مصدر لـ"ديبريفر": خلافات عاصفة في البنك المركزي اليمني بين المحافظ ونائبه ستؤثر على الريال
كشف مصدر مطلع في البنك المركزي اليمني، لوكالة "ديبريفر" الدولية للأنباء، اليوم السبت، عن خلافات وصفها بـ"عاصفة" بين محافظ البنك حافظ معياد ونائبه شكيب حبيشي، من المحتمل أن ترتد سلباً على أداء البنك وقيمة العملة المحلية في البلاد.
وأوضح المصدر الذي طلب عدم الكشف عن هويته، أن السبب الرئيس وراء الخلافات، هو استقدام محافظ البنك أشخاص كانوا يعملون في مقر البنك المركزي في صنعاء، وتعيينهم في مناصب إدارية داخل المقر الرئيس للبنك المركزي في مدينة عدن التي تتخذها الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً (الشرعية) عاصمة مؤقتة للبلاد.
وأفاد المصدر بأن تعيينات المحافظ معياد أثارت حفيظة عدد من مسؤولي وموظفي البنك المركزي في عدن الذين اعتبروا ذلك إقصاء للكوادر الموجودة سابقاً في البنك الذي كان فرعاً للبنك المركزي في صنعاء قبل أن تقرر الحكومة "الشرعية" نقل المقر الرئيس للبنك إلى عدن في سبتمبر 2016 لسحب سلطاته من أيدي الحوثيين الذين سيطروا عليه منذ أواخر عام 2014.
ولفت مصدر "ديبريفر" إلى أن تلك الخلافات إذا ما استمرت، فستؤثر سلباً على أداء البنك وبالتالي على سعر الريال اليمني أمام العملات الأخرى.
في السياق، أكد مصدر أمني مطلع، لوكالة "ديبريفر" الدولية للأنباء، أن جهة أمنية سيادية في عدن، أوقفت يوم الخميس الفائت، مستشار محافظ البنك المركزي، رشيد الآنسي واستجوبته بشأن عدة قضايا متصلة بنشاط وأمن البنك.
وقال المصدر إن الانسي خضع لتحقيق استمر نحو ست ساعات من قبل ضباط بجهاز الأمن القومي بشأن اقتحامه مكتب مسؤول في البنك المركزي اليمني وكذا تصويره بجواله خزائن البنك بالإضافة إلى الاشتباه بعلاقته بصرافين موالين لجماعة الحوثيين في صنعاء.
وكان محافظ البنك المركزي حافظ معياد، أعلن يوم الخميس اختطاف مستشاره رشيد الانسي والإفراج عنه لاحقاً، متهماً جهاز الأمن القومي في عدن بالضلوع في اعتقال الانسي، دون أن يوضح المزيد من التفاصيل.
وأكد المركز الإعلامي للبنك المركزي يوم الخميس، أن مسلحين مجهولين اختطفوا الأنسي أثناء خروجه من نيابة الأموال العامة التي ذهب إليها للإدلاء بشهادته حول قضايا فساد اتهم فيها مسؤولون داخل البنك ومنهم نائب المحافظ شكيب حبيشي.
وذكرت مصادر إعلامية أن الإفراج عن الآنسي جاء عقب تدخل مباشر من الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي.
ووفقاً لمصادر متطابقة، يعد رشيد الانسي الذراع الأيمن لحافظ معياد داخل البنك المركزي بعدن، وأعاده إلى العمل بعدما كان موقوفاً من قِبل المحافظ السابق محمد زمام.
إلى ذلك أشار مصدر "ديبريفر" في البنك المركزي إلى أن الأوضاع داخل البنك حالياً متوترة جداً بين مؤيدي المحافظ معياد ومعارضيه.
وبينما يرى معياد وفريقه ضرورة إجراء بعض التغييرات في المناصب الإدارية والفنية في البنك بكوادر أكثر كفاءة من خلال استيعاب موظفين كانوا يعملون في البنك المركزي في صنعاء، يعتبر نائب المحافظ شكيب حبيشي وفريقه أن هذه التغييرات إقصاء للكوادر العاملة في البنك منذ الفترة الماضية وأغلبهم من جنوبي اليمن، ليتحول الصراع إلى "شمالي جنوبي"، وفقاً لمصادر مطلعة داخل البنك.
وأفاد المصدر بأن بعض قيادات البنك المركزي قامت بجلب عدد من الموظفين من أبناء المحافظات الشمالية، كانوا يعملون في البنك المركزي بصنعاء الذي تسيطر عليه جماعة الحوثيين، وكانوا يشغلون وظائف متفاوتة لا تتجاوز منصب رئيس قسم، تم ترتيب وضعهم في بنك عدن وتعينهم نواب مدراء ومدراء إدارات عامة.
ويشكك فريق نائب المحافظ المعارض للتعيينات الجديدة، بالموظفين الذين تم استقدامهم من صنعاء ويتهمهم بالتبعية لجماعة الحوثيين وإمدادها بالبيانات المالية للمؤسسات الحكومية والخاصة، لكن فريق المحافظ معياد يعتبر تلك الاتهامات باطلة وتهدف إلى منع إحداث تغييرات إدارية لتحسين كفاءة وأداء عمل البنك، واستحواذ المسؤولين الحاليين على المناصب الإدارية.
وقال المصدر إن الخلافات الحادة تفجرت بين محافظ البنك المركزي ونائبه، بعد قرار معياد بتكليف مستشاره رشيد الآنسي لرئاسة لجنة لجرد الخزائن الموجودة في أماكن محصنة في الأدوار السفلى لمبنى البنك، وذلك قبل يوم واحد فقط من محاولة الآنسي اقتحام مكتب وكيل الرقابة على البنوك، الأسبوع الماضي.
وأشار المصدر إلى أن عملية الجرد تمت بشكل مفاجئ خارج ساعات العمل الرسمية، وبعد ساعات من مغادرة نائب محافظ البنك لمكتبه، ما أثار استغراب وسخط المسؤولين في إدارة الخزائن، خصوصاً وأن الآنسي كان يتصرف بطريقة غريبة من خلال القيام بتصوير الممرات المؤدية إلى موقع الخزائن، وتصوير الخزائن المحصنة بعد أن تم فتحها.
وشهد سعر صرف الريال اليمني، تذبذباً أغلبه يميل إلى التراجع منذ تولي حافظ معياد قيادة البنك المركزي. ويؤكد مختصون اقتصاديون أن ذلك يرجع إلى اتباع محافظ البنك سياسة لا تركز على تقوية أداء وموقف البنك الأمر الذي يكبده خسائر كبيرة.
ويقوم البنك المركزي اليمني في عدن، منذ عشرة أشهر، بتوفير العملة الصعبة للاعتمادات من الوديعة السعودية بسعر مخفض عن السوق لتغطية واردات المواد الأساسية. كما فتح لموردي السلع الرئيسية (قمح، ذرة، أرز، سكر، حليب أطفال، زيت الطبخ)، اعتمادات تصل إلى حوالي 200 ألف دولار، على أن يقوموا بتوريد قيمتها إلى مقر البنك في عدن بالعملة المحلية وبالتسعيرة الرسمية.
ويوجد في البنك المركزي اليمني احتياط نقد أجنبي بأكثر من ثلاثة مليارات دولار، تتكون من ملياري دولار أودعتها المملكة العربية السعودية، مطلع العام الماضي، بجانب مليار دولار وديعة سعودية سابقة منذ سنوات، إضافة إلى 200 مليون دولار أعلنت عنها المملكة في مطلع أكتوبر الماضي كمنحة للبنك، دعماً لمركزه المالي.
ويستورد اليمن أكثر من 90 بالمئة من احتياجاته الغذائية بما في ذلك معظم احتياجاته من القمح وكل احتياجاته من الأرز.