تجارة السلاح في اليمن .. أباطرة جدد وتجارة نشطة منذ بدء الحرب

متابعات/ الوطن توداي

خلقت الحرب والنزاعات المسلحة مؤخرا مناخا متزايدا لأنشطة الإتجار الغير مشروع بالأسلحة في اليمن وخصوصا بعد تعرض مخازن الأسلحة للمعسكرات اليمنية للنهب والسطو بعد الانقلاب المسلح على السلطة في صنعاء في 21سبتمبر 2014 وانقلاب المجلس الانتقالي المدعوم اماراتيا على مؤسسات الدولة في عدن في 10 أغسطس/آب الماضي.

ورغم الحصار الذي فرضته قوات التحالف بقيادة السعودية على المنافذ اليمنية بعد شن الحرب على اليمن تحت دعوى محاربة الحوثيين عام 2015 إلا أن عمليات تهريب السلاح إلى اليمن لاتزال كبيرة بل أصبح تدفق السلاح لتغذية أطراف الصراع في اليمن مشرعننا حسب تقارير دولية وهو ما خلق نشاطاً ورواجاً لبيع مختلف أنواع الأسلحة بشكل غير مسبوق وباتت ظاهرة السلاح تشكل خطراً كبيراً على واقع تحقق السلام المستدام في اليمن حاضراً ومستقبلاً 

  

أسواق مفتوحة وتجارة نشطة

ولا تقتصر أماكن بيع الأسلحة على بعض الشوارع داخل المدن اليمنية، بل أيضاً تتواجد على أطرافها حيث تباع الأسلحة بشكل علني في مداخلها كالعاصمة صنعاء, ويعرض تجار الأسلحة بضاعتهم في محلات تجارية وبسطات وعلى متن سيارات كما هو حاصل في سوق جحانة الواقع على المدخل الجنوبي لصنعاء. 

"من السهل علينا كتجار سلاح العمل في ظروف الحرب، فلا توجد موانع قانونية ولا رقابه على تجارة وحيازة السلاح بعد انهيار الدولة"، كما يقول مختار الرحبي .

مختار الرحبي الخولاني تاجر سلاح في شارع التحرير في صنعاء، يقول في حديث لقناة بلقيس:" تجارتي كانت تقتصر سابقا قبل الحرب على بيع أنواع محدودة من السلاح كالأسلحة الرشاشة وبعض المستلزمات العسكرية. 

لكن مع الحرب أصبحت قادراً على توفير أنواع مختلفة من الأسلحة بما فيها أسلحة متوسطة ومضاد للطيران.

ويضيف قائلاً: "إن الراغبين بشراء السلاح تزايد اعدادهم بشكل كبير في فترة الحرب رغم ارتفاع أسعار قطع السلاح عشرات الأضعاف".


أباطرة السلاح

جعلت الحرب من السهل لأي شخص شراء أي نوع من قطع السلاح ليس من أسواق السلاح المعروفة والمنتشرة في المدن اليمنية فقط، بل شراء السلاح من أي تاجر ينشط في تجارة وبيع الأسلحة في ظل ظروف الحرب. 

تجار السلاح يرون أن الحرب قد وفرت لهم نشاطاً تجارياً أفضل بكثير مما كان عليه قبل الحرب خصوصاً في ظل غياب الرقابة وانعدام القانون.

عبد الرحمن حسام تاجر سلاح شاب بدأ العمل ببيع الأسلحة بعد نشوب الحرب بين الحوثيين والقوات الحكومية منذ أذار/ مارس 2014, كما يقول في حديث لقناة بلقيس. مشيرا إلى أنه كان يقاتل مع أحد أطراف الصراع في اليمن والتي رفض تسميتها وأنه قرر العمل في تجارة السلاح بعد تكوينه علاقات مع شخصيات مهمة في القيادة العليا لتلك المليشيات.

ويضيف: "لقد بعت منذ بداية الحرب آلاف القطع وحققت أرباح كثيرة رغم المنافسة الشديدة بين تجار السلاح ودخول هذا السوق مئات التجار الجدد وخصوصا ممن يمتلكون علاقات مع قيادات المليشيات المتقاتلة على السلطة في اليمن.

"يشترط الرجال النافذين الذين يمدون تجار السلاح في السوق السوداء اليمنية بقطع السلاح عدم الإفصاح عن هوياتهم. "أنت كمشتري ترغب بالشراء لا يحق لك سؤال تاجر السوق السوداء". من أين تأتي بقطع السلاح؟ كما يقول عبد الرحمن. 

كثير من تجار السوق السوداء لبيع السلاح في الأسواق اليمنية يرفضون الكشف عن هويات الشخصيات التي تزودهم بقطع السلاح التي يتاجرون بها مرجعين أسباب ذلك الى تجنب الاشكاليات التي قد تحدث في حال افصحوا عن اسماء مموليهم .

وعن سؤال قناة بلقيس للتاجر عبدالرحمن كيف ينشط في يبيع قطع السلاح ومن هم زبائنه؟ 

رد قائلاً: إن تجارة السلاح في اليمن هي كأي تجارة, وكل زبون يعرفه على زبون أخر وتستمر طريقته هذه في البيع طوال العام ويتركز زبائنه بشكل أكبر من أبناء القبائل في صنعاء. 

وحقق رجال أعمال ونافذين يمنيين من خلال تجارة الأسلحة ثروات مالية ضخمة، فوفقاً لتقارير دولية فقد صُنف رجل الأعمال اليمني المعروف فارس مناع من بين أشهر عشرة تجار سلاح في العالم، ووجه اليه مجلس الأمن الدولي اتهاماً بتهريب السلاح لحركة ( تنظيم الشباب المجاهدين الصومالية) المتهمة بارتباطها بتنظيم القاعدة ، في حين وضعته الحكومة اليمنية في عهد النظام السابق على رأس قائمة مهربي السلاح في اليمن.


اتهامات دولية ومخاطر مستقبلية

وفي الوقت الذي تتهم تقارير دولية ايران بتهريب السلاح إلى الحوثيين وتزويدهم بتكنولوجيا سلاح متقدمة كالطائرات المسيرة وقطع صواريخ بعيدة المدى، تتهم الحكومة اليمنية السلطات الإماراتية باستخدام موانئها لجلب أسلحة للفصائل المسلحة في مدينة عدن جنوب البلاد. 

يأتي هذا في الوقت الذي فضح تحقيق نشرته شبكة (سي إن إن) الأمريكية منتصف اكتوبر الماضي، إمداد دولة الإمارات ميليشيات في اليمن بأسلحة أمريكية الصنع في تعزيز لمؤامرات نشر الفوضى والتخريب ودفع تقسيم البلاد. 

وقال تحقيق الشبكة الأمريكية إن أدلة جديدة تظهر أن العتاد العسكري الذي وفرته الولايات المتحدة لحلفائها في الخليج قد تم توزيعه في انتهاك لصفقات الأسلحة إلى مجموعات الميليشيات بما في ذلك الانفصاليون الذين تدعمهم الإمارات في عدن.


وأوضح التحقيق أن الأسلحة الأمريكية يتم استخدامها من الميليشيات المدعومة إماراتيا في محاربة قوات الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا والتي يفترض أن التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية يساندها. 

تأتي هذه النتائج الجديدة في أعقاب تحقيق حصري أجرته شبكة سي إن إن في فبراير/شباط من عام 2019والذي تتبع المعدات الأمريكية الصنع التي بيعت إلى السعودية والإمارات.



وتم العثور على بعض هذه الأسلحة بحيازة المقاتلين المرتبطين بالقاعدة والميليشيات السلفية المتشددة والمتمردين الحوثيين الذين تدعمهم إيران في انتهاك لقانون مبيعات الأسلحة. 

في سياق متصل يبدي مراقبون امنيون مخاوف شديدة من تمكن الجماعات الإرهابية والمتشددة من الحصول على أسلحة نوعية في ظل ظروف الحرب وهو ما يعني استمرار خطر هذه الجماعات في المستقبل وإن تحقق السلام وانتهت الحرب في اليمن.