ولادة في الصحراء: ما يعشنه النازحات في اليمن

عبير محسن/ الوطن توداي :

مشيت وأنا حُبلى ما يقارب الشهر في الصحراء، ولم يكن معنا أحدًا من الرجال، مكثنا في عشش تحت شجر، وولدتُ هناك بعد مخاض استمر لثلاث أيام بين حر نهار الصحراء وعتاوة رياحها ليلًا ، ضلينا 13 يومًا قبل أن ننتقل إلى هذا المخيم حيث نعيش مع عدد من الأسر، يتبادل فيه الرجال ليلًا الحراسة.

نزوح عصيب

أم وليد الصحراء ليس الوحيدة التي تعيش في ظروف قاسية ونزوح مستمر، فاستمرار الاقتتال في اليمن والتصعيد، تشرد أكثر من أربعة ملايين مدني يعيش الكثيرون منهم الآن في مخيمات غير رسمية. ومن بين 7.3 ملايين يمني يحتاجون إلى مساعدة في المأوى والمواد غير الغذائية، يعيش ما يقرب من 2.9 مليون شخص في ظروف قاسية للغاية، 75 % منهم من النساء والأطفال بحسب الأمم المتحدة.

وقالت المنظمة الدولية للهجرة إنه مع النازحين الجدد، وهم يمثلون أعلى حصيلة شهرية تم تسجيلها حتى الآن هذا العام، يصل عدد الفارين إلى حوالي 170 ألفا من جراء القتال في مدينة مأرب وما حولها وكذلك محافظتين قريبتين، منذ بداية عام 2020.

وذكرت المنظمة الدولية للهجرة كذلك أن العديد من النازحين الجدد يعيشون في مخيمات للنازحين بمأرب، ما يفاقم أوضاع الاكتظاظ بالفعل.

وفق تقرير الظل لتحالف السيداو الذي عملت عليه أكثر من 60 ناشطة يمنية يمثلن أكثر من 50 منظمة غير حكومية، تنعدم الحماية للنازحات والمشردات واللاجئات، خصوصا في مخيمات النزوح ويتعرضن للعنف للتحرش والاغتصاب أو التهديد به، حيث أدى النزاع والتهجير القسري إلى تشرد ملايين اليمنيين في الداخل والخارج. وتأتي اليمن في المرتبة الرابعة عالمياً من حيث عدد النازحين البالغ 5.3 ٪ مليون نازح/ة، 83 % من النساء وأطفال/ات، ومنهم 53 %نساء وفتيات.

إمعان في التعذيب

تفرض جماعة أنصار الله "الحوثيين" منذ ما يزيد على 3 أسابيع حصاراً خانقاً على عشرات الآلاف من المدنيين في جنوب محافظة مأرب، الأمر الذي خلف أوضاعاً مأساوية إثر قيام الجماعة بإغلاق المنافذ المؤدية إلى مديرية العبدية، ومنعت خروج المدنيين أو دخول الإمدادات الغذائية والأدوية والوقود.

ومع اشتداد المعارك بين القوات الحكومية وجماعة أنصار الله "الحوثيين" في مديرية حريب المجاورة، أغلقت الجماعة الطرق المؤدية إلى مديرية العبدية من هذه الجهة، بعد أن أغلقت جميع الطرق المؤدية إليها من اتجاه محافظة البيضاء، وجعلت نحو 35 ألف نسمة يعيشون أوضاعاً مأساوية عجزوا خلالها عن إسعاف المرضى، بحسب مصادر محلية وحقوقية.

"ليس هنالك مواصلات، طرق أو سيارة حتى نذهب إلى أي مشفى لذلك ولدتُ في الصحراء، خفت كثيرًا ولم يكن المكان آمن على المستوى الصحي أيضًا ولدت ابني تحت شجرة!" هكذا قالت لي أم وليد الصحراء وأضافت لم أكن وحدي فهنالك عدة نساء ولدن مثلي في الصحراء، إحداهن موجودة هُنا، تسكن معي!

وفيات الأمهات اليمنيات من أعلى المعدلات في العالم، حيث تبلغ 148 حالة وفاة لكل 000.100 والدة حية، وتزداد في 39 الريف بمعدل 164 حالة وفاة مقابل 97 حالة في الحضر، بسبب الزواج المبكر والحمل المتكرر، والفقر والأمية بين النساء، ومحدودية الوصول لخدمات الرعاية الصحية وتنظيم الأسرة خاصة في المناطق الريفية ومناطق النزاع ومخيمات النازحين، كما أغلقت مراكز الأمومة والطفولة وخروج أكثر من 50%من 3506 40 مرفق صحي عن الخدمة بحسب تقرير الظل لتحالف السيداو.

خيبة أمل

في جميع تقارير فريق الخبراء البارزين طالبوا بشكل مستمر بإحالة ملف حقوق الانسان في اليمن للقضاء الدولي وورد ذلك ضمن توصياتهم المتكررة بالإضافة لتعزيز عدم الافلات من العقاب بالنسبة لمجرمي الحرب في اليمن والذين ارتكبوا جرائم جسيمة اضف انهم ذكروا ان جميع اطراف الصراع ملطخة ايديهم بدم اليمنيين دون استثناء ومع ذلك تم التصويت لرفض تمديد ولايتهم في اليمن مما يجعل ملف حقوق الإنسان في اليمن مهمل ويعزز من استمرار الجرائم المرتكبة ضد المدنيين من قبل جميع أطراف الصراع في اليمن، بينهن الجرائم المرتكبة بحق النساء اللاتي يعيشون أوضاع صعبة للغاية في مختلف المناطق، باعتبارهن أكثر الفئات المستضعفة في اليمن.

عبرن الناشطات اللاتي شاركن في إعداد تقرير الظل لتحالف السيداو عن خيبة آمالهن من مواقف المجتمع الدولي حول قضية اليمن، خصوصًا بعد التصويت لرفض تجديد ولاية الخبراء البارزين في اليمن في مجلس حقوق الإنسان الذي انعقد مؤخرًا في جنيف، وتقول أمل باشا رئيسة منتدى الشقائق العربي أن رفض تمديد ولاية الخبراء هي كارثة بكل المعاني، ومجلس حقوق الإنسان خذل اليمن في المجلس تغلبت السياسة على الحقوق والافلات من العقاب على المسائلة.

وتؤكد على ذلك المحامية والناشطة هدى الصراري رئيسة مؤسسة دفاع للحقوق والحريات، في ظل تعطل القضاء الوطني وتشتته بين سلطتي المناطق المحررة و المناطق تحت سيطرة الحوثيين ترفع من سقف مطالبنا كمنظمات مجتمع مدني في تبني احالة ملف حقوق الانسان في اليمن للقضاء الدولي خاصة مع تعثر البت في ملفات انتهاكات حقوق الإنسان المحالة من قبل اللجنة الوطنية للتحقيق والتحديات التي تواجه عودة عمل القضاء في المناطق المحررة ، الجدير ذكره ان محاربة ومقاطعة الالية الدولية المنبثقة عن مجلس حقوق الانسان ليس في صالح الضحايا وملف حقوق الإنسان في اليمن لكن للأسف هناك بعض المحسوبين على العمل الحقوقي والدخلاء الذين خلطوا الملف السياسي مع حقوق الإنسان ويصفقوا لإنهاء ولاية فريق الخبراء بالرغم من ان الفريق لم يمنع اي ضحية او منظمة مجتمع مدني من ارسال اي انتهاكات لرصدها وتوثيقها علما أن الفريق في الآونة الأخيرة بدأ يستوعب المآخذ والملاحظات الموجهة لتقويم عمله والتنسيق مع كافة المنظمات في الجمهورية اليمنية. تضيف الصراري، حقيقة أشعر بانتكاسة حقيقية للمسار الذي يؤخذ اليه ملف حقوق الإنسان في اليمن نظرا لتعدد أطراف الانتهاكات و اطالة امد الحرب وارتفاع اعداد الضحايا المدنيين وتوسع رقعة الصراع في اليمن .

التوصيات المقترحة

طالبن الـ 60 ناشطة اللاتي عملن على إعداد تقرير الظل لتحالف السيداو بالعديد من التوصيات وكن يأملن أن يتم الإستجابة ولو بالحد الأدنى للقضايا العاجلة ومن أبرز هذه التوصيات:

● على مجلس الأمن الضغط على اللاعبين الدوليين و الاقليميين لوقف إشعال وتغذية الحرب وصولاً لاتفاق وقف إطالق النار وإحلال السالم الدائم والشامل والعادل

● امتناع الدول عن بيع وإمداد الأسلحة لأطراف النزاع تنفيذاً لاتفاقية تجارة الأسلحة.

● إحالة ملف اليمن لمجلس الأمن بشأن الجرائم التي ترقى الى مستوى جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب،

#YemenCEDAW

#CEDAW80thSession

#CEDAW80