رشا عبيد : أعمالي تعبر عن المرأة وتهتم بمواضيع تهميش النساء وكفاحهن ضد القمع

ارشيف - غلاف مجلة الفاين لاين النسوية

فاين لاين النسوية / نور سريب:

 

لا يخلو مجتمعنا اليمني المعاصر من الشخصيات النسوية الشابة المتميزة بحضورها رغم الصعوبات ، العديد من النساء ناضلن ومستمرات في نضالهن لدعم النساء الأخريات اللاتي بحاجة للدعم ، سنبحر اليوم في حياة شابة مثابرة مزجت الفن بقضايا الحقوق وقصص النساء بشكل خاص انطلقت من داخل البلد إلى خارجه لتبني جسور من المناصرات والحملات والمواقف الداعمة للنساء ، سجلت موقفاً إنسانياً مشرفاً من  خلال رسمها ونحتها لمجسمات تحمل قصص النساء ، شاركت في تصميم معرض في متحف دليتش في لندن .

 

اجرى الحديث  / نور سريب : 

 

= مرحبا أستاذة رشا عبيد أولاً أنقل لك تحية من طاقم مجلة الفاين لاين النسوية ، وسعداء لكونك معنا في العدد الثالث .. هل يمكننا أن نعرف القراء من هي رشا بشكل أدق ؟ 

 

* أولاً شكراً لكم ولاهتمامكم وأسعدني تواجدي بينكم في مجلة الفاين لاين النسوية ، أنا رشا عبيد باصبيح نحاتة وزميلة زائرة في مركز لندن للاقتصاد - مركز المرأة والسلام والأمن. نشطت مع مبادرة مسار السلام منذ العام 2017م ، وحصلت على منحة تشيفنينج حيث نلت درجة الماجستير في الإنعاش بعد الحرب من جامعة يورك ، المملكة المتحدة ، وأيضاً حصلت على درجة الماجستير الثانية في علوم الاقتصاد والقهوة من جامعة أوديني في إيطاليا ولدي زمالة مع مؤسسة إيلي ، كما عملت لدى وزارة حقوق الإنسان اليمنية ، واللجنة الوطنية للمرأة ، ومنظمة العفو الدولية ، كما خضت تجربة كتاجرة قهوة لدى شركة تجارية رائدة ومؤسسة اجتماعية في المملكة المتحدة تركز أبحاثها ومناصرتها على مكافحة العنف القائم على النوع الاجتماعي وتمكين المرأة في المجتمعات الريفية والزراعية من خلال التعليم والوصول إلى الأسواق .

 

كيف كانت بدايتك مع الرسم والنحت ؟=

*بدأت الرسم في مرحلة الطفولة حيث شاركت في معارض مدرسية بعدة رسومات ولوحات وكنت استثمر فراغي بالرسم خاصة رسم الأشخاص والنحت بأدوات بسيطة .

من ثم التحقت بجامعة دمشق و بدأت رسم اللوحات الزيتية وهناك قمت ببيع لوحتين في إحدى المعارض في دمشق بالإضافة لتطوعي برسم جدارية في أحد دور الأيتام بمدينة دمشق سنة 2008م .

 

=بعد النجاح والتخرج من جامعة دمشق كيف كانت عودتك إلى اليمن ؟

*عند عودتي إلى اليمن واجهت صعوبة في عرض لوحاتي بسبب النظرة الاجتماعية للمرأة في مجالات الفنون الجميلة بسبب قلة تواجد المعاهد ، حاولت الالتحاق والتواصل مع فنانين يمنيين ولكن النظرة الاجتماعية صعّبت علي أن أستمر فبقيت أرسم لوحدي في بيتي.

 

=رشا كان لك دوراً فعالاً من خلال عملك في إدارة المرأة بوزارة حقوق الإنسان ، حدثينا عن تلك التجربة ؟

*كانت تجربة جيدة جداً ، أثناء عملي في إدراة المرأة بوزارة حقوق الإنسان كنت أحرص على إشراك فنانين من عدة مجالات في الأنشطة التي أعمل على تنفيذها حيث تم دعوة تشكيليين شباب في عدة مشاريع منها يوم المرأة العالمي للتحدث عن واقع النساء في بلدنا بلغة أخرى قد لا تصفها الكلمات وأيضاً تنفيذ أغاني توعوية للحد من تزويج الصغيرات .

 

بعد الامتزاج بالعمل في إطار إدارة المرأة كيف تفرغتي مجدداً للفن والرسم والنحت ؟

الفن في قلبي ولم أتوقف رغم الصعوبات ، فعندما غادرت إلى بريطانيا استأنفت نشاطي الفني بالمشاركة في الأنشطة الفنية إلى أن سافرت إلى إيطاليا ومكثت لفترة في مدينة فينيسيا في 2018م وقررت هناك أن أحترف الفن التشكيلي فالتحقت بعدة مدارس وشاركت في معارض إحداها كانت مشاركتي في تصميم معرض في متحف دليتش في لندن - حيث يعد أقدم متحف فني عام في إنجلترا -  كان المعرض الذي شاركت بإعداده يتحدث عن الهجرة واللجوء عن طريق عكس لوحات القرن ال 17 على هذه المواضيع.

 

 

 ماهي أكثر المواقف التي تمنيتي لو أنك تستطيعين تجسيدها بلوحة أو تمثال؟=

*قمت بتقديم مقترح مشروع كجزء من دراستي في الجامعة لعمل تمثال في أحد دورات مدينة عدن لشخصية نسائية من مدينة عدن  ترمز للدور الريادي للمرأة في اليمن في بناء السلام حيث استلهمت الفكرة من قصص  النساء اللاتي قمن بأعمال بطولية خاصة في عدن خلال فترة الحرب عام 2015م.

 

=برأيك مالذي ينقص الفنانين في بلادنا كي يسطع نجمهم؟

*للأسف ينقص الفنانين اليمنيين الكثير بدءًا من وجود معاهد متخصصة في كل مجالات وأنواع الفن التشكيلي من نحت وتجسيم بواسطة الطين أو الشمع والرسم بالألوان الزيتية والأكريليك  والنقش والحفر على الحجر والمعادن والخشب وغيرها وانتهاءً بتوفر هذه المواد في البلاد . أيضاً الدولة تتحمل جزء من المسئولية في ضرورة دعم الفنانين عن طريق إدماج مادة الفنون الجميلة في المناهج المدرسية والجامعات كاختصاص علمي وليس كهواية فقط  والاعتراف بالفنون كعلم بحيث يحصل الطلاب على منح دراسية في الفنون التشكيلية خارج البلد أيضاً توفير مساحات آمنة للفنانين من خطر المتطرفين بالأخص النساء الفنانات.

 

شاركينا أبرز التحديات التي واجهتيها في عملك الفني و الحقوقي؟=

*أغلبنا كنساء  فنانات أو ناشطات أو حتى من يعملن في المجال العام حيث يعيش معظمهن في ظروف بالغة الصعوبة داخل البلاد وخارجها فنحن عرضة دائماً للقمع والتهديد خاصة اللاتي يضطررن للعودة لليمن حيث يكون مصير الكثير منهن الاختفاء أو القتل أو الاعتقال أو الابتعاد تماماً عن مجال عملهن حيث أن البيئة غير آمنة للنساء وأغلب الأعمال محتكرة من قبل الرجال كون المجتمع يمتلك تصور محدود لدور وقدرات المرأة بالإضافة إلى خوف الأهالي بسبب تدهور الوضع الأمني والذي انتقل للفضاء الإلكتروني حيث تتعرض النساء لنفس ما تتعرض له في أرض الواقع .

في الجانب الفني كان التحدي نتيجة للعادات والتقاليد والتطرف الديني الذي يرى رسم الأشخاص ونحت المجسمات يتنافى مع الدين ويستحق الهجوم والهدم والقمع وأحياناً الموت. ولهذا تمكنت أخيراً من أن أركز على الجانب الفني بعد خروجي من اليمن لتوفر الفرص والبيئة الآمنة والمشجعة لذلك.

 

ما العمل الفني الذي عملتيه من سابق وتتمني لو أنك تعيديه بصورة أكبر وأوسع ؟ =

*منحوتة لجدتي بالطين عندما كنت في إيطاليا وللأسف سافرت قبل إكمالها وقمت بإعادة العمل بالحفر على الحجر في بريطانيا ولكن لم يكتمل العمل أيضاً بداعي السفر. جدتي بالنسبة لي تمثل المرأة المكافحة التي جاءت من مجتمع محافظ  جداً في حضرموت وكانت تشجع العديد من الفتيات على التعليم والعمل وكانت من المحفزين لي بصورة خاصة أيضاً في المجال الفني حيث كانت هي أيضاً رسامة وعكست موهبتها في التطريز ومنها تعلمت أبجدية المفاهيم النسوية وضرورة أن نسعى لحقوقنا ومنها استلهمت قوتي للاستمرار في الكفاح من أجل حقوق النساء والفتيات ومنها أيضاً أدركت أن عملنا كنساء تكاملي سواء في نفس الجيل أو الجيل السابق عن طريق البناء وإكمال مسيرة النضال .

 

رشا من متابعتنا لحسابك ( @Obaid.rasha ) على  تطبيق الإنستجرام لاحظنا أن هنالك العديد من الأعمال ، حدثينا عن هذه الأعمال الفنية وارتباطها بشكل مباشر بحقوق الإنسان وحقوق المرأة ؟ وعن إصرارك على هذا العمل ؟

أغلب أعمالي الحالية تعبر عن المرأة وحقوقها سواء بالرسم أو النحت لمواضيع تهميش النساء وكفاحهن ضد القمع في مجتمعاتنا أو تجسيد مشاعرهن عن طريق رسم ونحت حركات جسد تعبيرية. أيضاً قمت برسم نساء ناشطات وحقوقيات ممن يعملن بصمت وتصويرهن بالطريقة التي أراهن بها والتي تتجاوز كونهن حقوقيات إلى كونهن نساء لهن تطلعات وطموحات وآمال وذاكرة مليئة بالإنجازات والإخفاقات في سنوات كفاحهن.

 

إلى جانب رسم ونحت مجسمات قصص النساء أعتبر تواجدي كامرأة يمنية في المجال الفني وإصراري على حقي في العمل في هذا المجال هي دعوة لخلق مساحات السلام في خضم العنف الذي تعيشه البلد. سواء كانت مساحة  التعبير عن السلام بشكل فني  بطريقة مباشرة عن الحقوق وتروي قصص أو تعكس ثقافتنا وإرثنا الحضاري الفني أو مجرد الفن من أجل الفن كرسم الطبيعة والزهور هي بنظري كفاح لاسترجاع مساحات الجمال والسلام والحق الإنساني في التعبير.

 

=المرأة اليوم فريسة الحرب  والعادات  والجهل .. برأيك هل تستطيع النخب الحقوقية النسوية من صنع فارق على أرض الواقع؟

*نعم بالطبع تستطيع واستطاعت النساء من النخب الحقوقية النسوية صنع فارق كبير عن طريق عملهن المستمر في قضايا متعددة نسوية تهتم بحقوق المرأة  والفتاة  والمجتمع بشكل عام وأدعوا النخب الحقوقية والسياسية النسوية لدعم النساء في مجالات أخرى  كالجانب الثقافي.

 

=أخيراً أستاذة رشا وصلنا لختام لقائنا .. ماهي رسالتك التي تودي إيصالها للنساء من خلال الفاين لاين ؟

*أود أن أقول للنساء وخاصة الشابات من خلال – مجلة الفاين لاين - أن يتبعن طموحهن في كل المجالات فلا توجد مجالات محصورة على النساء فقط  فيجب عليهن  ألا  يرضخن  للقوالب التي رسمها  المجتمع  وأن الحل  الوحيد  للتغيير والحصول على حقوقهن هو بانتزاعها والعمل على تعزيزها.

 

 

تنبيه : هذه المادة الإعلامية خاصة بمجلة (FINE LINE) النسوية "الخط الناعم" الصادرة عن مؤسسة أكون للحقوق والحريات ، و صحيفة الوطن توداي تعيد نشرها  بعد أخذ الموافقة بذلك من رئيسة المؤسسة لينا الحسني.