثرت المرأة بعد إلغاء قانون الأسرة؟

النساء تأثرن كثيراً بعد إلغاء قانون الأسرة، إضافة للتغيير الذي حصل في بعض مواد الدستور والذي كان يعطي للنساء الحق في المساواة في الحقوق والواجبات، وبصدور قانون الأحوال الشخصية كقانون بديل فقدت المرأة المكانة في الحضانة والسكن والنفقة لأطفالها وتم إلغاء تحديد سن الزواج والذي كان محدد بـ 18 سنة، وتم التلاعب بسن الزواج للفتاة وتزويجهن بسن مبكر، وتزايدت حالات العنف الأسري بحق النساء بعد إلغاء قانون الاسرة الذي كان ساري سابقاً، ومن خلال ذلك فقدت المرأة الحماية التي كانت مكفولة لها بقوة القانون.

ماهي الجهود التي قد تعيد تلك القوانين التي ساندت المرأة؟

لابد من إعادة التكتلات وتشكيل لجان مناصرة وكسب مؤيدين للقوانين والمساواة بين الجنسين، وتكثيف العمل الجماهيري والدعائي بين أوساط الناس والقيادات والشخصيات المؤثرة، وعمل شبكات وتشبيك وتنسيق بين كافة منظمات المجتمع المدني، والعمل معاً كفريق واحد من أجل إرجاع المكاسب للمرأة ولابد أن تكون لدى الدولة الإرادة السياسية لإصدار قوانين لصالح النساء والمساواة وتغيير الدستور والقوانين وإعطائها نسبتها في الواقع العملي الملموس بنسبة 5%.

ما هي رسالتكم الأخيرة التي تودون توجيهيها؟

رسالتي لكل القياديات أن يعملن كفريق واحد، لأن المكونات الكثيرة لا تؤدي الغرض، ولكن يجب أن تتوحد جهود منظمات المجتمع المدني وتضع الاستراتيجيات والخطط الموحدة وتعمل معاً لإرجاع المكتسبات للنساء، وعلى النساء القياديات التي تحصلن على مناصب في الدولة أن يلعبن دور فعال ويشرعن بالاهتمام بقضايا النساء وإعطائها الأولوية والدفاع للتغيير في الدستور والقوانين المجحفة بحق النساء والأطفال.

من هي آمنة محسن العبد؟

آمنة محسن العبد، حاصلة على بكالوريوس علوم اجتماعية وسياسية من جامعة موسكو، وسفير النوايا الحسنة لمنظمة الدولية الهولندية لحقوق الإنسان والسلام الدولي، عملت في السابق كأمين عام مجلس محلي في محافظة أبين ونائبة المحافظ، وأيضاً كنائب رئيس لجنة الإغاثة بمحافظة أبين، وعضوة مجلس محلي لدورتين متتاليتين وحالياً رئيسة اتحاد نساء اليمن فرع محافظة أبين، وعضو المكتب التنفيذي للشبكة العربية لمحو الأمية وتعليم الكبار بالقاهرة، والأمين العام المساعد لشبكة إعلام المرأة العربية، ومدير تنفيذي بمنظمة السعيدة التنموية الإنسانية والسلام بمصر، وتقلدت في السابق منصب رئيسة مجلس إدارة مؤسسة عدن للتمويل الأصغر سابقاً، ورئيسة إدارة برنامج الاتحاد للتمويل الأصغر، ومشرفة مشاريع التمكين الاقتصادي والمساحات الآمنة في محافظة أبين، ولا تزال عضوة في العديد من الشبكات والتكتلات النسوية.