بعد فشل مساعي ماكرون... ماذا تريد إيران من أوروبا لإنقاذ الاتفاق النووي؟

وكالات


رغم فشل المساعي الأوروبية في حل أزمة الاتفاق النووي بين إيران وأمريكا، كثيرًا ما يشير الرئيس حسن روحاني إلى إمكانية قيام دول الاتحاد الأوروبي بدور لإنقاذ الاتفاق النووي.


باءت كل المحاولات الأوروبية لحل الأزمة القائمة بالفشل، وكان آخرها مبادرة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، التي أعلنت أمريكا رفضها مؤخرًا، كما فشلت محاولته لجمع الطرفين حول طاولة حوار واحدة، أو في مكالمة هاتفية.

قال الرئيس الإيراني حسن روحاني خلال اجتماع الحكومة اليوم الأربعاء، إن "الطريق أمام الأوروبيين لا يزال سالكا لإنقاذ الاتفاق النووي وتحقيق المصالح الإيرانية، الأمر الذي أثار عدة تساؤلات مفاداها: ما المطلوب من أوروبا لإنقاذ الاتفاق، وهل يمكنها القيام بذلك؟".


تصريحات إيرانية


وإذ شكر روحاني الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لما بذله من جهود، أكد أن الإدارة الأمريكية هي من حالت دون تحقيق أي تقدم.


وأكد روحاني أنه لا مشكلة لدى إيران في عقد اجتماع على مستوى (5+1)، لكنه ينبغي احترام مقررات هذه المجموعة، مشددا على أن بلاده تسعى لمفاوضات تحقق نتائج حقيقية.


وشدد الرئيس الإيراني على أن طهران لا تثق بالإدارة الأمريكية، لأنها تطلب التفاوض من جهة، وتفرض العقوبات من جهة أخرى.


وفي سياق آخر، شدد روحاني على أنه لا يمكن عزل إيران إذ أنها موجودة في كل الساحات، وقال "لا يمكن تحقيق الأمن في المنطقة والعالم من دون إيران... من يشن الحرب على اليمن هو من يقف خلف الفوضى في المنطقة".


وختم روحاني مشددا على أن "إيران باتت أقوى مما كانت عليه العام الماضي وأن اقتصادها بات أفضل".


ماذا يريد روحاني؟


مصطفى الطوسة، الإعلامي والمحلل السياسي المقيم في فرنسا، قال إن "السلطات الإيرانية منذ بداية الأزمة وانسحاب أمريكا من الاتفاق النووي، كانت تراهن على أن دول الاتحاد الأوروبي ستمارس ضغوطًا على حليفها الأمريكي لإنقاذ الاتفاق".


وأضاف في تصريحات لـ"سبوتنيك"، أن "إيران كانت تريد من أوروبا لإنقاذ الاتفاق البقاء في السوق الإيرانية والالتفاف حول العقوبات الأمريكية المفروضة على طهران، والاستجابة لمطالب الإيرانيين على المستوى الاقتصادي".


وتابع: "بالرغم من الإرادة الحسنة لدول الاتحاد الأوروبي، قوة الاتحاد لم تمكنه من الحصول على أجوبة تستجيب لمطالب الاقتصاد والسوق الإيراني، لأن الضغوط الأمريكية والعقوبات الاقتصادية المفروضة كانت قوية لدرجة أن كل الشركات الأوروبية التي خيرها ترامب بين البقاء في إيران أو المكوث في السوق الأمريكية اختارت ترك طهران، واستجابت للعقوبات".


ومضى قائلًا: "في بداية الأمر فشلت دول الاتحاد الأوروبي لإيجاد هذه الأجوبة بالرغم من كل المحاولات، كانت هناك آلية الإنستيكس كنظام مقايضة للالتفاف على العقوبات، وفكرة الخطة الائتمانية التي اقترحها إيمانويل ماكرون والتي تم رفضتها أمريكا، كان هناك جهود كبيرة من الأوروبيين لمحاولة الالتفاف على العقوبات الاقتصادية، لكن كل هذه المحاولات باءت بالفشل، بسبب أن بيت القصيد في الأزمة الإيرانية لا يوجد عند أوروبا بقدر ما يوجد في واشنطن".


وأكمل "الدول الأوروبية لا يمكن لها أن تقوم إلا بوساطة، وليس بإيجاد حل بديل للعقوبات، والرئيس الفرنسي يعلم ذلك جيدًا لذلك يحاول أن يفتح بابًا جديدا للحوار من أجل بلورة اتفاق جديد يخدم الجميع".


وبشأن ما يريده روحاني، قال: "يريد روحاني من الأوروبيين أن يجدوا له مخرجًا ومتنفسًا من العقوبات الأمريكية دون أن يرغم النظام الإيراني على تقديم التنازلات التي يطلبها دونالد ترامب".


مناورة سياسية


من جانبه قال محمد محسن أبو النور، رئيس المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية (أفايب)، إن "حديث الرئيس الإيراني حسن روحاني المتكرر، عن دور الاتحاد الأوروبي في حل أزمة الاتفاق النووي، مناورة سياسية".


وأضاف في تصريحات لـ"سبوتنيك"، أن "هناك اتفاقات إيرانية روسية على أعلى مستوى لإحداث اختراق في علاقات إيران الدولية، أو في الثقافة الاستراتيجية الإيرانية تجاه المجتمع الدولي".


وتابع "روحاني في فترته الرئاسية الأولى، كان يستهدف بناء علاقات قوية مع أمريكا وأوروبا بحكم أنهم يملكون كثير جدا من أوراق اللعب في الساحة السياسية الدولية، لكن مؤخرا اكتشف أن الأوراق باتت في يد روسيا والصين، لذلك يجري معهم اتفاقيات تجارية، وهناك حديث عن مناورات عسكرية بين إيران وروسيا والصين في الخليج العربي وعند مضيق هرمز قريبًا".


وأكد أن "تصريحات الرئيس روحاني يريد بها تنويم القوى الأوروبية وإقناعها بأنها قادرة على إنقاذ الاتفاق النووي، من أجل تجنب مكر الأوروبيين وتجنب أي تحالف أوروبي أمريكي في هذا التوقيت، على الرغم من علمه وتأكده بأن الاتفاق النووي لن يتم إنقاذه سوى مع أمريكا".


خطة فرنسية


قال الرئيس الإيراني حسن روحاني يوم الأربعاء خلال اجتماع وزاري بثه التلفزيون على الهواء مباشرة إن خطة للمحادثات عرضها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على الولايات المتحدة وإيران تلقى قبولا على نطاق واسع في بلاده.


وأضاف أن بعض الصياغات تحتاج لتعديل في الخطة التي تنص على ألا تسعى إيران للحصول على أسلحة نووية وأن تساعد في أمن المنطقة وممراتها المائية وأن ترفع واشنطن جميع العقوبات. وتسمح الخطة لإيران كذلك باستئناف مبيعات النفط على الفور.


لكن روحاني أبلغ اجتماع مجلس الوزراء كذلك بأن الرسائل المتضاربة التي تلقاها من الولايات المتحدة بشأن العقوبات أثناء وجوده بها الأسبوع الماضي تقوض إمكانية إجراء محادثات. وكان روحاني يحضر اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.


وقال إن من غير المقبول أن يقول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في العلن إنه سيكثف العقوبات بينما تبلغ قوى أوروبية طهران في أحاديث خاصة باستعداده للتفاوض.


وأضاف روحاني أن قوى أوروبية تواصل جهودها لترتيب محادثات. وكانت ألمانيا وفرنسا من بين الدول الموقعة على الاتفاق النووي الذي أبرمته إيران وقوى عالمية عام 2015 وأعلن ترامب انسحاب الولايات المتحدة منه العام الماضي.


ومؤخرًا أعلنت الحكومة الإيرانية إمكانية قبولها إجراء تعديلات على الاتفاق النووي، مقابل رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة من قبل واشنطن.


وكان الرئيس الأمريكي قد رفض مساعي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للوساطة بين الولايات المتحدة وإيران في النزاع القائم بين البلدين. وقال للصحفيين على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة أمس الاثنين "نحن لا نحتاج إلى وسيط...هو (ماكرون) صديقي لكننا لا نبحث عن أي وسطاء".


وأعلن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في 8 مايو/ أيار 2018، انسحاب بلاده من الاتفاق المبرم مع طهران بشأن برنامجها النووي، عام 2015، واستئناف عقوبات اقتصادية صارمة استهدفت فيها الإدارة الأمريكية تجفيف الموارد المالية الإيرانية، وفرض عقوبات على مشتري النفط الخام الإيراني ومنتجاته، وردت إيران على ذلك بإعلانها مؤخرا أنها لن تلتزم بمجموعة أخرى من المعايير التي تم الاتفاق عليها عام 2015، واتخذت ثلاث خطوات في طريق تقليص تعهداتها النووية، كان آخرها في 7 سبتمبر/ أيلول الفائت، عندما رفع القيود على أبحاث ومستوى تخصيب اليورانيوم وأجهزة الطرد المركزي.