أشجان بجاش : تكتب عن أخلاقيات الإعلام ومواثيق الشرف

خاص _أشجان بجاش


للإعلام دور بارز فــــي إظهار الحقائق والقضايا الهامة وتوضيحها للرأي العام ؛ لذلك يجب أن تكون الأخلاق الإعلامية على قدر كبير من المسئولية، وتتمتع بالشفافية والمصداقية، وتقبل النقد والإبتعاد عن المزايدات .

 فالصحفي المتمكن هو الذي يسعى لإبراز الحقائق ومناقشة ومعالجة القضايا التي تهم الفرد والمجتمع ؛  سواءً أكانت سياسيه أو اقتصاديه أو أخلاقية أو بيئية أو صحيه ، معتمدآ في طرحة لهذه القضايا اساسيات الإعلام المهني من بحث وإستطلاع ، والتأكد من  المصادر والوقائع قبل التطرق في طرحها ونشرها بطابع مهني وأخلاقي ، بما يسهم في تحقيق الأثر الإيجابي وخلق رجع صدى للقضية المثارة ، وأستجابة من الجهات  المعنية عبر الوسائل الإعلامية الخاصة (المرئية او المسموعة او المقروءة او المقابلات  او الندوات...وغيرها )

أن العمل بأخلاقيات الإعلام من قيم ومبادئ، والإلتزام بالمعايير المهنية والإنسانية وحريه النشر والصحافة يسهم بشكل كبير في خلق إعلام مسؤول يرسخ قيم السلام والتسامح والسعي نحو البناء المجتمعي ، بعيدآ عن لغة التحريض وثقافة الحقد والكراهية .

ورغم الحرية الصحافية التي كفلها الدستور ونصت عليها المواثيق الدولية ؛  إلا أن  محظورات النشر كالخصوصيات والتجريحات والقيم الدينية،وما تضر الفرد والمجتمع ومصالح الدوله والأساليب غير المشروعه ،لازالت قائمة بحسب الدساتير والقوانين ومواثيق الشرف الإعلامي التي شرعتها وصدرتها كيانات اعلاميه،بما ينظم العمل الاعلامي وأخلاقيات المهنة .


حقيقه أن العمل الإعلامي والصحفي هو من المهن المؤثره فــــي المجتمعات عندما يكون مهنياً خالصاً بما يقوم ويقدمه هذا المجال رغم الاخطار فــــي كشف الحقائق والوقائع والتوعيه،وتوضيح القضايا التي تهم المجتمع والفرد والدوله ، لذلك فلابد أن يتسم العمل الإعلامي با أخلاقيات  المهنة، والإلتزام بها حسب القوانين ومواثيق الشرف الإعلامي ومن  اهمها: المصداقيه والدقه وحق الشعوب والأفراد ، حريه التعبير ومعرفه الحقيقه والإلتزام بوحده الوطن وأمنه واستقراره ، والإلتزام بالقيم الدينيه واحترام الأديان ،وعدم إثاره النعرات والإثاره فــــي نشر الفضائح ، احترام سياده ومساندة العداله والمحافظه على سريه المصادر واحترام الحقوق الملكيه والفكريه والكرامه الإنسانيه وقبول النقد والإعتراف بالخطاء وعدم استغلال المهنيه لأغراض ومكاسب شخصيه .

ورغم كل ذلك إلا أن القيم والمبادئ لا يعمل  ولا يلتزم بها ،وبعضها غير موجود قد ربما لعدة اسباب منها : نشر بعض الاخبار   الكاذبه والمظلله خاصه فــــي انتشار الفيسبوك ، وعدم وجود الحريات الإعلاميه والضوابط المهنيه ،وتوجهات المؤسسات الإعلاميه وانحيازها وعدم حياديتها ، سيطره الانظمه والمكونات على الإعلام والرقابه السلبيه وحتى معاقبه الإعلاميين لسياستها  ،  توجهات بعض المؤسسات في الكسب المادي ، وجود العراقيل في  الحصول على الحقيقه فــــي بعض المصادر وعدم حمايه حقوق الإعلاميين والصحفيين الماديه والمعنويه والفكريه . وحضور وغياب القوانيين والدساتير المنظمه للحقوق والعقوبات الإعلاميه للعمل على الأسس والمعايير المهنيه والأخلاقيه .

ونرى بعض الفوارق فــــي العمل الإعلامي وأخلاقيات الإعلام فالدول الديمقراطيه تقدمت فــــي حرياتها الإعلاميه فهي على الأقل تقوم بنقد حكومتها والأنظمه الحاكمه وتنشر بعض القضايا وأنشأت بعض نقابات واتحادات تعني بالأخلاق والشرف الإعلامي مثلاً فــــي امريكا انشأ الاتحاد القومي للإذاعيين عام ١٩٢٣م وميثاق الشرف له ١٩٢٩م وتم تعديله عام١٩٥٨م ودستور اليونسكو الصادر عام ١٩٤٥م ، وشرعت ميونخ 1971م وعرفت بإعلان واجبات الصحفيين وحقوقهم.

 وفي الوطن العربي تأخرت التنظيمات الصحفيه الإعلاميه وانشأ الإتحاد العام للصحفيين العرب عام ١٩٦٤م وميثاق الشرف الإعلامي العربي وأقره مجلس الجامعه العربيه عام ١٩٧٨م
وكما أن للإعلام أخلاقيات حريه النشر  ايضاً توجد محظورات لاينبغي نشرها أو التطرق لها  مثل: المعلومات والأخبار الكاذبه والمظلله، ومايتعارض مع قيم الديانات السماويه والحقوق الإنسانيه والوطنيه للفرد ، ومايسمى الأسرار العسكريه ووحده الوطن وإستقراره وأمنه والمساس المعيب لرئيس الدوله أو الحاكم والمؤثر سلبياً على العداله ، ومايعرض للإهانه والكراهيه والجريمه والعنصريه وغيره.

وحسب عدة مصادر معنيه بأخلاقيات ومحظورات النشر ومنها القانون اليمني رقم٢٥ الصادر ١٩٩٠ م الخاص بالصحافه والمطبوعات .
قال:  الاستاذ" عبد الباري عطوان" الكاتب الصحفي الكبير والإعلامي والمحلل المشهور قال : هناك ثلاثة مليارات وثلاثمائه مليون مواطن مستخدم للإنترنت يكتبون وينشرون اخباراً وافكاراً وآراء وتقارير ويصوروا ويتلاعبوا بالصوره فــــي المجتمع الذي نعيش فيه اليوم فكيف ان تطبق الأخلاقيات المهنيه الإعلاميه فــــي مجتمع كهذا.

اذاً  كما ان للإعلام التقليدي سلوك مهني ومواثيق شرف كذلك ايضاً للإعلام الجديد سلوك مهني للعاملين فيه ويجب التميز بين ماهو جيد وماهو سيئ وماهو مقبول وغير مقبول والإدراك بالصواب والخطأ فــــي السلوك المهني والاعلام الجديد عرف بأنه هو الإعلام الرقمي التفاعلي والمختصر ، ويشمل الاعلام الالكتروني، والصحافه الالكترونيه، والميديا الاجتماعيه،(شبكات التواصل الاجتماعي)  فالإعلام الجديد توسع كثيراً فــــي ظل تكنلوجيا المعلومات والوسائل الحديثه للنشر وبقدر التوسع فــــي حريه التعبير توسعت انماط جديده فــــي الإنتهاكات الأخلاقيه الإعلاميه مثل :عدم دقه المعلومات والاخبار والسرعه فــــي انتشارها ونقل الاخبار الكاذبه والمظلله وسرقه افكار الغير من الشبكه والمواقع ونقل ونشر الصور المظلله لاتخص الحدث او الخبر ولا المكان والزمان والتلاعب بنشر صور قديمه من الارشيف وعدم التاكد من دقة المعلومات ومصادر فــــي نشر ونقل الاخبار العاجله وخاصه على قنوات التلفاز في ظل المنافسه الاعلاميه وحمى التنافس على السبق الاعلامي والصحفي فهل الإعلام والإعلامي والصحافه والصحفي  يتمتع بالحريه المطلقه ولا يخضع لضوابط في الاعلام الجديد؟
جاء فــــي دراسه "د/ الحمامي" وعنوانها الصحفيون وأخلاقيتهم فــــي زمن الميديا الاجتماعيه . الصحافي ليس حراً مطلقاً فــــي الفضاء الافتراضي يتصرف كما يشاء.

لذلك كثير من الكيانات الصحفيه والاعلاميه طورت مواثيقها المهنيه وأدرجت مبادئ خاصه بالميديا الاجتماعيه والاعلام الجديد مثل: الفيدراليه المهنيه لصحافي كيبيك فــــي كندا والجمعيه الامريكيه للناشرين والمحررين ووكاله الصحافه الفرنسيه ورويترز والبي بي سي وفي لبنان قيام كل مؤسسه إعلاميه الكترونيه بوضع ميثاق شرف خاصه بها ينظم ممارستها الاعلاميه والتشديد على اخلاقيات العمل الاعلامي فــــي معاهد وكليات الاعلام فــــي الجامعات العامله فــــي لبنان لذلك فالاخلاقيات الاعلاميه ومواثيقها شرط اساسي العمل بها والالتزام بها مؤسسات وعاملين وسواء الاعلام التقليدي او الاعلام الجديد الالكتروني والميديا الاجتماعيه العام والشخصي والعمل بمعايير مهنيه واخلاقيه ومسؤليه.

ختاماً : فــــي الواقع تظل قضيه الأخلاقيات الإعلاميه والصحفيه قضيه هامه يجب تكريس الجهود وطرح الدساتير والقوانين والمواثيق والتشريعات والضوابط والتنظيم للعمل الإعلامي والصحفي بما يكفل الحريات والحقوق والواجبات والإرتقاء  وتحسين الاداء الإعلامي بمهنيه خالصه حسب المعايير المهنية للصحافة؛  لما لهذا من دور مهم فــــي النقد وكشف الحقائق والقضايا ونقل الصوره من الواقع، وإيصالها للجمهور والسلطات ؛ بما يعالج القضايا الوطنيه والمجتمع والفرد فــــي الحفاظ على وحده الوطن وأمنه واستقراره  وبما يساعد فــــي التنميه والتطور والإنذار بالكوارث البيئيه والصحيه والتوعيه الثقافيه والعلميه، وما يسمى القيم الدينيه لديننا الإسلامي والمساعده فــــي سير العداله والمساواه والمساهمه فــــي حل القضايا المجتمعيه، انسانيه واخلاقيه وحقوقيه ومظلوميه والتقليل من الجريمه والفساد... وغيرها من القضايا الوطنيه والمجتمعيه والفرديه ؛ فالإتحادات والدساتير والإتفاقيات والمواثيق والكيانات الإعلاميه السابق ذكرها لم تكمل الدور ويظل القصور موجود لحل قضيه أخلاقيات الإعلام والممارسات الإعلامية ؛ فالحاجه ضرورية لتدعيم القوانين والتشريعات بدستور موحد ينظم المجال الإعلامي والصحفي واستقلاليته لممارسة دوره، كمنظومة متكاملة يمارس عمله بحرية ومسئوليه ومهنيه .