حرائق لبنان تدمي قلب أب.. والد أول ضحية يروي

الوطن توداي / وكالات :

لم يمنع جهاز "الدعامة" الذي يضعه سليم أبو مجاهد في قلبه من القيام بواجبه الأخلاقي والإنساني تجاه أهله وسكان بلدته بتاتر الشوفية في جبل لبنان، عندما بدأت النيران تشبّ عند أطراف البلدة، فسارع بهمته ونخوة شباب القرية إلى منع تمددها.

سليم أبو مجاهد ابن الـ 32 عاماً والعنصر في الدفاع المدني اللبناني، الذي ضجت به الثلاثاء مواقع التواصل في لبنان، رحل إثر نوبة قلبية ألمت به بعدما هب ليساعد في اطفاء الحريق في البلدة.

بغصّة تخرقها الدموع على الابن البكر، روى جهاد أبو مجاهد لـ"العربية.نت" ما حصل مع ابنه سليم قبل أن يرحل، فقال "قرابة الثانية عشرة من ليل الاثنين بدأت الحرائق تقترب من بلدة بتاتر في قضاء الشوف، فسارع سليم إلى القيام بواجبه كونه عنصراً في الدفاع المدني، وطلب مؤازرة رفاقه وأصدقائه في البلدة من أجل منع تمدد الحرائق".

طلب مُسكّناً

وأضاف الوالد المفجوع "بعد ساعتين من المشاركة في عملية الإطفاء، عاد سليم إلى المنزل وطلب منّي أن أعطيه مسكّناً للأوجاع لأن صدره كان يؤلمه، علماً أنه أجرى منذ ثلاث سنوات عملية في قلبه استدعت تركيب "دعامة"، فسارعت لجلب الدواء إلا أن حالته تدهورت سريعاً لأنه لم يعد يستطيع التنفّس، عندها نقله شباب البلدة ورفاقه في الدفاع المدني إلى المستشفى غير أن قلبه الضعيف لم يقاوم ففارق الحياة عند وصوله إلى الطوارئ".

وسليم متزوّج منذ ثلاث سنوات ولديه ولدان، وهو الابن الأكبر في عائلته المكوّنة من ثلاثة شباب.

مشهد مأساوي

ولفت النيران الاثنين في مشهد مأساوي مساحات حرجية واسعة في عدة مناطق لبنانية كان لمنطقة المشرف في الشوف بجبل لبنان الحصة الأكبر منها، حيث التهمت ألسنة النار الأشجار الخضراء ووصلت إلى البيوت السكنية.

وتصدّر هاشتاغ #لبنان_يحترق مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تفاعل الناشطون مع الحدث الأليم الذي لم يشهد مثله لبنان منذ عشرات السنوات، وعبّروا عن غضبهم من "محدودية" إمكانيات الدولة اللبنانية في مواجهة كوارث طبيعية كهذه وعدم جاهزيتها للتخفيف من الخسائر.

ضريبة الإهمال

بدوره، حمّل والد سليم أبو مجاهد عبر "العربية.نت" الدولة اللبنانية مسؤولية ما حصل مع ابنه، وقال "نحن دفعنا ضريبة الإهمال والفساد والنهب. فلو أجروا عمليات صيانة للطوّافات (السيكورسكي) التي استقدمت قبل سنوات والقابعة في المطار، لما حصل ما حصل. ربما ليس لديهم الوقت لشراء الفيول لهذه الطائرات لأنهم مشغولون بالنهب والسرقة". وختم "الله يرحمك يا ابني يا سليم".

ومنذ الأمس، اشتعلت الحرائق في المناطق الساحلية، الدامور، الدبيّة والمشرف، ومزرعة يشوع وغيرها من المناطق في الشمال والجنوب التي أضحت بفعل الحرائق مناطق منكوبة بكل ما للكلمة من معنى.

وساهمت الرياح الشديدة التي وصلت سرعتها إلى أكثر من 50 كلم في الساعة في امتداد النيران وفقدان السيطرة عليها.

وعملت آليات الدفاع المدني، معززة بالعناصر، وبمؤازرة وحدات من الجيش، وبمساندة طوافات تابعة للقوات الجوية، من أجل السيطرة على الحريق الذي اندلع في منطقة المشرف الذي استمر حتى اليوم ومناطق أخرى في جبل لبنان والشمال.

كما شاركت طوّافتان قبرصيتان في عملية إخماد الحريق في المشرف بعدما تمت الاستعانة بهما بتوجيهات من رئيس الحكومة سعد الحريري.

وأعلنت وزيرة الداخلية ريا الحسن عبر "تويتر" أنه تم إنشاء غرفة عمليات في السراي وأخرى متنقلة على الأرض في المشرف لمتابعة عملية إخماد الحرائق.