البواسير لدى النساء.. مرض ظاهره العيب وباطنه الألم

أمل وحيش :

 

يُعد مرض البواسير من المشكلات الصحية الشائعة التي يعاني منها كلا الجنسين، إلا أن معاناة المرأة تتضاعف نتيجة عوامل عدة، أبرزها الحرج الشديد من مواجهة المرض والبحث عن علاج له لدى طبيب مختص. ما يضطر المرأة لتحمل الألم لسنوات طويلة والتعايش معه باستخدام مهدئات يصفها أصحاب التجارب أو الصيدلي.

سنوات طويلة ظلت (أم حازم)، اسم مستعار من ريف منطقة الحجرية بتعز، تعاني من مرض البواسير. ونتيجة للظروف المادية السيئة التي تمر بها، إضافة إلى صعوبة الخروج من القرية إلى المدينة للكشف لدى طبيب مختص، تفاقمت حالتها حتى أصبح الألم مصاحبًا لها يوميًا. وأصبح لزامًا إجراء عملية جراحية نتيجة النزيف المتكرر الناتج عن وصول حالتها للدرجة الرابعة من المرض، ما يعني ضرورة التدخل الجراحي، لكنها لم تستطع تحمل تكاليفه. فلجأت إلى الوصفات الشعبية كالصبار والخلطات التي تصنعها بعض النساء دون معرفة مكوناتها، ولكن الأهم بالنسبة لها هو تخفيف الألم ولو بشكل مؤقت.

 

عشر سنوات من الألم

"من شدة الألم، خاصة لما أكون حامل، أحط رأسي تحت المخدة وأغطيه بالبطانية وأصيح بكل قوتي"، قد يظنه البعض ألمًا عاديًا، لكن (أم إيمان) من صنعاء تقول إن ألم البواسير لديها بلغ ذروته. وهي تعاني منه منذ أكثر من عشر سنوات، إذ بدأ المرض عندها منذ ولادتها الأولى. كانت تظنه أعراضًا عادية مصاحبة للحمل، لكنه تطور وزاد عامًا بعد عام حتى بدأت تعاني من نزيف من المستقيم. زارت طبيبة نساء وولادة، التي وصفت لها مراهم مهدئة وأخبرتها بضرورة إجراء عملية جراحية. وعن سبب إهمالها لحالتها، تقول (أم إيمان) إن زوجها في بداية المرض طلب منها زيارة الطبيبة، لكنها رفضت. ترى أن الأمر محرج للغاية، خاصة إذا كان الكشف لدى طبيب ذكر. تضيف أنه لا توجد طبيبات مختصات لديهن خبرة كافية لتشخيص حالتها.

 

ثقافة العيب

نظرة المجتمع لمرض البواسير تعتريها الحرج والعيب، إذ يُعتبر الكشف عن الألم في منطقة حساسة أمرًا صعبًا. هذا ما يعوق العلاج المبكر، سواء للذكور أو الإناث، إلا أن النساء أكثر تضررًا بسبب هذه الثقافة. تؤكد ذلك (أم عبدالله)، اسم مستعار من إب وأم لخمسة أطفال، قائلة إن زوجها يمنعها من زيارة الطبيبة، مبررًا أن الحديث معها عن مرضها يُعد عيبًا. تضيف: "كلما تألمت، خاصة في فترة الحمل والولادة، يحضر لي زوجي مراهم من الصيدلية مدعيًا أنها له لأنه يحرج من أن يقول إنها لزوجته". وما يزال زوج (أم إيمان) يرفض ذهابها إلى طبيب مختص، ما يجعلها تلجأ في كل مرة إلى وصفة جديدة أو مرهم متداول بين النساء المصابات بالبواسير.

 

ما هي البواسير؟

يُعرف مرض البواسير بأنه أوردة دموية متدلية من فتحة المستقيم، ودرجاته تتراوح بين الأولى إلى الرابعة. وأغلبية المرضى يعانون من الدرجة الأولى، بحسب استشاري جراحة البواسير والنواسير الدكتور ذي يزن المريش، الذي يوضح أن المرض ليس خطيرًا، لكنه مزعج، ومع ذلك فإن علاجه سهل وممكن.

 يضيف المريش أن أهم أسباب المرض هي الإمساك، والجلسات الطويلة كجلسات القات أو العمل المكتبي، كما أن الحمل يشكل ضغطًا على الأوعية الدموية، ما قد يتسبب بظهور البواسير. كذلك يؤدي حمل الأشياء الثقيلة وزيادة الوزن إلى تفاقم المشكلة. يشير إلى أن أغلب الحالات تتحسن باستخدام الأدوية، بينما بعض الحالات تستدعي التدخل الجراحي إذا كان هناك نزيف متكرر.

 

آثار جانبية

يلجأ بعض المرضى إلى المعالجين الشعبيين ظنًا منهم أن ذلك سينهي المشكلة، إلا أن النتيجة تكون عكسية غالبًا. حذر الدكتور المريش من الانجرار وراء دعاة الطب الشعبي، مستشهدًا بحادثة لشابة أُصيبت بالناسور المهبلي وتعرضت لعاهة مستديمة بعد معالجة خاطئة.

 يوصي الدكتور المريش بالحفاظ على نمط غذائي صحي وتجنب مسببات الإمساك، مع ممارسة الرياضة وعدم الجلوس لفترات طويلة. يحذر من استخدام الأدوية دون استشارة الطبيب، لأن بعض الحالات قد تكون أورامًا داخلية يتم تشخيصها خطأ على أنها بواسير، ما يؤدي إلى تفاقم الوضع.

 

أهمية العلاج المبكر

تؤكد التقارير الطبية أن تأخير العلاج بسبب الحرج يؤدي إلى تفاقم المشكلة. وضرورة الكشف المبكر والتخلص من ثقافة العيب تُعد الخطوة الأولى في تحسين حياة المريضة وتجنب المضاعفات. يشدد الدكتور المريش على ضرورة وجود مختصين لتشخيص الحالات بدقة وتوفير العلاج اللازم.

مرض البواسير يُحيل حياة الكثير من المرضى، خصوصًا النساء، إلى معاناة يومية. ولذلك، لا بد من التوعية بأهمية العلاج المبكر وخلع ثوب الحرج لتجنب تفاقم الحالات الصحية.

 

نُشرت هذه المادة في منصة هودج، صحيفة الوطن توداي تعيد نشرها بناء على مذكرة تفاهم مشتركة تتعلق بنشر المواد الصحفية التي يتم إعدادها في إطار مشروع "يمانيات".