احتجاز المرأة اليمنية عند الحوثي.... ألم داخل السجون وشروط للخروج منها
تعد اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة والتي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 18 كانون الأول/ديسمبر 1979 وبدأ نفاذها في 3 أيلول/سبتمبر 1981 بمثابة الشرعة الدولية لحقوق المرأة،
وتشير الاتفاقية إلى أن التمييز ضد المرأة يشكل انتهاكا لمبدأي المساواة في الحقوق واحترام كرامة الإنسان، ويعد عقبة أمام مشاركة المرأة، على قدم المساواة مع الرجل، في حياة بلدهما السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، ويعوق نمو رخاء المجتمع والأسرة، ويزيد من صعوبة التنمية الكاملة لإمكانات المرأة في خدمة بلدها.
وتعترف اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) صراحة بأنَّ المعايير الاجتماعية والثقافية الضارة هي مصدر العديد من انتهاكات حقوق المرأة. وتُلزم الدول باتخاذ التدابير المناسبة للقضاء على هذه المعايير ومنع التمييز على أساس النوع الاجتماعي والتمييز المتعدد الجوانب والعنف القائم على النوع الاجتماعي وغير ذلك من انتهاكات حقوق الإنسان ذات الصلة.
وكانت منظمة العفو الدولية قد اصدرت بيانا صحفيا قالت فيه إنه يجب على الحكومة المعترف بها دولياً وسلطات الأمر الواقع الحوثية إطلاق سراح النساء اللواتي أكملن مدة عقوبتهن في السجن، ولكنهن ما زلن محتجزات تعسفًا لأنه لا يوجد محرم (ولي أمر ذكر) ليُفرج عنهن إلى عهدته.
وجاء في البيان ان سلطات السجون في جميع أنحاء اليمن تحتجز النساء اللواتي أنهين عقوبتهن في السجن إذا لم يكن هناك محرم ليرافقهن عند الإفراج عنهن، أو يفرج عنهن ويرسلن إلى عهدة ملاجئ النساء حصرا، إذا رفضت عائلاتهن استقبالهن، مشيرة ان اشتراط إطلاق سراح النساء من السجن بموافقة المحرم هو ممارسة عرفية استمرت قبل وقت طويل من اندلاع النزاع المسلح في 2015م.
وقالت غراتسيا كاريتشا، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية: “من غير المقبول أن تستمر السلطات في اليمن في النظر إلى النساء ومعاملتهن على أنهن ناقصات، ولا يملكن أي قدرة على التصرف باستقلالية، ويحتجزن إلى أن يرافقهن أولياء أمورهن الذكور في حياتهن اليومية. ويجب أن تتطور التقاليد العرفية، كما تتطور المجتمعات، لتكفل احترام حقوق الإنسان وكرامته”.
فيما قالت كاريتشا انه: "يجب على سلطات السجون الإفراج فوراً عن النساء، وأي شخص آخر، محتجز بعد انتهاء مدة عقوبته، وفقًا لقانون الجرائم والعقوبات اليمني، والدستور، والالتزامات الدولية في ما يخص القانون الدولي لحقوق الإنسان. وينبغي عليها وضع حد للحرمان غير المبرر من الحرية وجميع أشكال التمييز القائم على النوع الاجتماعي”.
واثار بيان نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية جملة من ردود الأفعال تجاه ماجاء فيه، خاصة فيما يتعلق بالتعميم الجغرافي على جميع انحاء اليمن لقضية موضوع اشتراط وجود محرم لإطلاق سراح المرأة لتسلم له وتكون في عهدته لتخرج من السجن، والذي وضع الحكومة المعترف بها دوليا وسلطات الأمر الواقع الحوثية وكأنها في نفس المستوى من التعامل الحقوقي الإنساني مع النساء في السجون، حيث عبرت عدة جهات عن آراءها التي أظهرت في المجمل وجود اختلاف كبير في طريقة التعامل مع حق المرأة في المجتمع اليمني بين مناطق الحكومة المعترف بها دوليا ومناطق سيطرة جماعة الحوثي، مؤكدين على الزامية الحفاظ على حقوق المرأة وحمايتها واحترام مكانتها الإنسانية حيثما تواجدت.
وبهذا السياق، أشارت وزارة حقوق الانسان في الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، عبر ادارة الإعلام والتوعية فيها، إلى تزايد حالات الانتهاكات و العنف الذي تمارسه مليشيات الحوثي ضد المرأة في مناطق سيطرتها بشكل مستمر، وذلك في تجرد واضح من النخوة وبتسلط اخلاقي يتجاوز حدود احترام العادات والتقاليد والاعراف اليمنية، وفي انتهاك صارخ لكل المواثيق والقوانين الوطنية والدولية.
واكدت تعرض المئات من النساء اليمنيات هناك لانتهاكات بشعة تنوعت بين القتل والإصابة والاختطاف والاخفاء القسري ولفترة طويلة تحت ذرائع وتهم كاذبة، مشيرة لتعرضهن لشتى صنوف التعذيب اثناء التحقيق معهن من خلال الضرب واطلاق الشتائم والاغتصاب، كما ان معظم من تم اعتقالهن يتم اختطافهن من الشوارع والمنازل بعد مداهمتها بهدف إجبارهن على دفع مبالغ مالية مقابل الخروج من السجن، موضحة أن هناك المئات من النساء اليمنيات يقبعن في السجون الحوثية غير القانونية.
من جانبها شددت شعبة حقوق الإنسان في النيابة العامة أن المرأة اليمنية لها قدرها ومكانتها التي يتم احترامها في داخل وخارج السجون، وأن مايتم الحديث فيه عن اشتراط وجود محرم لإطلاق سراح المرأة من السجن في المناطق المحررة بعد الحكم بخروجها هو أمر غير صحيح، وربما يتم فقط في مناطق سيطرة جماعة الحوثي، وليس هناك صحة لتواجده في المناطق المحررة التي تحت سيطرة الحكومة الشرعية المعترف بها دوليا، مؤكدة أنه لم يتم أبدا في المناطق المحررة اصدار أي حكم قضائي باحتجاز إمرأة وعدم إطلاق سراحها بسبب عدم وجود محرم لها.
وكان مصدر مسؤول في النيابة العامة للجمهورية قد صرح أنه لايوجد في سجون المناطق المحررة مايسمى قيد اشتراط توفر محرم للمرأة ليتم إطلاق سراحها بعد قضاء محكوميتها، مؤكداً أن النساء في مناطق الحكومة الشرعية المعترف بها دوليا يتم إطلاق سراحهن من السجون مباشرة بعد انتهاء فترة محكوميتهن، مشدداً على الدور الكبير الذي يقوم به مكتب النائب العام بهذا الخصوص، والاهتمام البالغ الذي يوليه في كل مايتعلق بالحقوق الإنسانية واحترامها والحفاظ عليها.
وأعلنت مصلحة السجون في الحكومة الشرعية سابقا عن نفيها لكل مايقال بخصوص عدم إطلاق سراح النساء من سجون المناطق المحررة إلا بمحرم، مؤكداً أن المصلحة عملت على عدم وجود سجينات محتجزات خارج الفترة القانونية، في جميع الإصلاحيات بمناطق سيطرة الحكومة اليمنية، واكدت قيامها بإطلاق سراح السجناء والسجينات الذين انتهت فترات محكومياتهم-
وفيما يخص ماجاء في بيان منظمة العفو الدولية،فقد أكدت دائرة حقوق الإنسان في الأمانة العامة لهيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي أن هناك على مايبدو التباس في بيان منظمة العفو الدولية من حيث التعميم بالقول ان سلطات السجون في جميع أنحاء اليمن تحتجز النساء اللواتي أنهين عقوبتهن في السجن إذا لم يكن هناك محرم ليرافقهن عند الإفراج عنهن، فقد عمم البيان موضوع شرط المحرم لإطلاق سراح النساء من السجون على جميع المناطق بما فيها محافظات الجنوب المحررة، وهذا أمر غير صحيح حدوثه بالنسبة لهذه المناطق.
واشارت دائرة حقوق الإنسان أنه من خلال قراءة البيان نلاحظ بأن جميع الحالات التي استشهد بها تقع ضمن النطاق الجغرافي لمحافظات الشمال التي يسيطر عليها الحوثي، أما في المناطق الجنوبية فلايوجد هذا الامر، مشددة أنه الدائرة ومن خلال نزولها المتواصل الى السجون في الجنوب لتفقد الاوضاع الانسانية للسجناء، بما فيهم النساء، فإنها لم نجد ما تم ذكره عن احتجاز نساء وعدم إطلاق سراحهن لعدم وجود محرم لهن.
وكان مصدر حقوقي قد أكّد أن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) كان قد تقدَّم مطلع كانون الأول/ ديسمبر 2019 بمشروع لحكومتي صنعاء (الحوثيين) وعدن (الحكومة اليمنية)، يهدف إلى تأهيل وتدريب السجينات وبناء دور إيواء لمن أنهين فترات محكوميتهن وتقرر بقاؤهن في السجن، إلاَّ أنَّ الحوثيين رفضوا المشروع لأسباب غير معروفة، في حين رحبت الحكومة اليمنية بالمشروع ووفرت التسهيلات والإمكانيات لإنجاحه في مناطق سيطرتها.
الجدير بالذكر أن قانون الجرائم والعقوبات اليمني، لا يتضمن ما ينص على حرمان المرأة من حريتها بعد انتهاء فترة الاحتجاز القانونية، كما لا يتضمن أي إشارة إلى ضرورة وجود أحد أولياء السجينة كشرط لإطلاق سراحها، بل إن نص القانون يجرِّم احتجاز السجين بعد انتهاء محكوميته.كذلك نص الدستور اليمني على أن "تكفل الدولة للمواطنين حريتهم الشخصية وتحافظ على كرامتهم وأمنهم، ويحدد القانون الحالات التي تقيد فيها حرية المواطن، ولا يجوز تقييد حرية أحد إلا بحكم من محكمة مختصة".