الرئيس علي ناصر محمد :الذكرى ال 53 لعيد الاستقلال

بمناسبة الذكرى الثالثة والخمسين لعيد الاستقلال الوطني 30 نوفمبر 1967م، أتوجه بالتهنئة إلى شعبنا العظيم صانع ذلك النصر التاريخي الذي نقل عدن وجنوبنا الحبيب من الاحتلال إلى الاستقلال في دولة حرة ذات سيادة من باب المندب إلى المهرة، بقيادة المناضل الرئيس قحطان محمد الشعبي، فانتهت بذلك شمس الإمبراطورية البريطانية التي لم تكن تغرب عنها الشمس، لتشرق في جنوب الجزيرة العربية شمس أخرى، شمس الحرية والاستقلال وانتصار إرادة الشعوب.


أتاح الاستقلال لشعبنا في الجنوب لأول مرة أن يوحد كل الكيانات المتفرقة التي كانت قائمة من سلطنات وإمارات ومشيخات في دولة وطنية واحدة ذات سيادة، لها علم واحد، جيش واحد، نشيد وطني واحد، سلطة حكم واحدة وقوانين وتشريعات واحدة نافذة في كل أراضي الجمهورية، فكانت بحقْ دولة أمن وأمان ودولة خالية من الفساد والبطالة والإرهاب ودولة قوية ومهابة في المنطقة.


إن الدولة في اليمن الديمقراطية حافظت، وسط ظروف صعبة وتعقيدات وصراعات داخلية، ودولية وإقليمية، على مصالحها الاستراتيجية، فلم تفرط في سيادتها الوطنية، وقاومت كل الضغوط التي واجهتها بسبب أطماع قوى إقليمية ودولية في إقامة قواعد عسكرية لها في موانئها وجزرها الاستراتيجية، وفي اي جزء من اراضيها.


 
إن الدولة في اليمن الديمقراطية وبحسب إمكانياتها المحدودة حاولت تلبية حاجات مواطنيها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، واستطاعت بقدر ما سمحت به الإمكانيات والظروف إلى إحداث نوع من النمو الاقتصادي والتنموي، كان هدفه الأول الإنسان. لا نزعم بأنه كان مثالياً، وكان أهم ما تميزت به التجربة التعليم والتطبيب المجانيان والسكن شبه المجاني ودعم أسعار المواد الغذائية والمحروقات والمواصلات والدواء والكتاب، وسعيها إلى تحقيق نوع من المساواة والعدالة الاجتماعية ودعم حقوق المرأة والطفل.



وعلى صعيد العلاقة مع النظام في صنعاء فقد سعت القيادة إلى وقف الحروب بين الشمال والجنوب والاحتكام إلى لغة الحوار من أجل الوصول إلى الوحدة بطريقة سلمية، وعلى هذا الطريق أُنجز دستور دولة الوحدة، وقيام المجلس اليمني الأعلى، والمناهج المشتركة لمادتي الجغرافية والتاريخ والمشاريع المشتركة على طريق الوحدة التي تحققت عام 1990م. أما ما حدث بعد الوحدة من صراعات وحروب فلا تتحمل وزره الوحدة كهدف نبيل وعظيم للشعب اليمني شمالا وجنوبا، بقدر ما تتحمل مسؤوليته الطريقة الخاطئة التي أُديرت بها دولة الوحدة، وتوظيف تلك الصراعات لغايات أخرى لا علاقة لها بتطلعات وآمال الشعب، كانت نتائجه وخيمة على النسيج الوطني والاجتماعي حتى اليوم.


وعلى صعيد العلاقة مع المنطقة فقد كانت الكويت من أوائل الدول التي أقامت عدن معها علاقات نموذجية ومتميزة، وقدمت الكويت كافة أشكال الدعم للنظام في عدن من مدارس ومستشفيات وطرقات ومطارات دون التدخل في شؤونه الداخلية، ولاحقاً تمت العلاقات مع الامارات والسعودية والبحرين وقطر وعُمان، استكمالا لعلاقاتنا مع الدول العربية والعالمية. وفي المقابل قدمت عدن الدعم لحركات التحرر الوطني وفي المقدمة القضية الفلسطينية. بالإضافة الى علاقتنا المتميزة بالمعسكر الاشتراكي الذي قدم لليمن الديمقراطية كافة أشكال الدعم السياسي والاقتصادي والعسكري. وكانت هذه العلاقات علاقات تعاون وسلام دون التفريط بالسيادة والقرار الوطني، بل قائمة على الاحترام المتبادل والمنفعة المشتركة، فالمصالح بين الدول والشعوب لا تقوم على الرؤية الإيديولوجية وحدها بل على المصالح والمنافع المتبادلة.



في الختام يحزُّ في نفوسنا أن تأتي هذه المناسبة في ظل الصراعات والحروب التي مزقت اليمن شمالها وجنوبها، وقوضت الدولة، فأصبح في اليمن اليوم أكثر من رئيس وأكثر من حكومة وأكثر من جيش.

نناشد الدول الشقيقة والصديقة والأمم المتحدة المعنية بالصراع في اليمن أن تعمل لوقف الحرب فوراً والتي لا يستفيد منها إلا تجار الحروب.

وبمناسبة الذكرى الثالثة والخمسين للاستقلال الوطني، فإننا نتوجه بالشكر إلى مصر حكومة وشعباً على الدعم الذي قدمته لليمن شمالاً وجنوباً حتى تحقق النصر في 30 نوفمبر 1967م.


مرة أخرى أجمل التهانئ لشعبنا البطل صانع الثلاثين من نوفمبر في ذكراه الثالثة والخمسين.

التحية والمجد لشهداء الثورة الأبرار وفي مقدمتهم أول شهيد للثورة راجح بن غالب لبوزة، ولمناضليها الذين لازالوا على العهد وعلى قيد الحياة.


وكل عام وشعبنا الأبيّ العظيم بأمن وسلام واستقرار