التكنولوجيا تلحق الضرر بالنساء... 'اليمن بحاجة إلى قانون لحماية البيانات الخاصة'

الباحثة في القانون الجنائي بكلية الحقوق جامعة عين شمس

نور سريب / وكالة أنباء المرأة :

تطورت التكنولوجيا وأصبحت احتياج هام في حياتنا ولم يتوقف الأمر حد الإيجابيات بل أصبحت أيضاً وسيلة لإلحاق الضرر بالآخرين، حيث يعد التنمر الإلكتروني من الجرائم التي ذاع صيتها في الأوساط اليمنية.

 

حملات التنمر تستهدف النساء

 

وفق بيان الأمم المتحدة فأنه خلال فترة استغرقت أربع سنوات، وبعد تحليل 19 مليون تغريدة، وجد تقرير "Ditch the Label and Brandwatch" أن هناك ما يقارب من 5 ملايين حالة من حالات كراهية النساء على تويتر فقط، وقد تبين أن 52 بالمئة من إساءات كره النساء المسجلة قد كتبت بواسطة نساء، وغالباً ما استهدفت المظهر والذكاء والتفضيلات الجنسية للنساء الأخريات.

وفيما يتعلق باليمن أفادت الباحثة في القانون الجنائي بكلية الحقوق جامعة عين شمس هبة عـيدروس أن غالبية ضحايا التنمر هن من النساء المدافعات عن حقوق الإنسان والناشطات المجتمعيات والصحفيات وحتى المحاميات، حيث تظهر حملات تنمر منظمة من جهات مجهولة على مواقع التواصل الاجتماعي لاستهداف تلك الشخصيات والتشهير بهن ونشر الإشاعات عنهن بهدف إلحاق الضرر بهن والضغط عليهن لإيقاف نشاطهن.

وحول موقف القانون اليمني من تلك الجرائم بينت أن "الهوّه تتسع بين القوانين الجنائية اليمنية وتطور الجريمة من ناحية والتشريعات الجنائية العربية من ناحية أخرى، وتعد الحرب القائمة في بلادنا حتى اليوم أحد أهم أسباب تأخر اليمن عن اللحاق بركب التطور التشريعي والحماية من الجرائم الحديثة، ونجد في الوقت الراهن انتشار مصطلح التنمر الذي تعددت تعريفاته لتشمل جملة من الأفعال التي تٌشكّل في الأساس جرائم مختلفة ومستقلة بذاتها وفق القانون الجنائي اليمني رقم (12) لعام 1994، حيث انتقل التنمر من كونه سلوكاً لفظياً أو فعلياً على أرض الواقع إلى سلوك في البيئة الرقمية وأطلق عليه وصف التنمر الرقمي أو الإلكتروني".

وعن صور التنمر قالت "يتخذ التنمر الرقمي صوراً وأشكالاً مختلفة كالرسائل البذيئة، والتهديد، وإفشاء الأسرار الخاصة، ونشر الصور والفيديوهات والتعليق عليها بشكل ساخر أو الحط من قدرة الضحية المستهدفة وغيرها".  

وعن مسؤولية المتنمر الجنائية بموجب القانون أوضحت "تقوم المسؤولية الجنائية تجاه مرتكب جريمة 'التنمر الرقمي' عند توافر العناصر التي تتكوّن منها هذه الجريمة وهي 'وجود فعل عمدي، وتوافر القصد الجنائي بالحاق الضرر بالضحية'، ويتطلب قيام المسؤولية في هذه الجريمة أيضاً أن يمارس الشخص المتنمر الفعل والقصد بصورة متكررة بحيث يحدث بسلوكه تأثيراً في نفس المجني عليهم بواسطة وسيلة تقنية أياً كانت مثل الحاسبات والهواتف المحمولة أو غيرها".

وأضافت "وإذا عدنا إلى هذا المصطلح المستحدث 'التنمر الرقمي' سنجده مصطلحاً مطاطاً غير واضح ودقيق في اللغة والقانون، بالإضافة إلى أنه لم يرد في قانون الجرائم والعقوبات اليمني النافذ باعتباره قانون يختص بالجرائم التقليدية الذي هو في الأصل بحاجة ماسة لتعديل العديد من نصوصه وإضافة نصوصاً جديدة تتواكب مع الواقع الجنائي والتطور التشريعي والعلمي".

وطالبت الباحثة هبة عيدروس بإجراء تعديلات على القانون الجنائي بشقيه الإجرائي والموضوعي تراعى فيه الظروف المصاحبة للواقعة الجنائية كحالة الحرب والسلم بالتشديد والتخفيف في العقوبة، وإلى تشريع جنائي خاص بمكافحة جرائم تقنية المعلومات سواء كان بصورة مستقلة أم كجزء آخر لقانون الجرائم والعقوبات يسمى بـ "جرائم تقنية المعلومات" كي يتسنى للمشرع والقضاء توفير الحماية الكافية للحقوق والحريات والمصالح العامة والخاصة، وتمكين الأفراد من الدفاع عن حقوقهم الأصيلة المكفولة. بالإضافة إلى تشريع قانون آخر أصبح من الأهمية والضرورة أن يُصدر في ذات الوقت الذي سيصدر فيه القانونين المذكورين ألا وهو "قانون حماية البيانات الشخصية" لمستخدمي شبكات الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، فالبيانات الشخصية قد يتم استغلالها في ارتكاب الجرائم ضد الضحايا بأشكال وصور مختلفة، ولولا هذه البيانات لما استطاع كثير من المتنمرين أن يمارسوا أفعالهم على كثير من الضحايا وفي مقدمتهم النساء.

واختتمت الباحثة في القانون الجنائي بكلية الحقوق جامعة عين شمس هبة عيدروس حديثها بالتأكيد على أنه "من أجل توفير حماية أكبر للنساء والأطفال من العديد من الجرائم الرقمية التي تستخدم فيها وسائل وبرامج تقنية حديثة ينبغي أن تفرد نصوصاً قانونية تشدد العقوبة على مرتكبيها في حالة وقوعها على امرأة أو طفل، وتجريم حيازة أي شخص دون وجه حق لبيانات شخصية حساسة للمرأة أو الطفل في غير الأحوال أو الاستثناءات التي تجيز حيازتها والاحتفاظ بها كأن تكون جهات رسمية ينص عليها القانون صراحة أو شركات مرخصة لها لغرض التجارة الإلكترونية".