كيف أثرت الحرب على الروائيات الشابات في اليمن؟
“منصتي 30” تسلط الضوء على أبرز الروائيات والقاصات اليمنيات الشابات اللائي حققن إنجازات أدبية من خلال أعمالهن السردية، وللحديث عن تجاربهن وعن العلاقة الرابطة بين الحرب والإبداع.
قصة من الحرب
“إيمان المزيجي، نوارس اليزيدي، يسرى عباس، نوال القليسي، غدير الرعيني، ياسمين الآنسي، رانيا عبدالله، هبة الطيار”، هن أبرز الروائيات والقاصات اليمنيات الشابات اللواتي جذب إنتاجهن السردي في القصة والرواية الكثير من الناس، منذ اندلاع الحرب الحالية، إذ أن بعضاً من تلك الأعمال الأدبية نجحت في نقل الصورة الحقيقية لواقع الحرب في اليمن وتأثيراتها على قضايا وطموحات الشباب. كما يرى كبار المتخصصين في أدب الرواية والقصة في اليمن خلال أحاديثهم لـ”منصتي 30”.
بعد عامين من اندلاع الحرب حَلّقت الثلاثينية إيمان أحمد المزيجي، بإبداعها حينما كتبت قصتها القصيرة ضمن كتاب ضم 15 كاتب وكاتبة تحت عنوان “بين حب وحرب”، سردت فيها القاصة المزيجي المولودة في مدينة ذمار، تأثير الحرب على حياة المجتمع، وقاد نجاح المزيجي في قصصها، إلى مشاركتها للكتابة في مجموعة قصصية معنونة بـ “بوح” ضمت نصوصاً لعدد من كتاب القصة القصيرة لعام 2021.
وتوجت المزيجي إبداعاتها من خلال حصولها على المركز الثالث عربياً في مسابقة القصة القصيرة جداً للرابطة السورية.
في حديثها لـ”منصتي 30″، تقول إيمان المزيجي، «الحرب بكل تداعياتها القاسية، كانت حافزاً لي من أجل الكتابة عن الجرح الذي ينزف من المواطن اليمني كل يوم».
ومن حاضرة حضرموت تستعيد مثقفات المكلا ألقهن في زمن الحرب، العشرينية نوارس اليزيدي واحدة منهن، إذ أنها نجحت في كتابة قصص وحكايات تحكي تحدي النساء لظروف الحرب القاهرة، ففي “قصة من زمن الحرب” سلطت اليزيدي الضوء على الظروف المعيشية للمواطن الحضرمي في زمن الحرب، قائلة في إحدى نصوص القصة «منذ بداية الحرب ونحن هكذا لا نعلم ما يجول في العالم حولنا، لا كهرباء ولا تلفزيون ولا إنترنت ولا تغطية للهاتف اللاسلكي، مدينتنا الساحلية تمر بمراحل شواء غير عادية لساكنيها أيضاً، فدرجات الحرارة هنا مرتفعة، لدرجة انعدام الحياة صباحاً وندرتها ليلًا، وأنا أحد أولئك السكان المستسلمين لما حولهم».
تشير نوارس، إلى أنها تقوم بكتابة عدد من يومياتها التي تستمد تفاصيلها من حوارات ولقاءات تجمعها مع الناس في الحافلات ووسائل المواصلات العامة، وتكتبها على شكل قصص منفصلة تنشرها في بعض الجرائد، وفي صفحتها الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”.
وقد لفتت القصص القصيرة التي نشرتها نوارس في السوشل ميديا، عدداً من القنوات الإذاعية والتلفزيونية في اليمن، حتى وصلت لها عروض بتحويل ما تكتبه إلى مسلسل إذاعي.
تقول نوارس لـ”منصتي 30″: «ربما قد لا تتجسد المعاناة في كثرة الألم لكنها تشكل بيئة خصبة للكُتاب ووقوداً يحركهم، وصاحب القلم بطبعه حساس ولديه القدرة على تطويع قلمه في الإحساس بالآخرين ونقل معاناتهم أو حتى توصيف ما يواجهه في واقعه كذلك».
قرارات الحرب
في العام الفائت بُـث مسلسل تلفزيوني على قنوات فضائية يمنية يحمل اسم “سد الغريب“، حصل المسلسل على إعجاب الكثير من المتابعين، ولفت نظرهم حول اسم “يسرى عباس” الشابة المنتمية لمحافظة المحويت، كاتبة سيناريو قصة المسلسل التي نجحت في جذب المشاهدين، والتي كان لها تجربة سابقة في ذات المضمار حينما كتبت سيناريو مسلسل “أشواق وأشواك” والذي بُث في الفضائية اليمنية.
ومن أعمال يسرى السابقة قصة فيلم “الحقيبة” الذي حصد جائزة من منظمة سراج، كما أن ليسرى قصص وكتابات سابقة في مجلة “المثقف الصغير” التي كانت تصدر من محافظة تعز.
في العام قبل الفائت صدرت عن دار نشر “مدارك” رواية “سبع نساء ونصف“، للروائية اليمنية سمية طه، المولودة في محافظة عدن، وتحكي الرواية التعنت والمعاملة الصعبة التي تتعرض لها النساء في زمن الحرب.
وفي غلاف الرواية كتبت سمية «لا تصنع النساء قرارات الحرب، ولا يتخذنها، لكنهن مجبرات دائماً على عيش تفاصيل الحروب، وتحمل آثارها إلى أسفل قاع ركام حجارة منازلهن المهدمة على رؤوسهن، وبعد انتهاء القتال يحملن مسئولية بث الحياة واستعادة مجاريها».
وكانت سمية قد أصدرت منذ مطلع اندلاع الحرب الحالية روايتها الملفتة “المشرحة“، وقد ضمت 112 صفحة من القطع المتوسط، وأنجزت من قبل الصندوق العربي للثقافة والفنون.
تأثير إيجابي
في خضم أحداث النزاع المسلح صدرت المجموعة القصصية الموسومة بـ “شرائط الساتان“، وفي غلاف الكتاب الذي يحوي بين دفتيه المجموعة القصصية، صورة لشاشة سلاح معد للقنص.
ويحمل الكتاب قصصاً معظمها طلقات متفرقة، ذات طابع سوداوي تحكي ما تعانيه الفتاة في اليمن سواءً كانت طفلة أو شابة، إضافة إلى أن الكتاب سلط الضوء على مسألة رؤية المجتمع اليمني للحب كعيب.
وبعد أشهر من إصدارها للكتاب اتهم نقاد القاصة “غدير الرعيني” المولودة في مدينة الحديدة، بأنها بالغت في تصوير نظرة المجتمع اليمني للحب، لكن غدير ردت في حديثها لـ”منصتي 30″،عليهم قائلة: «لا أعتقد بأن هناك إجابة مناسبة أكثر من القصص التي نعيشها اليوم في اليمن، والتي لا تخفى على أحد في ظل وجود وسائل التواصل الاجتماعي حتى وإن حاول بعض الشباب الانتصار للحب تظل أصواتهم خافتة ولا يمثلون سوى أقلية في المجتمع».
تكررت الكلمات والجمل الدالة على الملامح السوداوية المرعبة في المجموعة القصصية “شرائط الساتان” في دليل واضح على أن للحرب الحالية تأثير مباشر على طريقة سرد القاصة الرعيني، وهو الأمر الذي تؤكده غدير لـ”منصتي 30″، فالأدب من وجهة نظرها، مرآة المجتمع حتى وإن حاول الأديب فصل نفسه عن الأحداث المحيطة به، فالأحداث ترغب الكاتب الكتابة بحسها.
وتختم غدير حديثها «للأسف تمنيت ألا تكون مجموعتي القصصية بهذا القدر من السوداوية وبالأخص أن لا أكتب عن المرأة فأبدو كمتحاملة على الرجل وأتعرض لعدة انتقادات بأني من النساء اللواتي لا يخرجن من دائرة تصوير المرأة كضحية، لكني شعرت بالخزي وأنا أتنصل من ذاتي ووجعي ووجع الكثير من النساء اللواتي رأيتهن يعانين أمامي من الحرب ومن الظلم والتسلط والكثير».
في يونيو الفائت، صدر للقاصة خولة ألأسدي، المجموعة القصصية المعنونة بـ”موسيقى الساعة الثالثة” وهي أولى الإعمال المطبوعة لها عن دار اسكرايب المصرية للنشر والتوزيع، وكانت خولة قد حازت على جائرة مسابقة زمرة الأدب الملكية عن قصتها القصيرة “قصص من وحي الشعر“.
وبعيداً عن السياسة والحرب أصدرت الكاتبة الواعدة هبة الطيار، المتخرجة حديثاً من جامعة تعز روایة “لأجلك“، عن مؤسسة المعرفة للثقافة، وتعمل هبة حالیاً على إكمال الترتیبات الأخیرة لإصدار روایة “مثابرة” كما أن ھناك روایات للمؤلفة وھي تحت الطباعة منھا “عتمة الأحزان، أحلام جوریة، وشواطئ الذكرى” عملت عليها خلال زمن الحرب.
تقول رئيس دائرة المرأة في نقابة الهيئة العامة للكتاب، سهير السمان إن “هذا الكم من الإنتاج الأدبي لشابات يمنيات في زمن الحرب يدل على طاقة الإبداع القوية” وفي حديثها لـ”منصتي 30 ” تدعوا السمان الباحثين إلى إجراء دراسات علمية للبحث عن تأثير الحرب الإيجابي على الإنتاج الأدبي للقاصات والروائيات اليمنيات الشابات.
منصتي ٣٠